أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    كبش فداء باسم المعلم... والفشل باسم الإدارة!    ((أحذروا الجاموس))    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كان للادارات الأهلية للقبيلتين دور مهم في توطيد العلاقات
في ورشة نموذج التعايش بين الرزيقات والدينكا

تنشر «الصحافة» فيما يلي ورقة قدمها محمد عيسى عليو خلال ورشة عقدت السبت الماضي حول «التعايش بين الرزيقات والدينكا» في منطقة أبو مطارق بمحلية بحر العرب في ولاية جنوب دارفور.تحت رعاية د. ابراهيم الدخيري وزير الزراعة ورئيس اللجنة المكلفة
خلفية تاريخية:
من المهم جداً أن نلفت النظر ان الهجرات هي المكون الاساسي لوجود القبائل في الحدود بين السودان جنوبه وشماله سابقاً، أو ما بين جمهورية السودان ودولة جنوب السودان حديثا، من ناحية قبائل جنوب دارفور وأغلبها ذات عناصر عربية. معلوم تاريخياً ان منبعها هو مناطق اليمن في جنوب الجزيرة العربية. تدافعت الى شمال الجزيرة ثم الى بقية مناطق الشام والعراق ومصر والسودان في هجرات متتالية أهمها بعد انهيار سد مأرب عندما نزح القحطانيون الى منطقة الحجاز ولكنهم سرعان ما واصلوا هجراتهم لعدم تناسب المناخ فزحفوا الى الشام والعراق ولكن?م خلفوا بطناً كبيراً يحرس الحرم المكي الشريف وهم خزاعة.
الهجرات الأخرى قبل الإسلام بقليل كانت بسبب القحط والجفاف والتجارة فتوغلت بعض البطون العربية الى أعماق السودان.
اما بعد الاسلام فكانت تلك الهجرات المشهودة لنشر الدين الاسلامي وبسبب بعض حروب الردة والحروب الأموية والعباسية، وعندما استقرت بعض البطون العربية في مصر قامت حروب المماليك فأرغمت بعض القبائل للاندياح جنوب النيل حتى سهول البطانة وصحراوات شمال كردفان في وادي المقدم وصحراوات شمال دارفور وادي هور والنخيلة، ولكن هنالك فرع هام من القبائل الجهينية هاجر الى المغرب العربي ثم عبر البحر الابيض المتوسط الى أوروبا حيث استقر بهم المقام في أسبانيا التي فتحها عبد الرحمن الداخل «صقر قريش» وبعد خراب الدولة العربية الاسلامية ف? الاندلس عام 1492م، قامت الرحلات العكسية الى المغرب العربي فتشاد ثم الى دارفور، وكانت تلك هي قبائل الرزيقات، الهبانية والتعايشة والبني هلبة والمسيرية والفلاتا وغيرهم من العناصر العربية التي تقطن جنوب دارفور، وأخذت مكانها في هذه الولاية وفق نظام الحواكير الذي أسسه السلطان موسى بن سليمان سولونق في القرن السابع عشر الميلادي ومن ناحية أخرى في جنوب الوادي استقرت قبائل جنوبية مقابلة الى هذه القبائل العربية وايضا تم ذلك بدافع الهجرات الممتدة لمئات السنين بعضها انحدر من الهضبة الاثيوبية، وشرق افريقيا، خاصة دينكا م?وال بمشيخاتهم الست مشيخة سلطان الشين شين الجكجك، الروب، نوال الترجم، دينق اكول، وسلطان مطوك ولقد اثبت هذه الهجرات أحد القياديين وأحد ابناء سلاطين دينكا ملوال والوزير السابق ضيو مطوك في كتابه العلاقة بين الرزيقات ودينكا ملوال ودور الطرف الثالث كما ان هنالك بعض القبائل الجنوبية تقع في الاتجاه الشمالي للجنوب ولكنها كانت اكثر انصهارا مع جاراتها ذات الاصول العربية في جنوب الشمال السوداني ومثال لذلك، قبائل الكريج، والفرتيت، والنقلقلي والفراوقي وشات، فسبب الجيرة والتصاهر اعتنق معظم افراد هذه القبائل الدين الاسلام? وتمت زيجات عديدة بسبب الجوار واستمر التعايش السلمي بين هذه القبائل سنين عددا، توج ذلك المظهر الحضاري بمدنية كفي قانجي والتي كانت جسرا للمد العربي الاسلامي للجنوب والعكس في امتداد واندياح العنصر الافريقي من الجنوب لدارفور، ولكن للأسف لقد حطم الانجليز هذه المدينة في الثلاثينات من القرن الماضي واصبحت هذه الحضارة اثرا بعد عين.
العلاقة بين الرزيقات ودينكا ملوال «نموذج»
عطفاً على هذه الخلفية التاريخية نلاحظ ان هذا الجوار بين هاتين القبيلتين امتد لأكثر من قرنين من الزمان، هذا الجوار لم يكن عسلا على لبن كما يقولون في الامثال، ولكنه ايضا لم يكن كله نكد.
ان هذه المنطقة الحدودية بين الرزيقات والدينكا تذخر بموارد مائية لا مثيل لها في المنطقة وهو ما يعرف بمنطقة بحر العرب، او كما يعرفه الدينكا ببحر «كير» لهذا السبب قامت حروب عنيفة في القرنين الماضيين تارة بين المسيرية في جنوب كردفان والرزيقات في جنوب دارفور وتارة أخرى بين الرزيقات والدينكا ومرات عديدة بين الدينكا والمسيرية، نلاحظ ان معظم المناوشات والحروب التي تمت بين هذه القبائل، لم تكن لعرقية ممنهجة ولم تكن دينية جهادية، انما الاصل في الحروب الصراع على الموارد المائية الشحيحة مقارنة بالانعام التي توردها في ?لصيف.
صراع الحدود
بالاضافة لصراع الموارد كانت هنالك اختلافات في وجهات النظر بين الدينكا «ملوال» والرزيقات، فالدينكا يرون ان بحر العرب «كير أديم» هو نهاية حدودهم الطبيعية مع الرزيقات وبالتالي يعترفون ان السودان الشمالي تنتهي حدوده في الجهة الشمالية لبحر العرب، ولقد لعب الانجليز في فترة استعمارهم للسودان دورا في انهاء هذا الخلاف، فعقدت مؤتمرات عام 1918م 1924م 1936م وانتهى الامر بتحديد حدود الرزيقات ستة عشر ميلا جنوب بحر العرب، الا ان الشيء المهم في هذه المؤتمرات هو تحديد نوعية التعايش السلمي بين هذه القبائل وحق الرعي والص?د والتجارة بين أفراد القبيلتين فعقد مؤتمر عام 1940م في سفاها «سماحة» دعماً لاتفاق 1936م، لقد صمدت هذه الاتفاقات لعدة سنين، ولكن نشبت حرب بين بعض بطون الدينكا وبعض بطون الرزيقات عام 1944م في منطقة طرور أبو شوك، الا ان الامر حسم بصلح بين القبيلتين بدفع الديات للقتلى واعادة المنهوب من الانعام او التعويض، وارجاع الأسرى بين الطرفين الى ذويهم.
صمود العلاقات
لقد صمدت العلاقة الاجتماعية وتواصلت أطر التعايش السلمي بين الرزيقات والدينكا حتى إعلان استقلال السودان ولكن ببروز حركة انانيا ون المسلحة في اغسطس عام 1955م، والتي كانت بعيدة جدا من مناطق الرزيقات والدينكا الا انها زحفت حتى وصلت مناطق دينكا ملوال المتاخمة للرزيقات عام 1964م، وكان السلطان رينق ألوال سلطان مريال باي على خلاف مع هذه الحركة، ولما لم يستطع الصمود امام هذا الزحف العسكري تحرك بأهله وابنائه وانعامه الى دار الرزيقات حيث اكرم وفادته الناظر محمود موسى مادبو ايما وفادة، بني له المباني المؤقتة، ومنحه مح?مة يرافع امامه فيها اي من الرزيقات او الدينكا او اي شخص متضرر رأى انه يمكنه ان يذهب للسلطان رينق، كما منحه الناظر محمود موسى قطعة ارض خاصة به ليتعبد فيها الدينكا حسب ديانتهم هذه العلاقة الطيبة كانت ردا لجميل الدينكا الذين كانوا يصنعونه للرزيقات في رحلات الشتاء والصيف بين الشمال والجنوب، امتدت هذه العلاقة حتى السنوات الاخيرة للقرن المنصرم.
إفرازات حرب الشمال والجنوب وانعكاساتها على القبيلتين
لقد انعكست هذه الحرب سلبا على القبيلتين، فبالاضافة الى وبال الحرب بصفة عامة على المنطقة، كان استنصار كل من الحركة الشعبية والحكومات الشمالية بكل من القبيلتين سببا أساسياً لتدهور العلاقة بين الرزيقات والدينكا، لقد قامت المليشيات المسلحة في كل من الرزيقات والدينكا بعمليات حربية أضف الى ذلك الهجوم القبلي غير المرشد، وهنالك عنصر ثالث كان له أثر سلبي على محور العلاقة بين قبائل الجوار وهو عنصر المنظمات، فان هنالك بعض المنظمات تزكي الفتنة بين القبائل الذين ظلوا في جوار هادئ لعدد من السنين.
الجوانب الايجابية: للجوار الرزيقي الدينكاوي
إذا أحصينا سنين الحروب بين الرزيقات والدينكا وسنين التعايش السلمي لوجدنا أن نسبة سنين الحروب تتضاءل امام سنين الحب والوئام لقد استغلت هذه القبائل سنين الوئام خير استغلال فتمددت أواصر المصاهرات، وتوسعت القرى التجارية الحدودية وتبودلت فيها المنافع كمناطق «سفاها» سماحة حاليا، ودحيل الدابي والنكاتة وقوق مشار، ونامليل ومنيل ومريال باي وأويل وغيرها من القرى الحدودية، لقد استقرت بعض بطون الرزيقات في هذه المناطق سنين عديدة واستقرت بطون من قبائل الدينكا في مناطق الرزيقات خاصة في مدينة الضعين حيث مُنح الجنوبيون قطع ?راضي في الجهة الغربية الجنوبية للمدينة امتدت لحوالى خمسة عشر كيلومترا مربعا بعقودات منفعة بين جهات الاسكان والمواطنين الجنوبيين، لم يعاملوا مطلقاً كنازحين في مواقع مؤقتة كما ان سنين الهدوء استغلها البعض في الاستفادة من الآخر، كالرعي بالاجرة والزراعة بالمشاركة وكذلك توغل بعض ابناء الرزيقات في أعماق المناطق الجنوبية كسباً للتجارة والصيد وغير ذلك من المنافع الدنيوية.
لماذا وكيف صمدت هذه العلاقات
كان للادارات الأهلية للقبيلتين دور مهم في توطيد هذه العلاقات كانت عيونهم لا تنوم ملء جفونها، بل كانوا يتعاملون بعين نائمة والأخرى «صاحية» وان لم يكونوا كذلك لانفلت الأمر، لأن الجهل يطبق على معظم أفراد هذه القبائل سابقا ولشح الموارد كما ذكرنا، لهذين السببين تحصل المشاكل ولكن رجال الادارة الاهلية في الرزيقات والدينكا سرعان ما يحسمون الامر في دقائق، كما كان هنالك نظام الزفات والمؤتمرات السنوية حيث تخضع هذه المؤتمرات لمناقشة كل شؤون هذه القبائل للعام المنصرم، ووضع الخطط للعام المقبل، كما ان حضور رجال الادارات ?لاهلية الدوري في مناطق المصيف له اثر بالغ لزرع الطمأنينة في قلوب الرعية، اضف الى ذلك المحاكم المشتركة، والاحلاف بين بطون هذه القبائل كما لتنشيط القرى الحدودية التي ذكرناها في صلب هذا البحث في الصيف اثر بالغ في تعايش هذه القبائل مع بعضها البعض.
حقائق ماثلة:
نستطيع أن نقول وعلى طول عصور الجوار بين الرزيقات والدينكا انه لم تقم حرب دينية او حرب عنصرية، او حرب ابادة بين الطرفين كما نستطيع ان نقول وعلى طول عصور الجوار انه لم تقم ادارة اهلية محددة سواء من الرزيقات او الدينكا بتنظيم حرب ضد الأخرى، وانما هنالك صراعات تنشأ بين بعض الافراد والبطون بسبب الموارد ثم تتبنى القبيلتان الامر لا لتوسيع الحرب وانما لاسكاتها ودفع الديات توطئة لاعادة السلام والوئام.
ولكننا نستطيع أن نقول وبكل أسف ان الحرب الشمالية الجنوبية منذ 1955م وحتى توقيع اتفاق نيفاشا ألقت بظلال كئيبة على افراد هذه القبائل المسالمة ودفع الاهل فيها اثمانا باهظة وارواح غالية. هل من تعويض؟ أعتقد ليس هنالك من يجيب!، كما ان هذه الحرب خلقت مشاكل جانبية بين القبلتين لازالت عالقة وهنالك اتهامات يجب ان تناقش بجراءة لطي صفحة الماضي بأي ثمن.
لماذا البكاء على اللبن المسكوب؟
لقد انطوت معظم صفحات الماضي بآلامها وآمالها، ولقد انتهى الجنوب الى مصيره المحتوم وتم الانفصال وأصبحت دولة الجنوب دولة صاحبة سيادة وصاحبة كرسي في الامم المتحدة، وينطبق عليها من القانون الدولي ما ينطلق على امريكا والصين والسودان، ولكن من جانب آخر يبقى الجوار هو الجوار، لن يستطيع أي طرف في الدنيا ان يطوي ارضه عن جاره ويرحل بها، وكذلك لن تستطيع ان ترحل امة بكاملها وتترك ارضها لجارها لمجرد علاقة سيئة نشبت بينهما، لذا لابد من التعايش السلمي، ولابد من تواصل الارحام وتمدد الاجتماعيات وتوفر العلاقات التجارية وتنشيط?الرعي والزراعة وغير ذلك وتشجيع تجارة الحدود وتنشيط العمل الجمركي وتسهيل سبل التواصل بين الشعوب.
خاتمة:
جاء في الاثر لا يصلح آخر هذه الامة الا بما صلح به اولها.
1/ لقد صلح أول هذه الامة بالاعتراف بالاعراف، وتفعيل دور الادارة الاهلية، وعقد المؤتمرات السنوية واحترام الاخر في حقوقه وواجباته، وتفعيل المصالح المشتركة.
2/ ان الاطراف التي سببت الاذى لهذه القبائل لابد لها من الاعتراف بالخطأ الذي وقعت فيه باعلان مارشال تنموي لهذه المناطق الحدودية تكفيرا للآثام التي اقترفت في حق هؤلاء الرعايا وكذلك على المنظمات الدولية خاصة الانسانية منها الاهتمام بمشاريع الخدمات خاصة فيما يتعلق بالغذاء والرعاية الصحية.
3/ على حكومة السودان العمل على توفير موارد المياه لكافة قبائل التماس تقليلا للاحتكاكات مع قبائل الجنوب المجاورة، لاسيما ان الدولة الجنوبية ربما تصدر من اللوائح والقوانين ما يعيق هجرة هؤلاء الرعاة في المستقبل.
4/ أهمية عقد مؤتمرات دورية بين زعامات هذه القبائل لمصلحة جميع الاطراف وجعل آلية اهلية وحكومية لمتابعة تنفيذ ما قررته هذه المؤتمرات والدعم الحكومي المباشر لكل اوجه السبل المؤدية للسلام والوئام وبناء حضارات الجوار، ولتخفيف حدة النزاع لابد من القيام ببرنامج يهدف الى بناء القدرات في كيفية فض النزاعات من خلال لجان السلام.
العمل على الترابط القبلي والتأكيد على ان الانسانية لا تفصل بينها الاديان، لكم دينكم ولي دين، ولا تعلو فيها الاعراق، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، وتتعمق فيها الاعراف، خذ العفو وامر بالعرف كلها دلالات قرآنية تشير الى التواصل الانساني بين بني البشر.
تأمين الغذاء والماء ولكافة افراد هذه المناطق والاعلاف للبهائم فبسببها تنشأ معظم الحروب، وتوفير الدواء للعنصر البشري وانعامه وتقديم كافة الخدمات الاخرى، الصحة، التعليم، العناية البيطرية، تعبيد الطرق، تقوية الاسواق الحدودية، الدعوة القوية للتاريخ المشترك الناصع في الماضي الذي يربط بين افراد هذه القبائل، كالثورة المهدية، الاستقلال وفض النزاعات واللجوء الى الآخر وقت الضيق، والمصاهرة والمؤاخاة.
5/ على دولتي الجوار العمل بشكل جاد على وضع أسس مرنة تساعد هذه المجتمعات على التواصل وسن القوانين الداعمة على هذا التواصل، وتضمين لوائح تنظم عمل الحدود.
6/ تتعاون الدولتان في وضع المشاريع المفضية لانصهار هذه القبائل وعدم قطع العلاقات التاريخية والاسرية، والقوانين الدولية تنظم هذه العلاقات.
7/ على الدولتين الجارتين افساح المجال للإدارات الأهلية من الجانبين وتنظيم أعمالهم الخاصة التي تسهل اتصال افراد قبائلهم ببعضهم البعض.
8/ على القوى العسكرية للدولتين النأى عن الاحتكاك بمواطني هذه المناطق إلا في ظل التنظيم المتفق عليه وفق رؤى القيادات العليا ولما توصلوا اليه من اتفاق للتعايش في المنطقة.
9/ جعل الحدود مناطق تواصل اجتماعي وثقافي وتبادل منافع وتكامل.
10/ وجوب مناقشة كل الاتهامات المتبادلة بين القبيلتين حتى يحق الحق ويبطل الباطل.
اقتراحات:
** نقترح رفع توصيات ومخرجات هذه الورشة للجهات المعنية في الدولتين وللقيادات الرسمية والاهلية ومنظمات المجتمع المدني والاهلية في ولاية جنوب دارفور وولاية شمال بحر الغزال وغرب بحر الغزال، توطئة لعقد مؤتمر أهلي للتعايش بين مواطني الحدود وقبائلهم.
* دعوة الاطراف المعنية في شمال وغرب بحر الغزال عمل ورش مماثلة.
** خلق آلية متابعة لتنفيذ مخرجات هذه الورشة من الجهات الرسمية والاهلية والمجتمع المدني، والمنظمات العالمية.
** توفير الدعم المادي والمعنوي والاعلامي لآلية هذا العمل.
** تنشيط الكتاب في البحث التاريخي الذي يؤطر العلاقة بين هذه القبائل في إطارها الايجابي المفضي بالتعاون والمصالح المشتركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.