الضبابية التي تخيم على اجواء البلاد السياسية تركت صورة غير واضحة ، للايام المقبلة، بحيث لم يبقَ الكثيرعلى قيام الاستفتاء ، وبدأ التفكير فيما بعده وتأثيره على البلاد خاصة اقليم دارفور المنتظر ان يوقع اتفاق سلام لتهدئة الاوضاع في الاقليم ، وثمة تخوفات من ان ينعكس انفصال الجنوب سلبا على دارفور ان لم يكن سلسا ، وحدوث اي عنف قد يكون شرارة للحرب في دارفور . وتحدثت الأمينة العامة للإتحاد العام للمرأة السودانية سارة اليجا في (و رشة الاستفتاء واثره على قضية دارفور) التي اقامها الاتحاد العام للمرأة السودانية بالتعاون مع منظمة سواعد دارفور الخيرية داعية الى استكمال اتفاقية السلام واجراء الاستفتاء بإعتبار انه اهم بنود الاتفاقية ، وقالت ان الحديث عن الوحده بدأ متأخرا ومن يقول غير ذلك يكذب على نفسه وكل الدلائل تشير الى الانفصال. واضافت اليجا «ان الاستفتاء يجب ان يقوم من غير نزاعات حتى لايتأثر اقليم دارفور بذلك ويتجه للمطالبة بتقرير المصير ويصبح نهجاً للأقاليم الاخرى ، ولانريد نحن ابناء الجنوب ان نكون سببا في تفكك السودان « واكدت على ضرورة استمرار العلاقات الاجتماعية بين الشمال والجنوب ، وناشدت اليجا الحكومة باستعجال سلام دارفور لافتة الى اهمية مشاركة المرأة في المفاوضات . من جانبها اوضحت امينة منظمة سواعد دارفور الخيرية بدرية عبدالرحمن ان نتائج الانفصال ستنعكس على اقليم دارفور سلبا اذا لم يمر الاستفتاء بسلام ، وابانت ان سلام دارفور يحتاج الى مزيد من المجهودات وصدق النوايا بجانب التنمية ومساعدة النازحين في المعسكرات . وتمت مناقشة ثلاث اوراق في الورشة وتناولت الورقة الاولى استقرار دارفور في اطار السودان بعد الاستفتاء قدمها علي ابوزيد علي وتحدث فيها عن الوضع الجغرافي والتكوين الطبوغرافي وعن الحركات الاجتماعية في دارفور ، والحركات المسلحة والتمرد في دارفور ، ما ادى الى انفجار الاوضاع الامنية في المنطقة والتي بدأت مقاومتها منذ الثمانينيات، كما تعرضت الورقة الى حق تقرير المصير لجنوب السودان الذي نصت عليه اتفاقية السلام واسست للدستور الانتقالي للسودان وتكونت عدد من المحاور في نظام الحكم والادارة وفي الثروة والاقتصاد والمؤسسات العسكرية والامنية لفترة زمنية قدرت بستة اعوام للوصول الى صيغة دائمة للسلام في السودان، وجاء تقرير المصير لوحدة السودان اوقيام دولتين في الشمال والجنوب في نهاية الاجراءات التنفيذية للاتفاقية والذي تم تحديد موعده في التاسع من يناير 2011 ، والآن تنفذ الاجراءات الخاصة بالاستفتاء في جنوب السودان بعد ان مرت الفترة الانتقالية والتي اتسمت في جوانبها بالاتفاق بين الشريكين الحركة الشعبية والحكومة السودانية في عدد من المواقف القومية ومشكلة دارفور ومن المواقف المختلف عليها الحركات المسلحة والتمرد في دارفور ، وبينت ان كل الاحتمالات تشير الى خيار الانفصال بعد ان اتخذت القيادات الجنوبية موقفا واضحا من الوحدة وبقاء الجنوب في اطار الدولة السودانية ، وان الانفصال المتوقع محاط بمجموعة من العقبات من بينها الحرب الدائرة بين بعض القبائل الجنوبية والحركة الشعبية لتحرير السودان مثل حركة القائد اطور والقائد قلواك بجانب توترات وصلت في بعض الاحيان الى صدام بين المجموعات القبلية في حدود كل من شمال وجنوب السودان ابتداء من النيل الازرق والنيل الابيض وجنوب كردفان وجنوب دارفور ، ووجود بعض القضايا العالقة والمهمة لسلامة التعايش السلمي بين الدولتين في حال الانفصال واهمها ترسيم الحدود حيث تشكلت ولاية جنوب دارفور ممثلة في منطقتي حفرة كنجي كنجي قنبلة موقوته ، ومنطقة ابيي بالاضافة الى ارتباط الجنوب بالشمال ممثلاً في بترول السودان حيث الانتاج في الجنوب بينما النقل والتسويق للادارات الفنية مرتبط بالشمال ولكل العوامل فان الانفصال لن يكون هادئا في ظل كل هذه التوترات خاصة ان الجانب الثاني شمال السودان مازال يعاني من الصراع والحرب الاهلية وليس من المتوقع الوصول الى سلام شامل مع الحركات المسلحة التي تحارب الحكومة فضلا عن ان الحركة الشعبية قد آوت عدداً من الحركات الدارفورية المسلحة قبل اجراء الاستفتاء من بينها فصيل مناوي الذي وقع على اتفاقية ابوجا بقيادة مني اركو مناوي للضغط بها على حكومة الشمال لحظة الانفصال . واكدت الورقة ان الاوضاع في دارفور يرتبط تأزمها بأزمة الاستفتاء ونتائجه، ففي حالة الانفصال السلمي كما يسعى الطرفان والمجتمع الدولي فقد يحدث تقدم اما الانفصال العدائي ستظل الحركات الموالية للجنوب في حالة عتادية ولوجستية كبديل لمساندة جمهورية تشاد قبل تحسن العلاقات بين الدولتين ، واوصت الورقة بان التوصل الى سلام دارفور لن يتم مالم تتجاوز الدولة عقبة الانفصال ويرتبط السلام بالامن والسلام القومي السوداني ، وفي مرحلة ما بعد الاستفتاء يتوجب على منظمات المجتمع المدني ان تلعب دورا اكبر في قضايا السلام خاصة في ظل طرح الاستراتيجية الجديدة التي تتجه نحو مشاركة المجتمع المدني الداخلي بديلا من الحركات المسلحة التي تتعرض للإستقطاب الاقليمي والدولي والمحلي . فيما تناولت الورقة الثانية التي قدمها الاستاذ الفاضل سعيد سنهوري (المداخل الاستراتيجية لتحسين الاوضاع الانسانية وتحقيق التنمية بدارفور ) بإعتباران الوضع المتردي للجوانب الاجتماعية الاقتصادية والسياسية لاسيما بولايات دارفور نتيجة لتراكم سنوات النزاع الطويلة ومازاد الامر سوءا السياسات التنموية المركزية التي ادت الى نسب عالية من الهجرة الداخلية من الريف الى الحضر، خاصة مع اهمال الزراعة التقليدية وزادت الضغوط على البني التحتية الاجتماعية ، كما شهد السودان تدنياً في قيمة المساعدات الدولية بالاضافة الى آثار الازمة الاقتصادية الدولية على الاقتصاد السوداني وتدني اسعار البترول التي شهدها العالم منذ اواخر العام 2008 حيث تقلصت عائدات البترول بنسبة 20% والاعتماد على الاستثمارات الاجنبية وموارد البترول وضعت الدولة عامة تحت ضغوط شديدة جراء التقلبات التي نتجت عن الازمة الاقتصادية العالمية ، ووضحت الورقة ان هناك ازمة منهجية في البرامج والسياسات الاقتصادية في السودان حيث لايتم التأسيس للبرامج اللاحقة وفق تقييم البرامج السابقة، وقد وضعت خطط في الاعوام السابقة كلها تمت على تقديرات لاتتم مراجعتها للتأسيس على المنجز ومعالجة المتعثر منها مما جعل التخطيط الاقتصادي والاجتماعي والتنموي ككل متعثرا ومشوها وعشوائيا يخلو من الارقام والمؤشرات القياسية، ولاتوجد في السودان مشاركة حقيقية للمجتمع المدني والحكومة والقطاع الخاص ،ووضحت الورقة ضرورة ايقاف العنف والوصول الى سلام مستدام وتطوير انظمة ادارة الدولة والتخطيط الجيد لإتخاذ التدابير لوقف انتهاكات حقوق الانسان والنازحين وتأمين احتياجاتهم الاساسية والسكن والاعاشة والخدمات ودعم التعليم الاساسي وقبل المدرسي والمعسكرات. وتناولت المناسبة المواجهة من بينها العمل المتواصل للمنظمات مؤسسات المجتمع المدني وضع استراتيجية اتحادية وطنية لتطوير العمل الطوعي والانساني، بناء قدرات الكوادر العاملة بالمنظمات الطوعية ،تنفيذ حزمة متكاملة من المشروعات الانسانية والتنموية عبر خطة عاجلة تنفذ بالشراكة مع المؤسسات الوطنية والمؤسسات القاعدية وحكومات الولايات على ان تلتزم الحكومة بتوفيرالاعتمادات المالية اللازمة لذلك ، وعن المداخل فاستراتيجية العمل الطوعي بدارفور للفترة المقبلة طرحت الورقة الاهتمام بالمجالات الصحية وتاهيل المرافق العامة المتاثرة بالحرب، العون المباشر للارامل والايتام ،نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع المختلفة ، محاربة الفقر والتمكين الاقتصادي وزيادة دخل الافراد بجانب تفعيل برامج التمويل الاصغر . وبينت الورقة المشاكل التي تعترض عمل المنظمات الوطنية الدارفورية ابرزها التمويل وتداخل متطلبات المنطقة وتعدد المشاكل التي تسعى المنظمات الوطنية لحلها واشارت الى التحديات في مجال تنفيذ المشروعات والبرامج والانشطة ولم تختلف كثيرا اذ انحصرت في التمويل وقلة المهارات الادارية . وافردت الورقة مساحة للاوضاع الانسانية والاجتماعية بدارفور ابتداء من الاوضاع المعيشية وبالرغم من غياب الارقام الحديثة حول نسب الفقرخاصة ولايات دارفور الثلاث 89% ويعيشون باقل من دولار في اليوم الواحد ، وترصد الدراسات عجزاً في مياه الريف بلغ 76% ويمثل الحصول على سكن لائق خارج المعسكرات امراً صعب المنال، وفي جانب العمل يفتقر قطاع العمل في جميع ولايات دارفور الى آلية تسجيل دقيقة للعاملين مما لا يسمح بقياس واضح للعطالة والبطالة ويعاني قطاع العمل من تردي اوضاع العمالة الريفية، وفيما يختص بالصحة بينت الورقة ان نسبة الصرف الحكومي على القطاع الصحي في دارفور متدنية مقارنة بالولايات الاخرى من حيث الكثافة السكانية ، وعن التعليم فقد بينت الورقة ان القطاع التعليمي مواجه بتحديات نتيجة لحالة النزاع المستمرة والتي ادت بدورها الى تسرب عدد كبير من الطلاب وتدني مستويات التحصيل مما يقود لاعادة السنوات التعليمية ولا تزال مستويات الامية مرتفعة مقارنة بمناطق اخرى تتراوح مابين 62% بين النساء و44% للرجال في الارياف وتناولت الورقة الآثار الاقتصادية في اعقاب الانضمام لمنظمة التجارة وهو الامر الذي سيلقي بظلال سالبة على عملية الانتاج الزراعي خصوصا في دارفور والحقوق الاقتصادية لعدد من من المجموعات ، وان الانضمام لمنظمة التجارة الدولية سيكون له اثر سلبي على بعض المجالات الزراعية ومثل هذه الآثار ستؤدي الى تردي اوضاع الحقوق الاقتصادية للمجموعات التي تعتمد على مثل هذه الزراعات . وعرضت الورقة الثالثة (للعلاقات بين دارفور وحكومة الجنوب بعد الاستفتاء) التي قدمها الدكتور بخيت ادريس اثر الاستفتاء على مستقبل جنوب السودان موضحة انها اقوى من الانتخابات ومن الصعب تعديله لأنه يعكس ارادة المواطنين الحقيقية لذا فإن بند الاستفتاء في اتفاقية السلام الشامل يعتبر نقلة نوعية ، وان ايجابيات وسلبيات انفصال الجنوب على دارفور ليست بالقليلة بحيث ان الايجابيات تتمثل في تعامل اهل دارفور مع دولة لها حدود معترف بها دوليا مثل تعاملهم مع ليبيا وتشاد ومصر، والتعامل الثاني ودور الجنوب سيكون في الاقتصاد والتجارة والعمالة والسياحة والثقافة بجانب التعاون في درء الامراض وتحقيق سلام بين الشمال والجنوب وطي صفحة من المتاعب لأكثر من قرن،توفير اموال الحرب لدعم التنمية في الدولتين ، وتتمثل السلبيات في استمرار النزاع حول حفرة النحاس وربما تطرد قبائل دارفور التي تسكن المنطقة وحرمان اصحاب الماشية من النزوح جنوبا الى بحر العرب في فصل الصيف طلبا للماء والمرعى ومن المؤكد ان يؤدي هذا الى نزاعات قبلية حادة، وعندما تتدخل الدولتان سيؤثر هذا سلبا على كل دارفور ، بالاضافة الى وجود سلاح كثيف ومقاتلين من قبائل التماس مما يجر أي سوء فهم الى حرب قد لاتنتهي ،واي محاولة من حكومة الجنوب لدعم حركات دارفور سوف يؤثر على اهل دارفور كثيرا . وذكرت الورقة ضمانات الامن والاستقرار بين دارفور والجنوب وفي حال قيام حكومة جنوب السودان يجب تسارع حكومة السودان وحكومات ولاية دارفور لتوقيع معاهدات حسن الجوار بحيث تسمح هذه الاتفاقيات بتبادل المصالح بين الحدود ، وتشجيع قبائل الحدود لوضع آليات اهلية تحت اشرافها لرقابة حسن الجوار علما بان قبائل دارفور الحدودية اكثر حاجة للجنوب طلبا للرعي ، ويجب ان تشجع الحكومات المعارض القبلية لتوثيق العلاقات الطيبة وازالة الشوائب التي قد تشعل اي نوع من الحرب ، وان الوقت قد حان لتحقيق سلام دارفور وهذا بمثابة صمام الامان للعلاقات المستقبلية ، وان يفهم مواطنو دارفور ان قيام دولة الجنوب حق اكتسبوه عبر التفاوض لسنوات طويلة وتوسيع التعليم في المنطقة ووجود اجهزه امنية وعدلية قادرة على حسم المشاكل وانشاء معتمديات للرعاة في الحدود . واوصت الورقة بتحقيق سلام دارفور في اقرب وقت ممكن وان يقوم المجتمع الدولي بدعم المواطنين في مناطق الحدود ،وجود معاهدات للسماح للقبائل الرعوية في الجنوب في فصل الصيف والخروج منه في فصل الخريف ، قيام وفد دارفوري لتهنئة حكومة الجنوب بالإضافة الى ضمانات سلامة هجرة اهل الجنوب من الشمال الى ديارهم بدون اي تحرشات ، وخلصت الورقة ان الاستفتاء وقيام حكومة مستقلة في جنوب السودان يجب ان ينظر اليها ربما انها تكون خطوة ايجابية تساعد في التفكير السليم لحكم السودان مستقبلا ولذا ابداء حسن النية هو المطلوب في الفترة القادمة، وربما يعيد التاريخ نفسه فألمانيا قبل 44 سنة انشطرت الى دولتين شرقية وغربية والآن عادت ألمانيا دولة واحدة وكذلك اليمن انقسمت الى دولتين وعادت دولة واحدة مرة أخرى .