يتحدث العالم، منذ 22 نوفمبر، 2010م، عن الرسائل الدبلوماسية التي كان متوقعاً نشرها على صفحة الإنترنت «ويكيليكس». فلقد قام مؤسس الصحفة ومتحدثها الرسمي «جوليان اسان» بالإعلان عن عزمه نشر وثائق جديدة يبلغ حجمها سبعة اضعاف الوثائق التي نشرها سابقا. وبدأت وزارة الخارجية الأمريكية برفع درجة الاستعدادات الدبلوماسية وتبادلت الاتصالات مع قادة الدول التي يعتقد أن الرسائل تخصها. وفي 28 نوفمبر، قامت صفحة «ويكيليكس» بنشر «291» رسالة من ضمن أكثر من «250» الف رسالة بحوزتها. وبدأت وسائل الإعلام في قراءة هذه الرسائل الخاصة «أو التي كان من المزمع لها ان تكون خاصة»، ما بين وزارة الخارجية الأمريكية وسفارات دولتها في انحاء العالم. وكانت معظم هذه الرسائل عبارة عن «شمارات» دبلوماسية، مثل رئيس الوزراء الإيطالي والذي وصف بالرجل التعب الذي لا يستطيع أن يرتاح بسبب عشقه للهو وللعب. أو نتنياهو الذي كتبت عنه انه انيق ساحرة شخصيته لكنه في ذات الوقت رجل لا يعرف كيف يحافظ على وعوده. لكن غير «الشمارات» كانت هنالك بضعة رسائل غيرت نظرتي للقضايا العالمية. فمثلا، يتفق العالم على ان امريكا قلقة بشأن برنامج إيران النووي، لكنه يختلف حول اسباب القلق. فهنالك تكهنات بأن امريكا ترغب في ان تظل يدها عليها، وانها لا ترغب في أن تأتي قوة اخرى لتقلص من هيبتها النووية، وإلا فلماذا سعت للقضاء على صدام حسين منذ البداية؟ وهنالك تحليلات أخرى بان إسرائيل هي القلقة من قدرة ايران على البطش بها، لذلك تضغط على الولاياتالمتحدة، من أجل ضرب إيران وإنهاء طموحاتها النووية. وكانت هنالك أخبار اخرى، غير سرية، بأن بعض من الدول الإسلامية السنية لا «تحب» إيران الشيعية. وكشفت الرسائل أن الدول الإسلامية لديها يد في تحريض الولاياتالمتحدة لضرب برنامج إيران النووي. واحترت كثيرا، الم يقل المثل انني واخي نتحد ضد أبناء العم، وانني وابن عمي نتحد ضد غريب الديار؟ ويبدو أن هذا المثل قد تحور فصار انني وغريبنا على أبناء العمومة. وبالنسبة للسودان، فلقد كان هنالك تقرير، لكن معظم الذي قرأته كان تحليلا إخباريا، فقد كان هنالك تناول لقضية دارفور منذ بداياتها، وتحليل مفصل لاتفاقية السلام ما بين الشمال والجنوب، وذكر للمشكلات والقضايا التي تعرض لها الشريكان. وفي بعض من هذا التحليل كان هنالك تناول لعلاقة السودان مع الصين التي كان من المعتقد انها تنحصر اساسا في البترول واستخراجه. لكن ذكرت الرسائل ان الصين قامت ببيع أسلحة للسودان قيمتها «24» مليون دولار، بينما بلغ سعر قطع غيار الطائرات والهليكوبترات «57» مليون دولار أخرى. وذكر التقرير ان السودان يعتبر ثالث اكبر مصنع للأسلحة في القارة الإفريقية. إنه من المتوقع ان كل بلاد العالم تمارس ال«شمشرة» السياسية، لذلك لم يكن وجود هذه الرسائل مفاجأة في حد ذاته، لكن استخراجها يكون كمن الذي يتحدث خلف ظهر اخيه ليجده يقف خلفه يستمع إلى كلماته عنه. ان هذه الرسائل اثبتت ان علاقة الدول كما الأشخاص، ومنظورنا وإحساسنا بها يختلف تماما عن الطريقة التي يفكر بها الآخرون عنا. وحماكم الله شر ال «شمارات» الدبلوماسية وغير الدبلوماسية.