طالب عدد من الجنوبيين والجنوبيات بالسعودية القيادات الجنوبية بالعمل من أجل وحدة السودان، وأجمعوا على أن أمر الانفصال مرفوض باعتباره عامل ضعف للجنوب والشمال معا، وان السودان الموحد يجب أن يبقى كما ورثوه من الآباء والأجداد. وأكدوا في إفاداتهم ل «الصحافة» أنهم قدموا من الجنوب إلى الشمال منذ سنوات بعيدة في إطار الحركة الطبيعية بين مختلف الولايات، وقد طاب لهم العيش في الشمال الذي درسوا في مدارسه وتخرجوا في جامعاته، وتوظفوا في مؤسساته، وان امتدادهم الطبيعي في الجنوب، حيث الأهل والعشيرة، وأشاروا إلى أن الحديث حول انفصال الجنوب أمر بالغ الخطورة، ولا يمكن للجنوبيين في الشمال أن يقتنعوا بقيام دولة جديدة. وقالت مارقريت جادين تومبي: أنا من بحر الجبل، ولقد جئت الى الشمال قبل اندلاع الحرب، والتحقت بالمدارس الحكومية، حتى تخرجت في كلية معلمات الدامر، ومن ثم عملت معلمة بالفتيحاب، وطاب لي العيش في منطقة الحاج يوسف، ولم اشعر يوما بأنني غريبة على مجتمعي، فعلى الرغم من انني «مسيحية» فأنا اشارك صديقاتي المسلمات في إعداد خروف الضحية، كما يشاركن هن في مناسبة اعياد الكريسماس، وهو واقع يصعب تغييره مهما بلغت طموحات بعض القادة الجنوبيين. وأضافت: عندما اندلعت الحرب في الخمسينيات ولجأ أهلنا من الجنوب إلى دول الجوار لم يجدوا الاستقبال اللائق، وعندما نشبت الحرب مجددا، كانت الوجهة شمالا، حيث شعر سكان الجنوب بأنهم في وطنهم وليسوا في مكان آخر، فمارسوا حياتهم بشكل طبيعي، وهذا مؤشر على أن العمق الحقيقي للجنوب هو الشمال. وتساءلت تومبي كيف يريدون لإنسان عاش في الجنوب حتى بلغ عمره السبعين، أن يذهب ليبدأ حياة جديدة في الجنوب، تنقصها كل الخدمات، وكيف سيتم استيعاب أصحاب المهن والحرف الذين عاشوا سنوات طويلة بالشمال. وقال محمد حامد دفع السيد «وهو نموذج للتصاهر والتعايش بين الشمال والجنوب» حيث تتوزع أسرته بين شطري الوطن: عشت وتعلمت في الشمال، في حين تسكن بقية أفراد أسرتي بالجنوب، وأعيش في كنف أسرة وحدوية ترفض الانفصال بمختلف أنواعه، وترى فيه شرا مستطيرا، مبينا ان دولة يوغندا هي التي تغذي اتجاه الانفصال، كونها المستفيدة الوحيدة من عملية الانفصال، فمساحتها لا تتعدى ثلث مساحة الجنوب، وسكانها «30» مليون نسمة، في حين سكان الجنوب ستة ملايين نسمة، وبالتالي هي تسعى ليكون الجنوب امتدادا طبيعيا لها. وأضاف: حتى أبناء الجنوب الذين يرغبون في الانفصال لن يجدوا متسعا في الدولة الجديدة، فاليوغنديون قد سيطروا على كل مفاصل الحياة، بل حتى المنهج الذي يدرس يوغندي. ودعا المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لاتباع سياسة التنازلات بينهما من أجل مصلحة السودان الواحد الموحد، مشيرا الى ان الانفصال اذا قدر له ان يحدث، فسوف تندلع حروب قبلية طاحنة في الجنوب في ظل سيطرة قبيلة الدينكا على الحياة السياسية. وأكدت إقبال محمود حربة أنها قدمت الى الشمال برفقة أسرتها منذ سنوات طويلة، وأن بقية افراد أسرتها يقطنون حاليا بغرب الاستوائية محافظة مندري حيث تقطن قبيلة المورو، وان الشمال يمثل لها كل حياتها، ولن ترضى بغيره بديلا، وان الجنوب جزء من الشمال. وعبرت عن مخاوفها من حدوث الانفصال الذي بموجبه يصبح جميع الجنوبيين والجنوبيات في الشمال أجانب بحكم القوانين والأعراف، وهو أمر غير مقبول مهما كانت الحجج. وقالت حربة: نحن تزوجنا من الشماليين ووصلنا مرحلة لا انفصام ولا انفصال فيها، وعلى القادة الجنوبيين تحكيم العقل قبل الاقبال على خطوات ستكون مدمرة. وأشارت إلى أن أي انفصال قد يحدث بين الشمال والجنوب سينجم عنه انفصال داخلي في اوساط الجنوبيين الذين لن يعيشوا تحت سيطرة قبيلة بعينها. وقال جون توماس: إن الحديث عن الانفصال أمر يخص الحركة الشعبية وحدها، أما سكان الجنوب فهم مع وحدة السودان، غير أن أمر التزوير وارد في صناديق الاستفتاء، وإذا حدث ذلك فسيدخل الوطن في نفق مظلم. ودعا الحركة الشعبية إلى أن تبصر سكان الجنوب بمخاطر الانفصال الحقيقية، إن كانت صادقة في احترام المواثيق. ويرى دينق تعبان أنه يؤيد مبدأ تقرير المصير، على أن يتم الأمر بموضوعية ومصداقية، مع تنوير أهل الجنوب بحقائق الانفصال والوحدة، وأن يتركوا لهم الخيار ليحددوا مصيرهم، حتى لا يعود السودان للحروب مستقبلاً.