يحظى الوضع السوداني باهتمام دولي متعاظم مع توقعات تتراوح بين التشاؤم والتشاؤم الشديد، وهذه التوقعات سائدة حتى بين السودانيين أنفسهم، حيث يتحدث الكثيرون عن قرع لطبول حرب يتناهي إلى مسامعهم .. ولو من على البعد.. وبالنسبة للمحيط الأفريقي، فإن وسائل الإعلام في القارة تتناول ما يحدث ربما بشيئ من السطحية ونقلا عن مصادر غربية، واحيانا من خلال تبنى وجهات نظر الآخرين، وهذه حالة أفريقية عامة، تعكس غياب التواصل النشط بين أجزاء ومكونات القارة سياسيا واجتماعيا وفكريا.. ففي عددها لشهر أكتوبر اهتمت مجلة ( افريكا كونفدنشيال) بالتطورات التي تسبق الاستفتاء مشيرة إلى أن غيوما كثيفة تخيم على سماء العلاقات بين الخرطوموواشنطن.. وسنحاول هنا استعراض بعض مما ذكرته المجلة، خصوصا وأنه يعكس جانبا من آراء أفريقية تجاه ما يجري في السودان، وبالذات في هذه الفترة التي تسبق الاستفتاء، وقد عنونت المجلة مقالها ب ( طلاق في نيويورك).. في اشارة إلى الزخم السياسي الغربي المساند لخيار الانفصال، وحديث النائب الأول سلفاكير صراحة عن استفتاء يقود إلى ( استقلال) جنوب السودان، على حد تعبيره. تقول المجلة: بعد أيام من اجتماع نيويورك بشأن السودان في 24 سبتمبر، زار وفد مجلس الأمن جوبا والفاشر والخرطوم، بقيادة مندوب بريطانيا في الاممالمتحدة سير مارك جرانت، ونظيرته الامريكية سوزان رايس، وسط اشارات لا تخفى عن العودة للحرب بسبب الاستفتاء في يناير المقبل. ووفقا للمجلة فإن الجولة قصدت توجيه رسالة قوية لأي محاولة من الخرطوم لعرقلة الاستفتاء في الجنوب وفي أبيي.. ونسبت أفريكا كونفدنشيال إلى دبلوماسيين وسياسيين في نيويورك، لم تسمهم، قولهم أن سيناريوهات النزاع المحتملة تتمثل في هجوم تشنه الخرطوم عبر الحدود التي لم يتم ترسيمها بعد، مع التركيز على أبيي، أو دعم مليشيات لقلقلة سلطة رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت. وتضيف أن السودان أصبح حاليا أولوية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة بعد افغانستان والعراق، وتتبنى بريطانيا التي تقلدت رئاسة مجلس الأمن مؤخرا، ذات النظرة، ولو أن بريطانيا، تحت حكم المحافظين، نشطت في مجال توثيق الروابط التجارية مع عدة دول أفريقية، بما فيها السودان، باستثناء زيمبابوي، ففي 29 سبتمبر الماضي تم في لندن تنظيم لقاء حول ( الفرص الاستثمارية في السودان) تحت رعاية السفير البريطاني لدى الخرطوم نيكولاس كاي ووجهت الدعوات إلى قياديين من حزب المؤتمر الوطني في لندن، وبينهم السفير السوداني عبد الله الأزرق، وفي يوليو الماضي أعلن المسؤول في الخارجية البريطانية هنري بلنجاهم عن رغبة بلاده في الاستثمار بالسودان، نائيا ببلاده، بذلك، عن العقوبات التي تفرضها واشنطن على السودان. وتضيف المجلة أنه بينما شدد الرئيس الامريكي باراك اوباما، في اجتماع نيويورك، على أن بلاده ستضغط من أجل قيام الاستفتاء في الموعد المحدد في التاسع من يناير المقبل، فإن الصين تعمل جاهدة من أجل الترويج لتأجيل موعد الاستفتاء أو على الأقل الوصول إلى اتفاق بشأن فترة انتقالية بين اجراء الاستفتاء وتحقيق الانفصال، وبذات الطريقة التي يفكر بها ثابو مبيكي رئيس جنوب أفريقيا السابق. ويقول مسؤولون صينيون أن انفصالا للجنوب في الظروف الحالية سيكون بمثابة شرارة لأزمة سياسية وأمنية، إن لم نقل أنها ستشعل حربا ستدمر مصالح الجميع ( بما في ذلك الصادرات النفطية إلى الصين)، وترى المجلة أن الرؤية الصينية تسقط عن الاعتبار المآلات المترتبة على عدم اجراء الاستفتاء. وتضيف المجلة إلى ذلك القول: أن الجنوبيين في الشمال والذين يقدر عددهم بحوالي الأربعة ملايين ( معظم الاحصاءات السودانية تقول أنهم لا يتجاوزون المليونين)، ومعظمهم في العاصمة معرضون لأخطار العنف.. وزعمت أن أجهزة الإعلام الرسمية تردد أن الجنوبيين غير مرحب بهم في الشمال، وأنه ينبغي ترحيلهم إلى الجنوب، ونسبت إلى منظمة للاجئين قولها أن موجة من الانتقام من الجنوبيين ستندلع في الشمال إذا تم قتل أي شمالي في الجنوب.. وعن اجتماع نيويورك ايضا تقول المجلة: أن الولاياتالمتحدة اظهرت دعما كبيرا لحكومة جنوب السودان، وأن تأكيدات سلفا كير حول التمسك بتاريخ الاستفتاء في التاسع من يناير، قوبلت بترحيب شديد من قبل معاهد الرأي مثل مجلس العلاقات الخارجية والمعهد الدولي للسلام، وذلك على الرغم من تأكيدات سلفا كير في اجتماع نيويورك أنه لن يتم الاعلان عن ( الاستقلال) من جانب واحد، بينما يتوقع جنوبيون أن تقوم حكومتهم بذلك إذا أقدمت الخرطوم على عرقلة الادلاء بالأصوات في الاستفتاء..