لفتت نظري الأسبوع المنصرم سلسلة من حفلات التخرج بأفرع جامعة البحرالأحمرالمختلفة طغت عليها الافراح لدرجة الهستريا ،ولكني اخال انها تورية قد يكون المراد منها هو المعنى الباطن الحزن لمفارقة الاحبة وملاقاة المصير المظلم في نفق البحث عن الوظيفة والمكوث طويلا على رصيف الانتظار وويلات من الالم النفسي لما سيعانوه ذلك باظهار عكس ما يبطنون. ولكن لماذا نرهن الافراح بالمناسبات ونختزل الافراح ونفث نسيمها فقط في المناسبات والاعياد ونجعلها حصريا عليها دون سواها، وهل نحن نعيش في اتون حياة جامدة بلا افراح دائمة ولا حتى لحظات سعيدة. وفي قراءة لواقعنا المعاصر عموديا وافقيا ونحن نعيش في دولة المشروع الحضاري التي تريد تخصيب نفسها مرة اخرى عبر آيدولوجيا طاعة اولي الامر منكم والعمل على شرعنتها على الرعية والمؤلفة قلوبهم ،لتصبح صالحة في كل زمان ومكان ليختل فقه الاولويات المناط اصلا تحقيقها باحلال كل ما هو ثانوي خوفا من خروج عملية السلطة عن مسارها الطبيعي، ولان المناخ السياسي والانكسارات الحياتية التي نعيشها تركت آثارها على سلوك المواطن من منطلق رؤيته لنفسه لمن حوله في محاولة لامساكه بحياة اصبحت سريعة الخطى قد تفلت من بين اصابعه بين كل لحظة. ولان الضرائب والجبايات لا زالت مستمرة مع بروز موارد اخرى على السطح اكثرفاعلية كالبترول دون اي اضافات ايجابية تذكر لصالح المواطن فلا بد من اصلاحات جوهرية تسهم بفعالية في رفع المواطن ولو درجة عن متطلبات حياتية مرهقة يتطلب الايفاء بها الى معجزة فعلا، ولان الكوارث تقود لاعادة تقييم الاولويات واتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بمصير شعوبها وفي قمتها مشكلة البطالة التي تعتبر معوقا اساسيا لدفع عملية التنمية. ومنذ بروز ثورة التعليم العالي والتوسع رأسيا في الجامعات والمعاهد العليا والتي لا زالت مستمرة حتى الآن دون ان يكون هناك مشاريع مستقبلية موازية ولا حتى دراسات جدوى لاحتضان تلك الارتال البشرية من الخريجين بعد ان وصلت الى نسب مخيفة للغاية ليتأسف الكثيرون منهم على هذه الاوضاع المزرية ،ساخطين على هذا الحظ الذي ألقى بهم على متن هذا الزمن الكارثي خاصما من شبابهم الغض دون اي مقابل لثمرة جهدهم. ولان كل منزل به خريج او على اعتاب التخرج له احلام اضحت مؤجلة التنفيذ على اولوياتها ان يرد الدين ولو بجزء يسير على اسرته التي بذلت الغالي والرخيص في تعليم ابنها ، فلابد من مشاريع موازية تستوعب كل ذاك الكم البشري من الخريجين ولو على مراحل حتى يكتمل عقدهم مستقبلا، لان الخريجين هم امل الامة ولا شيء يعلى عليهم لضمان نهضة شاملة نحصد ثمارها مستقبلا. والنماذج المشرفة بحاجة لمن يسند قضيتها ويدافع عن وجودها ويعينها على البقاء وسط التشويه والعبث الذي حرمنا من رؤية الجماليات في واقع اليوم حتى يتمكن المواطن من معرفة طريقه وفهم قضيته ودوره في الحياة وعلى وسائل الاعلام ان تكون اكثر عونا ومرجعية للحقيقة ليس تشويها وقمعا لها. والى ان تتحقق تلك الاحلام المؤجلة فلا تكبت مافي دواخلك من طاقة ونعمة واستغلها بالتجديد في كل ما حولك لتحقيق نهضة ذاتية تستمتع بثمارها مستقبلا. واذا كانت الانكسارات الحياتية قدرا مكتوبا علينا كما كتبت على اليابانيين الزلازل فلنتعلم من اليابانيين الذين هزموا الزلازل بالاستعداد لها عندما اكتشفوا انهم يعيشون في محيطها، فحياتنا كلها زلازل وانكسارات فلماذا نترك للحياة مهمة تدبر امورنا فتصمد جزر اليابان في وجه اقوى الزلازل وتخرج شامخة بابراجها العالية وابناؤها سالمون ليعاد اصلاح اضرار الزلازل في ايام وتعد الخسائر البشرية بارقام مقياس ريختر لا بقوته فصنعت اليابان معجزتها بعقلها وصنعنا كوارثنا وانكساراتنا بعواطفنا وتشبسنا بكل ما هو ثانوي لضمان البقاء، ولكن تختلف تجارب الدول بايجاد الحلول اللازمة فلجأت الدول الخليجية لتوطين العمالة المحلية تدريجيا لتحقق نجاحا ملموسا في هذا الجانب، اما الدول التي تتفاقم فيها هذه الظاهرة فقد انتهجت سياسات متعددة لايجاد الحلول من خلال تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وحث الشباب للتوجه للعمل الخاص من خلال انشاء المشروعات القومية الكبري القادرة على احتواء الاعداد المتزايدة من الداخلين الى سوق العمل سنويا ،كما تبنت عددا من الدول مبادرات رائدة لمساعدة الفئات الضعيفة لمحاربة الفقر ورفع المستوى المعيشي كالتمويل الاصغر حتى تصبح تلك الفئات قوىً منتجة. ولكن الانسان في محيط مجتمنا يضحى به من اجل السلطة بينما يجب ان يضحى بكل شيء من اجل الانسان. فواهن من يعتقد ان قوة امريكا في هيمنتها على التكنولوجيا الاكثر تطورا والاسلحة الاكثر فتكا ولكنها تستند فوقهم على البحوث العلمية وتقدس المؤسسات العلمية والاكاديمية وتحتضن علماءنا وتعيد انتاجهم علينا بتكنولوجيا يصعب علينا فك طلاسمها لعشرات السنين، واحترام المبدعين والباحثين والاساتذة هناك لا يعادله عندنا إلا احترام الضابط والعسكري عندنا ......والسلام