ماذا فهمت حكومة الخرطوم من قرار الرئيس الامريكي باراك اوباما تجديد العقوبات الامريكية علي السودان لمدة عام إضافي ؟ يجب ان تكون قد فهمت الرسالة لأنها اكثر الحكومات تزلفاً للأمريكان وجرياً وراء تحسين العلاقات معها وهي غير راغبة ، ان الرسالة الامريكية تحمل عدة مضامين اولها ان الولاياتالمتحدةالامريكية ماتزال تنظر الى حكومة الخرطوم باعتبارها حكومة مارقة سيئة السمعة تحتفظ بملفات عالقة تتمثل في الانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان ولا تسعى بجدية لترسيخ الديمقراطية في العمل السياسي، ماتزال متهمة بإحتضان ورعاية الإرهاب رغم التعاون السخي الذي بذلته في أوقات ماضية إبان الحملة الامريكية والدولية الشديدة ضد ما يسمى الإرهاب وتنظيم القاعدة ، وثانيها ان حكومة اوباما لا تريد تحسين العلاقات مع الخرطوم خشية مهاجمة منظمات المجتمع المدني الامريكية لها بالتورط في دعم الحكومات المتورطة في جرائم ضد الانسانية وجرائم الإبادة ودعم عمليات الإفلات من العقاب وهو امر تتحاشاه حكومة اوباما خاصة في هذه الايام حيث تجري انتخابات التجديد النصفي لمجلس النواب الامريكي ، في هذه الأيام لن تظهر حكومة اوباما اي تعاطف مع اي حكومة متورطة في مسائل كبيرة . بيد ان ثالثة الأثافي تبدو واضحة وهي رسالة موجهة الي كافة القوى الناشطة بإتجاه تأجيل الإستفتاء على تقرير جنوب السودان ، ان تجديد العقوبات لمدة عام يعني ان الخرطوم اذا حاولت عرقلة الاستفتاء فإن الولاياتالمتحدة ستزيد العيار حبتين ، انها رسالة ضاغطة لأبعد الحدود وتكشف مدى تورط الادارة الامريكية ورغبتها العارمة في تقسيم السودان وهي اذ تمارس الضغط على حكومة الخرطوم تعلم تمام العلم ان الخرطوم ستستجيب لانها في موقف الضعف ولا تتمتع بتحالف قومي يحميها من السقوط في براثن وحبائل الابتزاز الامريكي ، ان ما اضعف الحكومة الحالية هو ابتعادها عن القوى السياسية الوطنية او محاولاتها المتكررة إبعادها وإقصاءها عن الشأن الوطني والشئون الداخلية ولذلك هي تبدو الآن مثل قشة في مهب الريح تعصف بها الأزمات ذات اليمين وذات الشمال . ان شعب السودان يفهم ويتفهم تمديد العقوبات الامريكية على حكومة الخرطوم ولكنه لن يرضخ للضغوط الامريكية والغربية الاخرى الساعية الى تفتيت السودان وتقسيمه على اسس عنصرية وإثنية ودينية ومن المهم ان تفهم امريكا وعملاؤها في المنطقة ان مخطط تقسيم السودان مخطط قديم مكشوف وان اخطبوط الإرهاب الذي يخشونه اشد من خشيتهم عواقب تمزيق الشعوب، هذا الاخطبوط سيجد البيئة المناسبة والأجواء الملائمة حينما تتفجر الاوضاع في السودان ويتمزق هذا القطر العربي الافريقي الكبير فيصبح بؤرة دولية لتصفية الحسابات بين قوى الشر المحض والقوى الثورية الساعية الى التحرر وعدم الإذعان للإستعمار الجديد ، سيتحول السودان الى عراق آخر وحينها ستخسر الولاياتالمتحدةالامريكية معركة الشطرنج وستخسر مصالحها في المنطقة . لن يتجادل إثنان حول رعاية حكومة أوباما لميلاد دولة جديدة في جنوب السودان وترحيبها المسبق بها ونواياها المتبدية حول طرائق دعمها وتعزيز وجودها كواحدة من الدول المحبوبة ضمن منظومة المجتمع الدولي ، ان الجدال ينبغي ان يدور حول ماهية المبادئ التي تقوم عليها والأركان الجوهرية التي تمسك حكومة الخرطوم ؟ هل يمكن ان ترضخ الحكومة الحالية للضغوط الامريكية وغيرها من الضغوط فترعى عملية تقسيم السودان وهي تؤمل نيل الجائزة في نهاية العام القادم بإلغاء العقوبات الامريكية ضدها ؟ ام ان الدواعي الوطنية عندها اكبر من الإرهاب الامريكي المتقن ؟ هنالك أسئلة لابد من إيجاد إجابات واضحة لها قبل حلول موعد الإستفتاء فهل من مجيب ؟