«سوف أرسل أبنائي إلى مسقط رأسي بالجزيرة لحين أنجلاء الموقف عقب التاسع من يناير القادم» هكذا إجاب الموظف عثمان الطيب على سؤالي حول توقعاته لأجواء اليوم الذي سيشهد بداية عملية الاستفتاء، وقال إنه يتوقع أن يمر اليوم بهدوء دون أن تكون هناك تفلتات تعكر صفوه، وحينما قلت له إذن لماذا سترسل أسرتك خارج العاصمة رغم استبعادك لفرضية حدوث أعمال خارجه عن القانون أجابني؟ فقال للضمان فقط. حالة المواطن عثمان توضح أن هناك تنازع في دواخل الكثير من سكان العاصمة الذين يتوقعون أن يمر اليوم المضروب لبداية الاستفتاء بسلام وفي ذات الوقت تراود مخيلتهم صور الأحداث التي أعقبت وفاة العقيد جون قرنق وهي سبب توجس البعض خوف من مجهول غير واضح المعالم. ورغم إن المواطن تساوره الشكوك حينما يري تواجد شرطي مكثف لم يألفه ويعتبره مؤشر لخطر قادم يدفع القوات الأمنية لتكون في حالة تأهب قصوى، إلا أن المشهد أختلف هذه المرة بحسب الكثيرون الذين أكدوا تقبلهم لأمر التواجد الشرطي المكثف في مختلف أنحاء العاصمة وعدم تخوفهم منه ويعتبرونه طبيعي في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وارجعوا ذلك لانتفاء أسباب حدوث أعمال شغب تتزامن مع بداية الاستفتاء ويرتكز أصحاب هذا الرأي على جملة من الشواهد والمعطيات أبرزها كما قالوا أن ماستسفر عنه الصناديق بانت واضحة ولن تكون هناك مفاجأة تدفع البعض الى الاحتجاج حتي بعد إعلان نتيجة الاستفتاء في النصف الأخير من هذا الشهر، علاوة على حالة التأهب الأمنية القصوى وجاهزية واستعداد الشرطة للتعامل مع أي طارئ، وأشاروا إلى أن قواعد الأحزاب المعارضة لن تنزل إلى الشارع بداعي التقارب النسبي بين الأحزاب الكبري والمؤتمر الوطني وإعلان أحزاب المعارضة النضال «السلمي» وسيلة لتغير النظام الحاكم وليس الحرب وأعمال الشغب، علاوة على ذلك يشير أصحاب هذا الرأي ومنهم الطالب الجامعي مصعب إلى أن الجنوبيون المتواجدون بالخرطوم يفضل معظمهم البقاء بالشمال لأسباب مختلفة منها الأكاديمي والعملي وغيرها وهؤلاء وحدويين، أما الانفصاليين فلا توجد مسوغات مقنعه تدفعهم للدخول في مواجهات مع الشرطة وذلك لأنهم يتوقعون أن تفضي نتائج الاستفتاء لانفصال ينشدونه، ورغم حالة الاطمئنان التي يبدو عليها الكثير من الذين تحدثوا «للصحافة» غير أن هناك من أبدي تخوفه رغم ثقته في قدرة القوات الأمنية المختلفة على فرض الأمن ويقول حامد الشيخ أن الخوف في هكذا أحداث أمر طبيعي وذلك لأن التاسع من يناير ليس ككل الأيام التي مرت على السودان ومن هنا ينبع الخوف الذي لايعرف الكثيرون مصدره، وقال إحساسنا مختلط فهو مزيج من الخوف والأمن والحزن ونسأل الله أن يحفظ بلادنا. قوات الشرطة من جانبها أكدت على لسان قادتها ومنهم وزير الداخلية حرصها على حفظ الأمن خلال أيام الاستفتاء وكشفت خلال احتفال استعراض القوة الذي شهده ميدان الفروسية عن إعداد «17» ألف شرطي لتأمين البلاد، وأرسل قادة الشرطة وعلى رأسهم مديرها العام الفريق هاشم الطيب تحذيرات واضحة لكل من يحاول إثارة الشغب وفي ذات الوقت بعث برسائل تطمئن المواطنين بأن الأمن سيكون مستتب، وكانت شرطة ولاية الخرطوم قد أقدمت في احتفالات رأس السنة على خطوة وصفت بالذكية والموفقة أزالت بها المخاوف التي كان يتوقع أن يبديها المواطنين عند إنتشارها المكثف في الأيام القادمة وذلك حينما قامت بتأمين الاحتفالات بطريقة مهنيه نالت رضاء سكان العاصمة والأجانب. ويري الفريق شرطة عثمان فقراي أن مخاوف البعض تبدو غير منطقية وليست موضوعية وقال:بحكم خبرتي الشرطية أستبعد تماما حدوث أعمال شغب أو خروقات وتفلتات غير قانونية من جانب المواطنين وذلك لعدم وجود أسباب تدفعهم الى مواجهات السلطات الأمنية، والشعب الذي لم يثير شغب في الانتخابات التي بلغت خلال أيامها حالة الاحتقان مداها لن يثير شغب هذه المرة وذلك لان المعني بالأمر الأخوة الجنوبيين في المقام الأول وأتوقع أن تكون هناك احتكاكات طفيفة بين الانفصاليين والوحدويين وسط الإخوة الجنوبيين، وعلى قوات الشرطة تأمين الأحياء الطرفية والتواجد بكثافة وذلك للحيلولة دون وقوع صدامات بين الأخوة الجنوبيون، وعلى المواطنين عدم تهويل الأمر والتعاطي معه بكل هدوء فلن تكون أعمال خارجه عن القانون وسيكون الأمن في أفضل حالاته. الباحث الاجتماعي محمد إبراهيم السيد قال أن الخوف غريزة طبيعية وهو ظاهرة صحية في مثل هذه الظروف وذلك لأنه يرفع درجات وعي المواطن ويجعله يتفاعل مع الأحداث، وحالة التنازع الداخلي وسط سكان العاصمة ترجع الى أن الحدث كبير، وفي تقديري أن التنازع مابين الأمن والخوف يوضح الثقة في قوات الشرطة من جانب والحزن والخوف من انفصال متوقع لجزء من الوطن على الجانب الأخر، وأكد أن يوم التاسع من يناير لن يشهد أعمال عنف وذلك لأن المواطنين باتوا يدركون أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار. إذن مابين التوجسات والاطمئنان المشوب بالحذر تبقي الحقيقة التي تشير الى أن يوم التاسع من يناير سيمضي كسائر الأيام رغم أنه سيشهد حدث كبير، والجميع أتفق على أن الأمن والأمان سيكونان حاضران مستبعدين وقُوع تفلتات أمنية وهذا هو الهدف المنشود للمواطنين والسلطات.