عندما أعلن مؤشر الساعة إنتصاف ليل الخرطوم أمس الأول كان ذلك مؤشراً أخر تحول بعده الرقم «صفر» أمام العام 2010 إلى «واحد» معلنا ميلاد عام 2011م إلا أن «الواحد» نفسه ربما ينقسم بعد إسبوع فقط ذهاب الصفر بإعتباره آخر رقم أمام عام السودان الموحد بعد استقلاله في عام 1956م وصعود الرقم واحد الذي سيشهد إنقسام الدولة السودانية الموروثة من الاستعمار البريطاني كان أبرز ما حرك احتفالات الخرطوم براس السنة والتي تاتي متزامنة مع الاحتفالات بالذكري الرابعة والخمسون للاستقلال فحتي حالات الصخب والضجيج التي لازمت الاحتفالات السابقة لم تكن كما كانت، وكأن البلاد كلها تخاف من القادم في التاسع من يناير الذي تجاوز الحديث عنه الحديث عن الأول منه 2010 عام مضى والذكريات تدق أجراس الرحيل تعلن نهاية عامها الأغبر، تصرخ تنادي تستغيث من كان صاحب أو خليل تكتب بداية عمرها «الأشتر»، تبكي على زمن جميل زمن تراوح طعمه مابين طعم الملح وحلاوة السكر، عام مضى والذكريات ترش حول ضريحها الأبدي نثار المسك والعنبر الذي بات بعيدا وخلفته رائحة الخوف والوجل الذي بداء واضحا في عيون السودانين التي غطتها الدموع بعد إعلان ميلاد السنة الجديدة وأصوات الحناجر تفوقت على مكبرات الصوت وهي تهتف «نحن جند الله جند الوطن» يحركهم إحساس الخوف على الوطن الذي يغنون له واين ستكون نهايته بعد أن وضع الأزهري ورفاقه لبنة البداية في يناير الذي مضي إحساس الخوف على الوطن الذي ميز كل المحتفلين أمس الأول وغياب الحضور الطاغي لأبناء الجنوب في مثل هذا النوع من الاحتفالات لم يغيب حالة التفاوت الطبقي في الاحتفالات فالبعض أوقد شمعته من خلف الصالآت المرتفعة درجات الحرارة في أرقي الصالآت الخرطومية مستمتعا بما لذ وطاب من الطعام بينما إكتفي فقراء بلادي برياح يناير الشتوية التي قامت بهذا الدور في الساحات الشعبية وفي نجائل الحكومة التي غابت بصاتها على عكس ما هو معلن في الأيام السابقات بينما أشعل الأخرون شموع الحسرة في قلوبهم وبفعل عدم القدرة على الاحتفال «العندوا ناسه» هكذا قالوا هم ولم نقل نحن في «الصحافة» التي رصدت مشاهد يوم استثنائ في سودان مضي وأكثر استثنايئة في سودان ما قبل الاستفتاء البشير وطنا معافى ويد مبسوطة للكل الثامنة مساء كانت بداية الاحتفالية من خلال خطاب رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير والذي قدمه للأمة السودانية بهذا المناسبة، تعهد الرئيس عمر البشير ببذل أقصى درجات الحيطة والحذر لعدم وقوع انفلاتات أمنية أبان عملية استفتاء الجنوب، لتفويت الفرصة على المتربصين، وأقر بتأثر الوضع الاقتصادي خلال هذا العام لعبور البلاد بعمل استثنائي، وتخصيص موارد مالية ضخمة لعمليتي الانتخابات والاستفتاء. ووعد البشير، لدى خطابه أمس بمناسبة الذكرى ال«55» للاستقلال بتأمين الدعم للأسرالفقيرة، والمصابين، ودعم البنك المركزي بموارد لاستقرار سعر الصرف والحد من معدلات التضخم. وحول الاستفتاء، قال البشير إنه «يكتب آخر سطرٍ في كتاب المعافاة لوطننا الكبير» وتابع وبذا نكون قد حققنا أغلى معاني الاستقلال، وماذا يعنى الاستقلال أنْ يظلَّ الوطن مُتنازَعَاً حولَ مستقبله ووجهته؟ قال الرئيس، إن المرحلة القادمة ستشهد إنفراجا واستمرارا للحريات، بجانب نبذ التطرف، وزاد «ندعو لمجتمع معافى من العنصرية والتشرذم وسنتخذ منهج الوسطية ومراعاة حقوق الآخرين ولا إكراه في الدين». وأكد إنه سيعمل على ايجاد حكومة ذات قاعدة عريضة وقال: «من هنا فإنني أبسط يدي للجميع دون استثناء لنحدد رؤيتنا حول وطننا العزيز وأضاف البشير، إنه والتزامنا بتأمين المواطنين الجنوبيين وممتلكاتهم، فانه يطالب الحركة الشعبية المعاملة بالمثل، ووعد بتهيئة الأوضاع للتفاوض بعد الاستفتاء على مجمل القضايا. التاسع من يناير خوفي منك تطمئنات البشير كانت تتعلق بالمحسوس من المواضيع ولكنها لم تكن لتلج إلى دواخل كل القلوب التي كانت تعلم بان القادم صعبا تحمله وجزء من الأرض سينقسم او سيذهب الى حال سبيله حاملا معة رصيد من الاحاسيس والارتباط الروحي ما بين الشمال والجنوب وما بين الانسان والمليون ميل مربع هكذا كانت الاحاسيس التي بدت من هنا من داخل صالة «الصحافة» وأصوات أجهزة الكمبيوتر ترسل أصوات الغناء الوطني والراية ترتفع من خلال صوت وردي وهو ينادي اليوم نرفع راية استقلالنا ويسطر التاريخ مولد شعبنا لم يكن مكتب التصميم الداخلي خارج إطار هذا الإحساس وصوت جهازهم وامامه الزميل شوقي مهدي يهتف بعزة في هواك نحنا الجبال وللبخوض صفاك نحن النبال قبل أن يرسم هذه الخوف من خلال تصميم الصحافة والتي جاءت صفحتها الأولي مرسوم فيها العلم لم يكن الخوف رهين الصالة ومكتب التصميم فقط وأنا أحمل آليات العمل في رحلتي إلى الشارع انطلقت العبارات من مدير تحرير«الصحافة» الاستاذ حسن البطري لم تكن تعليمات ما قبل الخروج وإنما كانت احاسيسه في هذا المرة «انا حزين» هكذا قال قبل أن يضيف هذا اليوم سيكون آخر أعوام الاحتفال بالاستقلال بشكله القديم سياتي العام القادم وجزء عزيز علينا بعيدا عن حضن الوطن . خوف الداخل انتقل للخارج وبداء واضحا في الطرقات فبالرغم من الحركة الدؤؤبة للناس الا أنك يمكن أن تلاحظ هذا حتى في حديثهم وفي صورهم خوف لم تسلم منه حتى رايات أعلام الوطن التي إرتفعت في الطرقات وحملت على خلفية السيارات لم تكن تحركها رياح شتاء يناير السوداني وانما تحركها مخاوف التاسع من يناير وكان الأعلام في حركتها تبحث عن الحفاظ على الخارطة القديمة دون تجديد هكذا كانت أمنيات الأمس السودانية ومخاوفهم من الجاي بكرة عقد الجلاد مباريات مختلفة في مسرح واحد ما يزيد عن العشرون الفاً من الناس اختاروا إستاد ودنوباوي مسرحاً لخاتمة العام على أنغام فرقة عقد الجلاد ضاق بهم الإستاد ولكن إتسعت أحلامهم في القادم من الأيام عبر أغاني الفرقة وهم يتبتبون الأمال والأحلام برغم أنهم يحسون بانهم كل ما نقول كملنا الليل أطلع باكر ليلا اطول وكل ما نقول كملنا الشيل تطلع شيلة باكر اتقل هذا هو ما يز الحفل الذي تميز ايضا بحضور نوعي مثل كل الوان الطيف السوداني دون أن يغيب أحد شمالاً او جنوباً الرقص الجنوني والصرخات كانت محاولة لإخفاء الذي لا يخفي وهو الاحساس بانها ستكون الليلة الأخيرة للاحتفال بوطن موحد وهو ما لم يستمر طويلا وظهر على السطح عندما ازفت ساعة الالتقاء بالوطن من خلال نشيد العلم احساس الانفصال بداء واضحا حتى من خلال منصة الحفل من اعضاء الفرقة فبعض الذين هتفوا للوطن في العام القادم غابوا الآن أبرزهم عثمان النو والخير قبل أن يعبر الاحساس عن نفسه من خلال الدموع التي انسابت على خدود الجميع تعبير يؤكد على أن الوطن في قلوب الجميع وخصوصا الشباب الذين رفعوا رايات مختلفة الوانها الا أنها تتفق كلها فإنها رايات للوطن الباذخ الذي عاد مرة اخري عبر رائعة «محجوب شريف» بتمنآك موحد بنيلك موسم خيرك على أهلك مقسم الا أن البعض لم يكتفي بأمنيات شريف وحده واستعادوا التاريخ بإعتبارها يصنع المستقبل رافعين علم الاستقلال ومنادين على الأزهري احرار احرار مبادي الأزهري والتي تحولت إلى وطن الأزهري لن ينهار، غاب المهدي الذي حضر العام الماضي ولكنه ترك مكانه في هذه المرة للهلال والمريخ الذي مثلهم في تلك الليلة كل من سيف مساوي وموسي الزومة الذين تباروا في اخر مباريات الموسم في ملعب إستاد ود نوباوي. الشرطة تجفف منابع المياه مثلت الشرطة عبر منسوبيها حضوراً كبيراً في ساحة الاحتفال وسيطرت على الموقف تماما ولم تشهد ساحات الاحتفال في الخرطوم اي تجاوزات تذكر برغم بعض الهنات وكانت المعركة ما بينها والمحتفلين تاخذ طابعا جميلا من التواصل الذي لم يخلو من الطرائف مع الشباب والذين حملوا بالأمس قوارير المياه فارغة فكل من يحمل قارورة في الشوارع المكتظة بالناس فامامه احد خيارين إرتشافها أو صبها على الأرض وسط ضحكات الجميع الذين بادلوارجال الشرطة أمس الابتسامات والضحكات استشراقا لعام جديد في المقابل غاب امس استخدام البيض والدقيق في الشوارع بعد إرتفاع الأسعار التي الغت بظلالها على عملية التعبير في راس 2010م في الطرف الأخر كان رجال المرور بازيائهم المضيئة فرسان الليلة بعد المجهود الجبار الذي بذلوه من أجل انسيابية الحركة بالرغم من الضغط الهائل وكل العاصمة في تلك الساعات من الليل كانت في الشوارع حيث واصل رجال المرور عملهم حتى الصباح الباكر لم يكونوا وحدهم حيث تقدمهم مديرهم اللواء عابدين الطاهر الذي ارتفعت اياديه وهو يساهم مع جنوده من أجل انسيابية الحركة في شارع المطار. بصات الولاية حضرنا ولم نجدكم ولاية الخرطوم التي احتفت بالاستقلال على طريقتها واعلنت عن ساهمتها في فرحة الشعب بالأعياد من خلال شعار الاستقلال «الوطن الباذخ» و من خلال توفير ساحات الاحتفال وتجهيزها وتوفير المواصلات التي تعود بالناس الا منازلهم من خلال «بصات الولاية» الغائب الابرز عن شوارع الخرطوم امس الاول ففي ظل الازدحام الذي ميز الشوارع وغياب وسائل المواصلات لم يجد المواطنين سوي المظلات المضيئة التابعة لشركة المواصلات من أجل ممارسة رحلة إنتظار طالت حسموها أخيرا بالمشي سيرا على الاقدام. التفاوت الطبقي حاضراً لم تغب حالة التفاوت الطبقي في احتفال وداع السنة فكل غني وضحك علي قدر إمتداد جيبه ففي لحظة التي اختار فيها ميسوري الحال ساحتهم التي إمتدت بشارع المطار حيث الكافتريات والصالآت المكيفة اختاراخرون شارع الله وأكبر ساحة للاحتفال تجاوزوا من خلاله لسعات البرد بضحكاتهم واستبشارهم بالعام القادم وتحقيق آمالهم وأحلامهم متخذين من نجيل «حبيبي مفلس» في الفتيحاب ساحة للاحتفال مضيفين عليها ملح الأرض فقراء بلادي احتفالاً كان الجميع فيه يمازح الجميع ويضاحكهم وكانهم أهله ولم يكن التفاوت في ساحة الاحتفال فقط فحتى فادواته كان الأمر كذلك الا أنهم أخيرا التقوا في مقولة صلاح حمادة الضحك والفرح هو السعادة الوحيدة التي امتلكها الفقراء أكثر من الاغنياء أمس التغريد خارج الزفة في اللحظة التي كان يتبادل فيها الجميع تهاني العام الجديد عبر طرقهم المختلفة ورنين الهواتف يحمل الأمنيات بعام سعيد ملئ بالانجازات وفي قلب الخرطوم ووسط السيارات المتراصة وصافرات رجال المرور تبحث لها عن طريق للوصول كان هو يشق طريقه ويدوس باقدامه على بنزين عربته اللوري متجاوزا بعربته تجمهره الواقفين والواقفات وقوارير مياهم الموجهة لكل صاحب عربة في تلك الأمسية الا أن هذه القوارير لم توجه نحو ذلك الضاحك والباسم للحياة بالرغم من أنه يدور في فلك غير الذي دار فيه الجميع بينما كان هو يعبر كل المساحات من أجل ممارسة مهنته وواجبه المقدس ولسان حاله يقول لو اعيشا زولا ليهو قيمة أسعد الناس بوجودي وكانت قيمته في استمساكه بواجبه. في ليلة راس السنة. عام مضي من أعوام السودان ربما يكون هو العام الاخير وربما يكون هو العام الأول لسودان جديد ولكنه ناقص هكذا كان لسان حال الاحتفال أمس الأول الذي وجد فيه الحزن مساحة واسعة تمدد فيها في لحظات ولكن الناس عادوا لحياتهم الطبيعية وفي القالب شئ من حتى وفيه أيضا حتى للتواصل السوداني الاجتماعي الكبير برغم فعائل السياسة بدت في مجموعة من الشباب يتوسطهم «روبن» يحتفون براس السنة على طريقتهم ولسان حالهم خلوها زي ما تجي تجي ولكننا لن ناي الا ونحن نحمل الحب والتواصل لان الناس في بلدي يصنعون الحب كلامهم انغام ولونهم بسام وحين يتقابلون يهتفون بالسلام وهو الأمل المنتظر مع الرقم الجديد للعام القادم في حياة الوطن.