مآلات انفصال الجنوب عن الشمال والتداعيات الامنية التي تترتب على ذلك واثرها في تحقيق السلام بالمنطقة،مهددات التعايش السلمي بين القبائل الحدودية والواقع الاجتماعي والثقافي لتلك القبائل وغيرها من المواضيع الاخرى كانت محاور للنقاش في مؤتمر تداعيات استفتاء جنوب السودان على قبائل التماس بجنوب دارفور المنعقد في الفترة مابين (27-30) ديسمبر برعاية مستشار رئيس الجمهورية دكتور مصطفى عثمان اسماعيل، حيث اجمع المتحدثون على ان اتفاقية السلام التي تم توقيعها في 2005م فرضت اوضاعا جديدة ومعقدة على النشاط الاقتصادي والبناء القبلي والاستقرار الاجتماعي وارتباط تلك القضايا بمستقبل الحرب والسلام لاسيما في جنوب دارفور وبحر الغزال . واوصى المؤتمر الذي نظمته جامعة افريقية العالمية بالتعاون مع مركز دراسات المجتمع في يومه الختامي بالعمل على تقوية الادارات الاهلية للقيام بدورها في الضبط والنظام بمناطق التماس والتمازج والرجوع الى الاتفاقيات السابقة للاستهداء بها وحسم تبعية منطقتي حفرة النحاس وكافي قنجي ضمن الملفات العالقة واستشارة قبائل التماس في ترسيم الحدود وضرورة ايجاد حلول عاجلة لمشكلة دارفور اضافة الى عقد اتفاقات لاستمرار المراحيل بين حكومة الجنوب وحكومة الشمال ضمن الملفات العالقة ودراسة امكانية استقرار وتوطين الرحل بانشاء مزارع حديثة مستفيدين من المياه الجوفية في المنطقة واستنباط مصادر دخل جديدة لمكافحة الفقر وايجاد بدائل لمسارات اخرى مناسبة وتعزيز ودعم الروابط الاجتماعية بين الرزيقات والدينكا في حالة الوحدة او الانفصال والنأي بها عن المؤثرات السياسية السالبة والتحول الى اقتصاد سوق بغية الربح والملكية الخاصة للتحرر من التبعية الاقتصادية والقضاء على التواكلية بتطوير المنتجات الحيوانية والزراعية واستخدام آليات الانتاج الزراعي الحديث وتوفير الخدمات الضرورية للرعاة والانتقال بهم لتطوير منتجاتهم الحيوانية هذا الى جانب الاتفاق على بروتوكولات تحدد العلاقات بين قبائل التمازج وكيفية تحركاتها . شح الموارد الطبيعية في مناطق التماس..... صراع ومنافسة حذرت ورقة الباحث في الصراع بين الرزيقات والدينكا دكتور سيد سنين مادبو (مهددات التعايش السلمي بين قبائل التماس قبيلة الرزيقات نموذجا) من مغبة نشوب صراع بين الدينكا والرزيقات بسبب توغلهم في المناطق الجنوبية اذ يقطعون حوالي 400 كلم بحثا عن الماء والمرعى، واستعرض مادبو دراسة ميدانية قام بها الباحث في العام 2006م على عينات من المنطقة حيث اجاب 76.66 % من المبحوثين بان اسباب الصراع بين الرزيقات والدينكا من اجل الماء والمرعى فقط ، فيما بلغت نسبة الذين سيتقبلون تغيير المسار 66.25% الا ان اجابتهم كانت مشروطة بتوفر الخدمات (ماء - رعاية صحية وبيطرية - تعليم ) وقال عدد مقدر من المبحوثين خلال المقابلات الفردية بان اسباب الصراع يرجع الى التنافس على الموارد الطبيعية مع بعض العوامل الاخرى وليس حبا في الصراع. و اكد 41% من المبحوثين في اجابتهم على محور الاخذ بالثأر بانهم يذهبون للجهات القانونية فورا فيما اجاب 23.82 % بالتوجه للجهات القانونية بعد فشل وساطة الآخرين ، مقابل ذلك تحفظت نسبة من المبحوثين على الاجابة على السؤال وعليه فقد وصل الباحث الى ضعف قيمة التسامح وسط الرزيقات غير انهم يميلون للحلول السلمية ويقول: الباحث بربط هذا السؤال مع السؤال الذي يوضح رأي المبحوثين في تاثير الحكامات والهدايين حيث لاحظت ان 80.91% يرون ان تأثيرهم كبير جدا الامر الذي يجعل ثبات قيمة التسامح ضعيفة بسبب الحكامات، وبربط هذا السؤال مع الذي يليه لقياس قيمة العصبية فان المبحوثين ابدوا قبولا للنفور من العصبية بنسبة 80.28% ، غيران دكتور مادبو يرى بان افعالهم تخالف اقوالهم وتتضح هذه الصورة في مجالسهم الخاصة . وفيما يتعلق بمبدأ الاخذ بالثأر اجاب 16.4% بالايمان بهذا المعتقد وهذا حسب الباحث يقود الى ان هناك مجموعة من القيم السائدة تكرس للصراع بدلا من التعايش السلمي ، وكشفت الورقة عن ارتفاع نسبة الفاقد التربوي بالمدارس المحلية ومدارس الرحل اذ بلغ في الاولى حسب تقرير ادارة مرحلة الاساس بمحلية الضعين (115713 ) طالب بنسبة بلغت 86.45% من جملة العدد المستهدف ووصل في الثانية وهي( مدارس نصفية تبلغ الدراسة فيها نصف عام دراسي ابان تواجد الرحل في فترة الصيف حيث توفر لهم الماء والمرعى )الى 49.9% اي بعدد (1004) ويقول: الباحث ان ارتفاع نسبة الفاقد التربوي في ظل محدوية فرص العمل وعدم الخبرة تجعل من احتمالات نشوب القتال بين القبيلتين متوفرة حيث لايتعدى الامر اكثر من امتلاك بندقية وجواد. وبالرجوع الى السؤال الخاص بامكانية التعايش السلمي نجد ان 93.48% اجابو ابامكانية التعايش بين الرزيقات والدينكا ويرى مادبو ان تلك النسبة العالية مؤشر طيب للتعايش السلمي بين القبيلتين وخلص الى ان اسباب الصراعات بين القبيلتين تتعلق باسباب طبيعية تدفعهم الى الهجرة الى المناطق الجنوبية حيث تشتد المنافسة بين الرزيقات والدينكا حتى تصل الى صراع بجانب اسباب تؤثر في المنظومة القيمية بصورة سالبة مما يتطلب تغيرا اجتماعيا وثقافيا يقضي على الامية والعصبية ، الاخذ بالثأر، ويعزز قيم التسامح والحوار ويفرض السلام الاجتماعي وقبول الآخر مهما تقاطعت المصالح في الاقليم الواحد . العلاقة بين الرزيقات والدينكا بعد الانفصال تناول تلك العلاقة الخبير الدكتور عبد اللطيف محمد سعيد في ورقته (التداعيات الامنية لاستفتاء يناير 2011م على قبائل التمازج -العلاقة بين الرزيقات والدينكا نموذجا ) وبدأت الورقة بتعريف القبيلة وركزت على قبيلة الرزيقات كواحدة من قبائل التمازج بين الشمال والجنوب موضحة اقسام هذه القبيلة ومنطقتها وهجراتها وتراثها وقياداتها التاريخية وتناولت الورقة التداعيات الامنية مبينة ان اسباب النزاعات التي تحدث بين الرزيقات والدينكا ترجع للبيئة وسياسة الحكومات المتعاقبة مع بيان دور حركة التمرد وتطرقت في ختامها الى مايجب ان يحدث بعد الاستفتاء ، وتوقعت الورقة ان تؤدي التحركات التي كانت تتم بشكل تلقائي لسنين طويلة دون تقنين حال الانفصال الى خلق العديد من الاشكالات ، ونادى بالعمل على ترتيب تلك التفاصيل قبل الانفصال واستغلال ذلك لاقامة علاقات طيبة بين البلدين كما طالبت بضرورة الاعتراف بان الحدود الجغرافية وترسيمها لايرتكز على الارض فقط ويجب استصحاب السكان والمصالح وحذر سعيد من تجاهل تلك القضية ودعا الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني الى وضع بروتوكولات تنظم العلاقة بين قبائل التمازج وتقنن تحركات القبائل قبل الاستفتاء تجنبا لما قد يترتب عليها من مشاكل امنية كبيرة . وخاضت ورقة الدكتور محمد اسماعيل علي اسماعيل (الواقع الاجتماعي والثقافي لقبائل التمازج في جنوب دارفور ) في ذات اتجاه الورقة السابقة وتوقعت حدوث توترات امنية بين قبائل التماس لضيق المراعي وتغيير مسار المراحيل الى مناطق اخرى وتدهور التجارة لاسيما في ظل اقتراب المنطقة من اقليم دارفور مما يجعل قبائل التماس والتمازج رصيداً لحركات التمرد، وتوقع معد الورقة ازدياد معدلات الفقر في مناطق التمازج نظرا لتأثرها بالفقر منذ ثمانينيات القرن الماضي حيث فقد عدد كبير من المواطنين ماشيتهم واصبحوا اما عطالة مقنعة واما يعملون في اعمال غير مشروعة كالنهب المسلح او مايسمى بجماعة (ام باغة) واختتم اسماعيل ورقته بالتوصية في النظر الى هذه المنطقة مثلما تم النظر في ابيي والبحث عن حلول مناسبة في اطار ترتيب وتشكيل دولة السودان بشكلها الجديد. اما (ورقة التداعيات الامنية للاستفتاء على الرزيقات اكبر قبائل التمازج) التي اعدها بروفسير مصطفى محمد خوجلي والدكتور عوض خليفة موسى من معهد دراسات الكوارث واللاجئين بجامعة افريقية العالمية فقد اشارت الى أن الانفصال سيقلل عدد الدول المجاورة من 9 الى 5 اضافة الى الحدود مع دولة الجنوب ورأى معدا الورقة ان ذلك سيخفض تكلفة مراقبة الحدود السياسية مع الدول المجاورة ماعدا دولة الجنوب التي توقعت الورقة ان يؤدي طول الحدود الى مشاكل متعددة بين القبائل لاسيما في الحدود الجنوبيةالغربية وهي منطقة التعايشة التي درج رعاتها للرعي في المنطقة الشمالية الشرقية التي هي جزء من تشاد وكانت المشكلة القائمة آنذاك لمن يدفع التعايشة ضريبة القطعان لتشاد ام للسودان ؟ وتوقعت الورقة ان يكون عبور التعايشة بعد الانفصال الى افريقية الوسطى عن طريق الدولة الجديدة وبناء على ذلك تصبح المشكلة مركبة مع دولتي تشاد والدولة الجديدة ، والمشكلة الثانية فتتمثل حسب الورقة في ملكية حفرة النحاس والتي يظن ان بها كثير من المعادن اما المشكلة الثالثة فستكون مع قبيلة الرزيقات حيث ان هناك قرى للرزيقات تقع على الساحل الشمالي للبحر وقرى في الجانب الجنوبي يدعي الجنوبيون احقيتهم لها وترى الورقة ان آبار بترول فلوج التي هي جزء من ولاية اعالي النيل تزيد من احتمالات نشوب صراعات مستقبلية ودعت الى معالجة نقطتين اساسيتين في المستقبل وهي مشكلة المرعى والحدود وتحركات العمال الجنوبية نحو الشمال قبل الاستفتاء والا ستظل التوترات السياسية قائمة هذا بجانب تنمية اقليم البقارة الذي يمد السودان باكثر من 70% من اللحوم من خلال تقديم الخدمات البيطرية ومحاربة الآفات الزراعية التي تصيب المحاصيل النقدية والحفاظ على البيئة الحيوانية والنباتية وترشيد استغلالها والابتعاد عن القطع والرعي الجائر واخيرا تطوير وسائل النقل . الإدارات الأهلية الحل الناجع لمشكلات المجتمع الريفي وتطرقت ورقة(نظم الادارة الاهلية لقبائل التمازج بجنوب دارفور) للمستشار الاداري دكتور محمد احمد داني الى تاريخ النظام الاهلي لولاية جنوب دارفور واوضحت ان القبيلة وزعيمها يشكل اصل الادارة والسلطان في الولاية على مدى تاريخها وركزت الورقة على تبعيات التغيرات المتلاحقة للنظام الاداري الاهلي للولاية بما اضعف هيمنة السلاطين والشراتي وغيرهم مما تعاقبوا على ادارة النظام الاهلي للولاية على مدى تاريخها الحديث واوضحت الورقة دور النظام الاهلي في الاستقرار وفض النزاعات الخاصة بالمجتمع الريفي الزراعي والرعوي بالولاية لاسيما مع المشاكل الحدودية وشرحت الورقة اسباب ضعف دور الادارة الاهلية بالولاية وقدمت اقتراحات لدعم حل قضايا قبائل التماس والتمازج وانتقدت الورقة الرؤية الدينية الاسلامية لثورة الانقاذ وطالبت بالخروج من ضيق النظام القبلي الى سعة النظام الاهلي المتمازج الكيانات القبلية ذات المصالح المشتركة .