لم يجد وفدا الحكومة الاتحادية وحكومة جنوب السودان قبل انطلاق الاجتماع التشاوري حول الاوضاع بالسودان الذي احتضنته صباح الامس العاصمة الاثيوبية اديس ابابا مخرجا غير الضحك لحظة جلوسهم بالمقاعد المخصصة ، فليس هناك غير لافتة واحدة بالقاعة تحمل اسم السودان موضوعة فوق طاولة نصف دائرية توزع حولها الوفدان قبل ان يتم توسيط اللافتة بين رئيسي الوفد وزير الخارجية على كرتي ووزير السلام بحكومة الجنوب باقان اموم الذي علق سريعا على الموقف قائلا « لازم نعمل شيرنق» ليرد عليه كرتي «لو قادرين على الشيرنق ما كان تعبنا التعب دا « وبعدها سرت موجة من الضحك وتبادل التعليقات بين اعضاء الوفدين وكان اكثرها تلك التي اطلقها وزير التعاون بحكومة الجنوب دينق الور والسفير الدرديري محمد احمد وبعدها انتظمت القاعة وبدأت الجلسة التي استمرت لمدة سبع ساعات ،السادسة صباحاً حينها كان طقس العاصمة الاثيوبية باردا للغاية ، وشوارعها خالية الا من القليل وحسب مرافقي الذي كان بانتظاري في صالة الوصول بالمطار الشاب «آدم» اخبرني ان اليوم هو عطلة نهاية الاسبوع والتي تستمر حتى يوم الغد ، لكن كلما توغلنا الى وسط المدينة كانت الحركة تزيد ، رغم برود الجو الا ان سخونة الملفات التي على ان اتابعها كانت اكثر من مدفئة ، تحركنا بعجل لا ضع اغراضي في منزلتي التي دبرها ذلك الشاب ، ثم انطلقت نحو مقر الاتحاد الافريقي بعد اجراء اتصال بنائب السفير اكوي بونا ملوال وهو من دلني على مكان عقد الاجتماع ، وقال انه في طريقه الى المطار لاستقبال رئيس الوفد الحكومي وزير الخارجية على كرتي ومرافقيه لكنه شدد على ان لا انتظر تحسبا لإجراء يحتاج لتدخل السفارة ومخاطبة الاتحاد الافريقي . أمام بوابة المبنى الفخم الثامنة الا ربع كنت امام بوابة مبنى الاتحاد الافريقي التي يحيط بها مسؤولو امن يرتدون الزي الاخضر الفاقع ، لم انتظر طويلا في الاستقبال الخارجي بعد الاجابة على بعض الاسئلة الروتينية ، لكن كان الانتظار في المدخل الداخلي الذي تحرسه حسناء يبدو انها من بورندي اجابتني بلطف لامشكلة في دخولك ومعلوماتك التي قلتها لكني افشل الآن في مطابقتها مع اوراقك الثبوتية، واردفت انا لا استطيع قراءة العربية ورسمت ابتسامة كبيرة بعد ان ابرزت كل المستندات التي بحوزتي والتي لا يوجد بها مايفيد الا كلمة press المطبوعة على بطاقة الصحافة ، المهم اذنت لي بالدخول الى مبنى فخم وموزع بشكل جميل للغاية ، وكأن مصمميه ارادوا بتوزيع تلك المساحات الخضراء والجدران المطلي بلون هادئ ان يخففوا على من يلتقون بداخله للنظر في امور قارة بديعة الا انها مكبلة بصراعات لا نهاية لها . شك وإحباط انا داخل مبنى الاتحاد الافريقي اتجول بحثا عن قاعة المؤتمر الذي ينتظر ان يحضره عدد كبير من الدول والمنظمات الاقليمية والعالمية ، الا ان المبنى المشدد الحراسة وذا الاجراءات الصارمة لايوجد فيه سوى عاملات النظافة ، والذي تبرعت احداهن بمساعدتي واوقفتني امام القاعة التي قالت انها للمؤتمرات انتابني شك فلا اثر لشئ هنا ، خرجت من المدخل الذي بعكس من اتيت به في بداية الامر علني اجد من يدلني ، الكل لا يعلم بشئ ، سألت نفسي هل الامر غير مهم ؟ لكن كيف فالعالم كله يقف ويراقب مايجري كلما ذكر اسم الشريكين او اسمائهما «الحركة الشعبية المؤتمر الوطني « لم يمضِ وقت بالقصير وعندما حانت الساعة التاسعة بدأ احساس الاحباط يغادرني فثمة مجموعة موظفي الاممالمتحدة وصلت المبنى وجلست بالقرب مني في الصالة الملحقة كاستقبال وبدا حديثهم يأتي تارة بالخرطوم ومرة اخرى بجوبا وفي مرات كثيرة تذكر ال»cpa» . توافد من وجوه مختلفة إن كنت تريد ان تنظر لكل وجوه العالم فإنها كانت بالامس هناك حضور عالٍ من كل الدول يتبادلون الحديث والضحكات وفي احيان تبرز تعابيرهم بشئ من الجدية ، وكل ما تمضي دقائق يتزايد العدد ، وفي التاسعة واربعين دقيقة كان رئيس حكماء افريقيا بالبوابة الامامية للمبنى ومعه عمر الفا كوناري وعدد من اركان حربه ، توقف بعض الشئ في الردهة الملحقة مع المبنى في طابقه الارضي ، وبعدها استقل المصعد الكهربائي بخلاف من حضروا ، في تلك الاثناء لمحت وجهاً سودانياً وعندما استبينته كان البروفسير الطيب زين العابدين . الحركة الشعبية أمام القاعة العاشرة الا ربع كان الامين العام للحركة الشعبية ووزير السلام بحكومة الجنوب في الدرج الاخير من السلم الى الاعلى وبجواره وزير التعاون الدولي دينق الور ويرافقهم كوستي مانيبي وعدد من اعضاء وفدهم ، ويبدأ تبادل سلام حار بين الجميع ، قبل ان يجلس وفد الحركة الى رئيس حكماء افريقيا ثامبو امبيكي الذي كان يمسك بركن بعيد ، وفي كل لحظة نحاول الوصول الى هناك لكن الحراسة تقف لنا بالمرصاد لنعود الى المكان الذي طلبوا مننا الانتظار فيه لكن ضحكات الرجال وقهقهاتهم تثير الفضول الذي يسيل معه لعاب الكاميرا . وفد الحكومة بالمبنى العاشرة ودقيقتان كان على كرتي وزير الخارجية ورئيس وفد الحكومة لمفاوضات الدوحة امين حسن عمر والسفير الدرديري محمد احمد ووزير الشؤون الانسانية مطرف صديق يخرجون من المصعد بالجانب الغربي ، الذي لايبعد من مجلس امبيكي المحضور بوفد الحركة ، وانضم اليه وفد الحكومة وبدأ سلام جديد هذه المرة اخترقنا الحراسة ووجهنا فلاشاتنا بلا توقف ، انتظر الجميع بالخارج بعض الوقت وبعدها دلفوا الى القاعة التي كان يجري فيها ترتيب آخر عكس الذي كان موجوداً . صحفيون يسألون عن غازي عدد من الصحفيين العرب والافارقة الذين كانوا هناك وبمجرد بدء الجلسه التي دار معها همس عبارة عن سؤال اين مستشار الرئيس الدكتور غازي صلاح الدين ، الكل لم يجد اجابة وعندما خرجنا عقب الإنتهاء من الخطاب الإفتتاحي سألني الجميع كوني الصحفي السوداني لكن فشلت الإجابة عندي ايضا . جلسة مستمرة الجلسة التي انطلقت بعد خروجنا لم تتوقف رغم وجود برنامج ملحق يشير الى موعد للراحة مقدر بربع ساعة لكن امتدت من العاشرة وحتى الثانية والنصف وبعدها توقفت لتناول وجبة الغداء واستأنفت مرة ثانية حتى الخامسة والنصف لكن بدون وفد الحكومة والحركة الذي غادر وترك الآخرين يضعون توصياتهم بعد ان اشتملت الجلسة الاولى حسب مصادر بهدوء وروح طيبة وكان الطرفان يتحدثان عن ان ابواب الحوار بينهما مشرعة ولاشئ يدعو للخوف ، لكن ذات المصادر اكدت ان الجلسة اهتمت بامر دارفور بشكل اكبر بعد ان لمست ان امر الاستفتاء وماتبقي من عمر الاتفاقية لا خلاف حوله من الشريكين ، لكنها شددت على ايجاد مخرج لابيي . الجميع يغادر خرج الوفدان ودار بينهما حديث على الردهات بالمبنى وبعض الضحكات ، على ان يلتقوا غدا بالخرطوم لمناقشة امر ابيي التي قال عنها وزير التعاون الدولي دينق الور في حديث ل»الصحافة» ان الحل يوجد بتنفيذ البروتوكول كاشفا ان لا مقترحات جديدة يمكنها حل الازمة واضاف ان ابناء ابيي سيقيمون مؤتمراً في منتصف الشهر لذلك الامر . انتهى بالامس الاجتماع التشاوري او «المنتدى» التشاوري كما اسماه رمضان العمامرة والذي شدد بدوره على ان دارفور حلها ماضي بعد الجهود الاخير والتي قال ان جهوداً اخرى من الاتحاد الافريقي في طريقها للانضمام اليها وطالب الحركات بالتوجه نحو السلام لكنه في جانب الاستفتاء اكد قيام تقرير المصير في موعده واضاف انهم حال خروج نتائجه بقيام دولة بالجنوب واثقون ان علاقاتها بالشمال ستكون اكثر من طيبة ، لكن هناك حديث آخر يخالف ما ذهب اليه العمامرة لا يختص بالعلاقة بين الشمال والجنوب لكنه عن تاريخ الاستفتاء سنأتي له بشئ من التفصيل لكننا نضع سؤالاً الآن هل هناك من يرتب لتأجيل الاستفتاء لكن بهدوء ؟