والشمس تميل إلى المغيب خرج عادل من مكتبه الكائن ببري متوجها الى منزله في امدرمان حاملا ما جاء به رزق اليوم، واضاف اليه مبلغاً كان قد استدانه من احد اصدقائه بغرض دفع الرسوم الجامعية لبنته الكبرى التي تم قبولها هذا العام . هبط من مواصلات بري مسرعا الى موقف امدرمان الذي اكتظ بكل شئ ما عدا المواصلات التي استعصت على المواطنين في تلك الامسية بمبررات صاغها السائقون احتجاجا على ارتفاع قيمة الغرامات المرورية. ابتسامة عادل بالحصول على رسوم الجامعة سريعا ما تلاشت وتداخلت مع حالة الضيق العام التي سيطرت على كل الواقفين والواقفات في انتظار الوصول الى منازلهم ،حلم صار الوصول اليه يتطلب جهدا كبيرا ومدافرة ومعافرة مع الجميع من اجل الظفر بكرسي في مقعد الحافلة المهترئ. صوت أذان العشاء المنادي للصلاة تداخل مع اصوات اخرى في بوابة الحافلة المتجهة الى السوق الشعبي امدرمان والتي حصل فيها عادل على مقعد كان ثمنه مصاريف التسجيل التي امتدت اليها تلك اليد الآثمة وتركت له الدموع التي لم تبرز الى السطح ولكنها هردت الدواخل . عملية النشل التي تعرض لها عادل لم تكن الاولى في الوقت الذي لم تكن فيه الاخيرة فبعدها بساعات قليلة فقد احد المواطنين مبلغاً وقدره 1200 جنيه ثمن البضاعة التي كان ينوي الحصول عليها من سوق ليبيا والعودة الى مسقط رأسه بالولايات هذا غير مايحدث من حالة فقد يومي لأجهزة الهواتف النقالة وحادثة اخرى استطاع من خلالها احد الشباب تجاوز النشال هربا الى داخل الحافلة وذهب هو دون ان يسأله احد غير رفع حواجب الدهشة مما يحدث ويتكرر بشكل يومي في موقف جاكسون مما جعل احد الناقمين على(الموقف) بأنه يصف حالهم بانهم في انتظار النشال وليست المواصلات قبل ان يتساءل هو يعني نحنا البقية مقصرين في قلع مافي جيوبنا قبل ان يضيف ساخرا هو زول عندو قروش البركبو المواصلات شنو ؟ ما يحدث في موقف جاكسون اعاد للاذهان ما كان يحدث سابقا في الموقف القديم في ابو جنزير والتواجد الكثيف للنشالين في الموقف السابق والذين انتقلوا مع المواصلات لموقفها الجديد واستغلوا الزحمة التي تسيطر عليه في هذه الايام، وربما غياب حالات النظام السمة الغالبة على جاكسون فبالاضافة لانفجار مواسير الصرف الصحي وغياب المواصلات جاء النشالون ليمارسوا النهب نهارا جهارا داخل الموقف وذلك من خلال بوابات الحافلات المتعددة صغيرة وكبيرة، فكل الامر يقوم على ان يقوم احدهم باغلاق المنفذ المؤدي للداخل وتعطيل الراكب في حين يقوم الآخر بادخال يده في الجيب والهروب بالغنيمة تاركا الحسرة على صاحبها وحسرة اخرى على الواقع هناك من قبل المواطنين الذين كتب عليهم ان يدفعوا ثمن المواصلات اكثر من مرة ، مرة بالانتظار من اجل الحصول على مقعد واخرى بالروائح الكريهة التي تنبعث من داخل الموقف وثالثة الاثافي بدفع فواتير النشالين الذين يمارسون مهنتهم في ظل وجود رجال الشرطة داخل الموقف وعلى بوابته سؤال طرحه احد الركاب في الحافلة ام ان مهمتهم تنحصر فقط في تنظيم دخول وخروج الحافلات الى الموقف فقط ؟؟ ازمة المواصلات والتنظيم وحالة القهر التي انتابت الجميع وهم يمارسون الوقوف في موقف جاكسون في انتظار النشالين متى تنتهي ؟