إدارة الخدمات العامة تتطلب .. إرادة .. جرأة .. مسئولية .. وفوق كل ذلك القدرة على ابتكار حلول خلاقة لمجابهة مشكلات متكررة بات من السهل التكهن ومعرفة مواقيت حدوثها وكيفية تجنبها والتدخل السريع لوضع الحلول لها .. وتعلم الناس ان اول الاسبوع دوما هو بداية الانضباط في العمل لمواجهة كل الاحتمالات .. بيد ان وسط الخرطوم امس وامس الاول كان لا يبشر بوجود اي من منسوبي الولاية يعمل على تخفيف المشكلات التي تواجه المواطنين .. ( الصحافة ) رصدت الوضع الناجم عن انفجار الصرف الصحي و انعدام مواعين النقل لدرجة ان اي مواطن كان يهيم على وجهه ولا يدري الى اين تقوده رجلاه . في موقف كركر احدث مواقف ولاية الخرطوم كان الوضع محزنا ويبعث على الشفقة .. امهات مرضعات يجلسن على رصيف المواصلات بانتظار حافلات لم تحضر ابدا .. وفي كل مرة تشرئب الاعناق عند سماع صوت محرك حافلة يزيده سائق الحافلة بالضغط على دواسة البنزين معلنا حضوره البهي .. وفي كل مرة يرجع الجميع الى واقعهم حيث لا مواصلات .. لفت نظري وجود شاب يبدو انه قدم من احدى الولايات .. كان الفتى يتكئ على شنطته بعد ان اتعبه الوقوف لساعات نادبا حظه الذي قذف به الى مدينة شيمتها امتهان كرامة مواطنيها الذين يتدافعون في مداخل مواعين النقل منذ الاستقلال .. كان الجميع على طول رصيف مسارات الحافلات يأخذ قسطاً من الراحة بعد جولات متعددة من الجري والوقوف .. لم تكن المظلات تقي المنتظرين من الحر . علي العبيد ( موظف ) قال انه ظل ينتظر لقرابة الساعة وصول حافلات الصالحة التي لم تحضرمنها سوي اثنتين وتساءل العبيد عن كيفية الحصول على مقعد مع الجموع الغفيرة التي تتقاتل من اجله . وفي مسار حافلات الفتيحاب كان الوضع اسوأ من باقي المسارات فالكل شمر عن ساعده انتظارا لقدوم الحافلات ولكن لا اثر لها. كان الوضع في مواصلات الجريف وجبرة والصحافات يسير على ذات النمط .. وكان غياب ادارة الموقف واضحا الا من عمال تحصيل رسوم الحافلات الذين كانوا مرتاحي البال لندرة العربات الداخلة اما مواصلات امدرمان و الثورات التي عزت على جميع المنتظرين الذين قرروا التوجه الى حافلات الهايس بشارع السيد عبدالرحمن وكان حالهم كالمستجير من الرمضاء بالنار .. وهناك كان بانتظارهم الكمسنجية الذين يزينون لاصحاب الهايسات زيادة قيمة المقعد لانعدام المواصلات قبل ان يعلنوا للمواطنين ان تذكرة الثورات اربعة جنيهات ونصفها لخط الموردة . وفي موقف الاستاد كانت الصورة البارزة انعدام المواصلات لكل الخطوط .. بدءً بخطوط الحاج يوسف وسوبا والكلاكلات . يقول محمد طه ان اصحاب الهايسات يستغلون خلو الموقف من الحافلات ويختلقون اسماء خطوط وهمية لزيادة تعريفة المواصلات مشيرا الى ان زيادة تعريفة المواصلات من جنيه ومئتين قرشا الى جنيهين لمواصلات اللفة . لم تتوقف معاناة المواطنين عند عدم كفاية الحافلات وما احدثته من اختناقات فصباح امس فوجئ ركاب موقف الاستاد بانفجار الخط الرئيس لشبكة الصرف الصحي ما ادى الى شل حركة الدخول والخروج للمارة الا عبر الالتصاق بجدران الاستاد وكانت رائحة المياه الآسنة تزكم أنوف العابرين .. لقد بات الامر يتكرر بصورة راتبة كل اسبوعين .. حالة من الازدحام، المارة والعربات في البحث عن قطعة ارض جافة للعبور دون جدوى .. ابان ايمن الامين ان هيئة الصرف الصحي تعودت على تلك الانفجارات وصار الامر بالنسبة لها عاديَّ موضحا معاناة المواطنين جراء ذلك التدهور في بيئة مواقف مواصلات الخرطوم . عاد الجميع الى بيوتهم بعد معاناة طويلة من اجل الحصول على مقعد بالمواصلات .. البعض انتظر لساعات .. واآخرون انفقوا اموالا اضافية خصما على ميزانية طعام تتقلص دوما .. ومازالت ذكرى وحشة كآبة طوابير الانتظار بالمواقف وروائح مياه الصرف الصحي تقلق مضاجعهم .. بانتظار يوم جديد تتكرر احداثه .