اننا نشتري سلاح الكفار لنقيم به الجهاد وهنا أقول (لشيخنا الجليل) ولأصحابه وتلاميذه ان اتفاقية الميرغني/ قرنق التي قتلتموها والتي وصفها شيخنا بأنها اتفاقية (الخزي والعار) كانت ستكون أساس الجهاد المطلوب في القرن العشرين جهاد اللطف والقول الحسن وتأليف القلوب ثم التبشير وسط الذين لا دين لهم وهم الأغلبية في الجنوب وذلك بإقامة المدارس والخلاوي لتعليم اللغة العربية المدخل لمعرفة الاسلام.... لذلك فإن الارواح التي أزهقت والمليارات من الأموال التي صرفت وأهدرت لو توفرت لكانت نتائجها عظيمة للاسلام وللمسلمين.... ولقد سبق في ذلك الشيخ محمد الأمين القرشي الذي أسلم على يديه المئات في جبال النوبة.... وهكذا فقد الاسلام فرصة لا تعوض.... بسبب المنظور السياسي للاسلام لدى البعض المرتبط بالمصالح الذاتية والاغراض الخاصة - وهكذا سار الحال من سيئ إلى أسوأ دون اعتراف بالواقع المعاش بل ظل الشعب في فقر مدقع وغلاء طاحن يسمع عن نجاحات وهمية لا يراها وانجازات غير موجودة يكذب ذلك الواقع المتمثل في خروج العائلة كلها سعياً وراء لقمة العيش وهكذا ظل الشعب لأكثر من عقدين يستمع فقط لما يقال دون أن يسأل أو يشكو أو يعترض وكما يقول المتنبي جوعان يأكل من زادي ليمسكني.... نعم لقد أضحى الشعب ممسوكاً ومقيداً والزاد مأكول والإناء خالياً.... حتى جاءت نيفاشا وليتها لم تأت بسبب ما نحن فيه اليوم من حاضر مؤلم ومستقبل مظلم... وهكذا ما كان متوقعاً حينما سُلبت حقوق الشعب ومُنع من المشاركة لضمان حقوقه بل ان الاتفاقية تمت بمشاركة وتمويل أجنبي وجيوش أجنبية لازالت موجودة ورغم كل شيء هذه الاتفاقية أتت بانفراج نسبي للحرية ولكن السيد/ الرئيس وجه باطلاق حرية الصحافة بعد ذلك وفي هذا السياق فاني أهنئ الأخ رئيس الجمهورية بقراره الحكيم بتعيين السيد/ علي محمود عبد الرسول وزيراً للمالية وهو تعيين صادف الشخص المناسب للمرحلة القادمة والتي تتطلب مواجهة الشعب بواقع أحواله.... ليكون على بينة من أمره ومستقبل أيامه.... ان الأخ الرئيس بتعيين السيد/ علي محمود بشارة خير وبركة وأمل للأمة وقد سعدنا بالمكاشفة التي بدأ بها أسلوبه في الحكم بدلاً من اخفاء الحقائق لتضليل الشعب عبر وسائل الاعلام والصحف ولنأخذ مثال لتلك الأكاذيب من أحد رموز المسرح الصحافي التابع للمؤتمر الوطني وهو السيد (الزومة) فقد كتب قائلاً بأنه بعد الاستيلاء على السلطة وجدت خزينة الدولة فارغة إلا من (100) مائة ألف دولار فقط ولكنه لم يذكر الموجود من العملة المحلية وهي بالآلاف في ذلك الوقت الذي لم تبلغ فيه الملايين أو المليارات بعد.... فيبدو ان هذه الدولارات (المائة) ألف بداخلها بركة لأنها حلت عدة أزمات وعقد منها على سبيل المثال اختفاء صفوف الرغيف والبنزين وكافة منصرفات تأسيس الحكم ثم متطلبات وزارة الخارجية وسفر الوفود بالاضافة لمتطلبات الأمن والقوات المسلحة والاعلام وغير ذلك من متطلبات تلك المرحلة وكل ذلك داخل (المائة) ألف دولار وبالطبع لا خلاف من أن السودان محاصر ولا معين له فأمريكا دنا عذابها ثم ألحقت بها روسيا.... كذلك ان وزير الخارجية أصبح لا يستطيع زيارة بعض البلدان العربية بسبب برنامج الشتائم الصباحي من اذاعة أم درمان.... أما الحقيقة المجردة عن ميزانية عام 89 فقد كان اكثر من نصفها اعانات من الدول الصديقة مما ترك وفورات في العملات الحرة موجودة بالخزينة.... وقد كان سعر الدولار في البنك (4.5) جنيه وفي السوق الأسود (12) جنيه مما جعل أحد اعضاء مجلس قيادة الثورة يفتخر بأنه لو لم يأت الانقلاب لوصول سعر الدولار (20) عشرون جنيهاً... لقد كانت الخزينة عامرة بكل العملات ولكنها تبعثرت بسبب الهجوم الكاسح عليها بالصرف غير المبرر وبدون حساب مما جعل الدولة نفسها تواجه اعساراً وأزمات حادة... ومنذ سنوات الحكم الاولى حتى كان الحل الاستدانة من بنك السودان نسبة لقلة الايرادات وضخامة المنصرفات بل حتى حينما صدر البترول لم يتغير الحال لاتساع الخرق وعظم الرتق ومن الاخطاء التي وضعت للحصول على العملات الحرة... كان ذلك القانون الجائر الذي جعل المتاجرة أو الاحتفاظ بالعملات الحرة دون التبليغ عنها جريمة أعدم بموجبها شاب في حر ماله لأنه خالف القانون ولم يبلغ عن ما لديه من الدولارات ولكن هل العقوبة تتناسب مع الفعل... اعدام ومصادرة للمال.... ثم ماذا حدث.... لقد كان ذلك القانون سبباً في هروب العملات وفتح أسواق لها بالخارج وبالتالي لم يتحقق الغرض.... والحق ان الذي يلام في ذلك (الشيخ) نفسه الفقيه والعالم بالقوانين الشرعية والتي جاءت من خالق الكون وبلغها المعصوم كاملة لا تحتاج لقوانين وضعية اضافية والدولة تحتكم لشرع الله فلم تقتل الناس في حر أموالهم ذلك ظلم وان الدم الذي أريق لابد انه السبب في لعنة أصابت الحكم ونحن نعيش في لجة تلك اللعنة.... ثم بعد هروب العملات وقلة عائد الصادرات أصبح الاعتماد على بنك السودان كلياً لقلة الايرادات وضرورة الحصول على العملات الصعبة بالشراء مما جعل الدولار في ارتفاع أمام العملة المحلية والتي أصبحت في انخفاض مستمر حتى وصل سعر الدولار (2.700) ألفان وسبعمائة جنيه والذي كان قبل الانقلاب ب(12) جنيه أي ان عملتنا المحلية انخفضت أمام الدولار والذهب بمقدار (230) مرة بحيث ان القيمة الفعلية لمرتبات جميع العاملين بالدولة والقطاع الخاص وساير المواطنين انخفضت مع ارتفاع اسعار السلع وبذلك صار التضخم ينتقل من شهر لآخر وكل هذا أمام كل المواطنين بالمعايشة والمشاهدة والملامسة ولكن الزومة واسحاق وهم مثال لمئات من أمثالهم نسوا ما أعده الله للكاذبين وصار كل ما يحدث في البلاد من كوارث يكون لديهم تنمية وتطور فانهيار العملة من انجازات الحكم وانهيار البنيات الاساسية للدولة مثل السكة الحديد وكذلك المشاريع الزراعية اعجاز وارتفاع الدين الخارجي وبيع ممتلكات الدولة كالفنادق والبنوك والشركات المملوكة للدولة والطيران منجزات.... لأنه ليس في أذهان البعض من أولئك حياءأو خجل.... القارئ الكريم... لقد كان اهتمام الحكام بمظهر الحكم قاعدة أساسية وخط أحمر لا يسمح لأحد أن يتخطاه مهما كانت الصعوبات مالية أو غيرها لذلك كانت الامور في أغلبها تبني وتتم دون دراسة ومراجعة لادراك العواقب.... فمثلاً تقسيم الولايات وهو مشروع يحتاج لمال غير متوفر ثم ما هي الفائدة التي تأتي من ذلك التقسيم العاجل إنها ليست سوى تحقيق رغبات وطموحات لبعض المتنفذين في الدولة ولايجاد وظائف دون مراجعة للميزانية والآن كل الولايات تعاني نقصاً وتردي في كافة الخدمات وتكفي العاصمة في صحة البيئة فقط.... إن ما حدث من صرف لزيادة عدد الولايات كان يمكن ان يصرف على السكة الحديد وهي مصلحة ايرادات بالاضافة إلى ان تشغيلها يوفر كميات من المواد البترولية التي تستهلكها تلك الشاحنات الكثيرة والتي تتلف الطرق واليوم صارت مباني السكة الحديد المنتشرة في كل أنحاء البلاد مثلها مثل آثار البجراوية التي تحكي تاريخ مضى وهذا حاضر مؤلم.... ان السياسة التي اتبعها المؤتمر الوطني في حكم البلاد اخفقت كلها وجلبت كوارث لا حصر لها لأن معظم القرارات طابعها سياسي لم تدرس جيداً حتى يمكن معرفة ردود الافعال ومن أسوأ القرارات التي اتخذت في حكم المؤتمر الوطني ذلك قرار عرّاب السياسة الاقتصادية السيد/ حمدي والذي أتى بسياسة التحرير التي تعتبر كارثة وبلاءً جاء للبلاد وخاصة لفقراء الشعب وهم الأغلبية والتي قدرت ب90% جاءت لتزيدهم فقراً ومعيشتهم ضنكاً في الغذاء والكساء والدواء والتعليم وكل أوجه الحياة.... واذا كان تحكم الدولة في الاسعار مرجعه حماية الفرد من التغول عليه واستغلاله فهل سيجد ذلك في سياسة التحرير والتي تعطى الحق لأي صاحب سلعة أن يفعل فيها ما يشاء وتحت حماية القانون ويكفي فقط السكر والذي مصدره الدولة نفسها.... أخيراً الجنوب لا شك في ذهابه ولكن المطلوب الآن حل مشكلة دارفور فإذا كان المرجو منها عودة الوفاق بين (الشيخ) وتلاميذه وبين الموتمر الوطني فيجب تجاوز الخلافات في الحال مهما كانت درجتها تقديراً للمصلحة العامة ولكي يقوم الشيخ بمعالجة الخلافات بين الحكومة وحركة العدل والمساواة وسوف يأتي الحل لمشكلة دارفور كلها بمعاونة الشخصيات الفاعلة في السودان لكي يأتي سلام دارفور في الداخل وقبل حدوث ما هو متوقع والله نسأل أن يحفظ البلاد والعباد وإلى لقاء آخر.