رجحت الولاياتالمتحدة تأجيل استفتاء الجنوب المقرر له يناير المقبل لاسباب سياسية ولوجستية، وأفادت مصادر أميركية رسمية بان اقمارا اصطناعية تراقب تحركات القوات المسلحة والجيش الشعبي على الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب. وأيد المبعوث الاميركي السابق للسودان اندرو ناتسيوس، فرضية تأجيل الاستفتاء، داعيا بلاده لتوجيه ضربة جوية للسودان حال عرقلته، وقلل من فرص اندلاع حرب بين الطرفين، ونبه الى مخاوف للرئيس عمر البشير من انقلاب جهاز الأمن عليه. وفي المقابل، اعتبر المؤتمر الوطني، التوقعات الاميركية لتأجيل الاستفتاء، بداية لقراءة صحيحة من واشنطن، ووصف المسؤول السياسي للمؤتمر الوطني البروفيسور ابراهيم غندور ل«الصحافة»، الحديث عن مخاوف البشير من جهاز الأمن بالخيالات، قائلا ان الرئيس لا يفرق بينهم «كجياشة وأمنجية» ، ولم يستبعد تجسس الاقمار الاصطناعية على الحدود، وعد الامر دليلا على ان الجيش لم يتجاوز حدود الاول من يناير 1956م. وأفاد مصدر في وزارة الخارجية الاميركية، إنه يعتقد أن أقمار تجسس فضائية أميركية تراقب الحدود بين شمال وجنوب السودان، توقعا لتحركات من قوات الجانبين، مع تصاعد التوتر بين الطرفين قبيل الاستفتاء. ونقلت «الشرق الاوسط» عن مصدر في الخارجية الأميركية ، قوله «لست متأكدا مما يحدث على الحدود بين الشمال والجنوب، لكنى متأكد من أننا نملك وسائل للتأكد مما يحدث هناك، تقدر أقمارنا الفضائية التجسسية على معرفة كل تفاصيل ما يحدث»، لكنه رفض الخوض في التفاصيل، واضاف ان «الوسيلة الوحيدة لنعرف الحقيقة هي استعمال قدراتنا الفنية والتكنولوجية، ونحن قادرون على ذلك، لكني لن أقول لك أي تفاصيل». من جانبها ، توقعت سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة، سوزان رايس، تأجيل استفتاء جنوب السودان بسبب وجود عقبات كثيرة. وقالت رايس في مقابلة مع تلفزيون «بي بي إس»، إن الاستفتاء في جنوب السودان ربما لن يجرى في موعده»، واضافت «الحقائق اللوجستية والسياسية توضح أنه من غير المؤكد أن يجري في وقته المحدد». وقالت رايس «هناك كم هائل من التوقع والترقب والقلق حول ما إذا كان الاستفتاء سوف يحدث في الوقت المحدد، وحول ما إذا كان سيتم احترام نتائجه»، مضيفة ان هناك الكثير من المتطلبات المعقدة، مثل ترسيم الحدود، واقتسام الثروة النفطية، ومصير أبيي، واكدت «نحاول أن نفعل كل ما في وسعنا، لكن، بصراحة، الوقت قصير، ونحن في حاجة إلى إحراز تقدم كبير قدر ما نستطيع، ولكن من دون شروط مسبقة». وردا على رفض مسؤولين سودانيين لتأسيس قوات الأممالمتحدة منطقة معزولة السلاح على طول الحدود بين الشمال والجنوب، قالت رايس إن القوات الدولية ستتمركز في مناطق معينة. وقالت «نعم، تتحرك قوات الأممالمتحدة، الموجودة أساسا في جنوب السودان، نحو الحدود، لا أعرف ما إذا كانت ستحتاج إلى قوات إضافية، لكننا ننتظر تقرير قوات الأممالمتحدة هناك، وسيناقش مجلس الأمن الموضوع»، وأضافت «قوات الاممالمتحدة لن تؤسس منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود، بل ستعسكر في مناطق معينة». من جانبه، نفى ناتسيوس، الذي عاد اخيرا من رحلة لجنوب السودان، أن تكون الحرب ما بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على الأبواب. واضاف انه ليس من مصلحة البشير الذهاب الى الحرب، رغم ان متشددين في المؤتمر الوطني يسعون للحرب، وزاد «اذا جلس البشير في السلطة لن تقع الحرب» ، ورأى ان قرار محكمة الجنايات الدولية ضد الرئيس البشير قرار سياسي، ولا يخدم قضية السلام في دارفور، قائلا «لا يمكننا أن نطالب بالسلام وتحقيق العدالة، إما سلام وإما عدالة». وحول علاقة البشير بالجيش وجهاز الأمن ،افاد ناتسيوس «ربما ينقلب الأمن على البشير، لكن الجيش لن ينقلب عليه». وأكد ناتسيوس، خلال ندوة نظمتها جامعة جورج تاون بواشنطن يوم الثلاثاء، ان الجنوبيين سيصوتون لصالح الانفصال بنسبة 90%، مستبعدا قيام الاستفتاء في موعده لاسباب تقنية. وأضاف «من الممكن تأجيله لعدة أسابيع وليس تسعة أشهر». ودعا ناتسيوس، الرئيس الاميركي باراك أوباما إلى توجيه ضربات جوية لحكومة الخرطوم في حالة عرقلتها للاستفتاء، لكنه استبعد في الوقت ذاته قيام الإدارة الحالية بتوجيه تلك الضربات. وفي معرض رده على سؤال ل«نيوميديانايل» بشأن الأزمة في دارفور، قال ناتسيوس ، ان الحكومة راغبة في الوصول الى حل سلمي، لكن الحركات المسلحة هي العقبة. وأضاف «عبد الواحد محمد نور مستمتع بمطاعم باريس ولا يريد السلام، بل يحاول اغتيال زعماء قبيلة الفور الذين يودون التفاوض والوصول الى سلام، وفيما يتعلق بخليل إبراهيم خليل فهو طيب وكان عضوا في المؤتمر الوطني، وإنشق عنه والأن دارفور تذهب في نفس منحي الجنوب». وقال المسؤول السياسي للمؤتمر الوطني البروفيسور ابراهيم غندور، ردا على حديث سوزان رايس عن وجود معوقات لوجستية وسياسية تمنع قيام الاستفتاء في موعده «ان الادارة الاميركية بدأت تقرأ الواقع بشكل صحيح»، وزاد «لكن اذا قالت رايس ذلك ام لم تقله نحن نلتزم بما تقره مفوضية الاستفتاء، ونطمع في اجراء استفتاء حر ونزيه». ونفي غندور ل«الصحافة» وجود صفقات بين الخرطوموواشنطن تقف خلف تصريحات الادارة الاميركية لتأجيل الاستفتاء . واكد التزام الجيش السوداني باتفاق السلام وتمركزه شمال حدود الاول من يناير 1956م، ولم يستبعد وجود اقمار تجسس اميركية تراقب المنطقة، واعتبر ان ذلك سيكون دليلا على ان الجيش لم يتجاوز حدوده التي اقرتها اتفاقية نيفاشا . وسخر غندور من حديث المبعوث الاميركي السابق اندرو ناتسيوس حول وجود مخاوف تحاصر الرئيس مصدرها جهاز الأمن ، وقال ان الرئيس هو المسؤول الاول عن الأمن والجيش وعن تعيين قادته وترقياتهم وعزلهم ، واضاف «لا اعتقد ان هناك من يقول ان الرئيس لا يأمن جهاز الأمن فهو لا يفرق بينهم كجياشة وأمنجية» ، واعتبر الامر مجرد خيالات لدى البعض. واستبعد القيادي في المؤتمر الوطني ان توجه الولاياتالمتحدةالامريكية ضربة للسودان عبر سلاح الجو، وقال «حاول من قبل ناتسيوس الكثيرون وفشلوا ومن بينهم رايس» ، واعتبر الحديث عن ان الجنائية محكمة سياسية ليس جديدا، مضيفا «يبدو ان ناتسيوس لم يأت بجديد ، ويتضح ان الرجل يعاني شللا في تفكيره».