مابين المزايدة بالوحدة والابتزاز بالانفصال بدأت امس صفحة جديدة في تاريخ السودان الذي بات وشيكا وحتميا ان يتحول الي دولتين ،حسب استحقاقات نيفاشا . «الصحافة» استطلعت في يوم الاقتراع الاول قيادات الاحزاب السياسية الذين اعربوا عن حزنهم وقلقهم علي انفصال الجنوب محملين المؤتمر الوطني وزر انفصال الجنوب بتهربه من تنفيذ استحقاقات السلام العادل قبل ان ينادوا بطي صفحة الماضي بمراراته وترسباته بما يخدم مصالح وامال وطموحات الجميع . وقال رئيس الهيئة العامة للتجمع الوطني الديمقراطي فاروق ابوعيسي ان الانفصال اصبح امرا واقعا ،مشيرا الي ان الحركة الشعبية، عملت ومنذ وقت طويل علي تشبيع المواطنين الجنوبيين بخيار الانفصال في جو هادئ دون ان تعلن ذلك، وحمل ابوعيسي الحكومات العسكرية والديمقراطية مسؤولية عدم التعامل مع أزمة الجنوب بشكل موضوعي غير انه القي اللوم الاكبر علي المؤتمر الوطني، مبينا انه اضاع 6 سنوات من عمر الاتفاقية دون ان يعمل علي جعل خيار الوحدة جاذبا في الوقت الذي عمل فيه علي انتهاج سياسات ادت الي تحويل الجنوبيين الي مواطنين من الدرجة الثانية، واضاف ابوعيسي علينا التوقف عن البكاء علي اللبن المسكوب واكمال مشوار الاستفتاء الي اخره الي ان يتم الانفصال ومن ثم الالتفات الي واجباتنا الوطنية باعادة النظر في مجمل اوضاعنا بقراءة عميقة لتجاربنا السياسية منذ الاستقلال والتخلي عن كل ماهو سلبي ووضع دستور جديد تتواضع عليه القوي السياسية علي ان يتم التأكيد في هذا الدستور علي قيام دولة مدنية يتعايش فيها الجميع بالتساوي والعدل وان يتم التخلي عن الجمهورية الرئاسية واستبدالها بجمهورية برلمانية تكون فيها الحكومة المنتخبة مسؤولة امام ممثلي الشعب في البرلمان بجانب العمل علي استقلالية القضاء السوداني واستعادة كفاءته وهيبته وكل المؤسسات العدلية والعمل علي التفكير في تحديد مخارج للأزمة المعيشية الطاحنة التي يعيشها الشعب السوداني وانتهاج سياسات بديلة لتلك التي تنتهجها الحكومة . اما نائب الامين العام لحزب الامة القومي عبد الرحمن الغالي فقد نعي انفصال الجنوب الذي قال بانه تم الاعلان عنه رسميا قبل النتيجة بلسان رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت والكنائس الجنوبية الذين دعوا الجنوبيين للتصويت للانفصال، مشيرا الي ان زيارة رئيس الجمهورية الاخيرة لجوبا كانت في اطار التعهدات التي قطعها للمجتمع الدولي والتي تنصب في احترام قرار الجنوبيين والقبول بنتائج الاستفتاء ايا كانت ، والقي الغالي وزر انفصال الجنوب علي عاتق المؤتمر الوطني مؤكدا بان الاخير ومنذ انقلاب يونيو 1989م ظل يعمل للانفصال بعد انقلابه علي الحكومة الديمقراطية التي قطعت شوطا كبيرا في المفاوضات مع الحركة الشعبية والتي نتج عنها اعلان وقف اطلاق النار والاتفاق علي قيام المؤتمر الدستوري وانطلاق برنامج الاغاثة لجنوب السودان ،مؤكدا بان هذه النتائج جاءت دون ان يكون هناك مطلب لتقرير المصير ودون اي تدخل اجنبي ،واضاف الغالي بان انقلاب الجبهة الاسلامية قطع الطريق امام الحكومة الديمقراطية وعمل علي انتهاج سياسات طاردة للجنوبيين بجانب اعلان الجهاد وغيرها من السياسات الاخري،مبينا بان تلك السياسات والتي انتهجتها الانقاذ منذ انقلابها وحتي 2010م كرست لانفصال الجنوب ، واضاف الغالي المخرج الوحيد من الأزمة الحالية هو قيام حكومة قومية ذات مهام واضحة وكتابة دستور جديد بجانب العمل علي حل مشكلة دارفور واقرار الحريات واجراء انتخابات عامة في الشمال، مشيرا الي ان الحكومة الحالية لاتملك شرعية البقاء . ووصف الناطق الرسمي بالحزب الشيوعي يوسف حسين ، ارث الشعب السوداني منذ الاستعمار بالوحدوي، مشيرا الي اختيار الجنوبيين وحدة الهياكل الدستورية في مؤتمر جوبا 1947م بجانب ترديدهم للشعارات الغالبة في الشمال والمناوئة للاستعمار ، واضاف حسين بانهم في الحزب الشيوعي ورثوا ذات الارث الوحدوي وعملوا علي تحقيقه منذ مذكرة حسن الطاهر زروق وعبد الخالق محجوب في مؤتمر المائدة المستديرة وبيان 9 يونيو 1969م لجوزيف قرنق عن الحكم الذاتي الاقليمي ، وقال حسين كانت لدينا امال عريضة في تحقيق الوحدة غير انه لسوء الحظ فشل المؤتمر الوطني في تنفيذ استحقاقات نيفاشا وعمل علي اعلان الجهاد واعاق التنمية، واعترف حسين بوجود تراكمات بين الشمال والجنوب غير انه رأى بانها لم تكن ملموسة الا بعد الانقاذ ،مشيرا الي ان المشروع الحضاري الاحادي الذي فرضته الانقاذ عجل بانفصال الجنوب، واكد حسين مضي الحزب الشيوعي في المسيرة الوحدوية والتعايش السلمي، مشيرا الي انهم سيظلون متمسكين بوقف العدائيات وعدم الخوض في حرب جديدة والعمل علي خلق علاقات جوار طيب وحل كل القضايا العالقة في جو اخوي لعلها تحقق الوحدة المرجوة مستقبلا ،وحذر حسين من تجاهل القضايا الاخري موضحا بان صراع الموارد سيقود الي صراع الهوية ، وامن حسين علي قيام مؤتمر دستوري والتوافق علي دستور جديد وحل مشكلة دارفور علي اسس سليمة. وهنأ القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي علي السيد الحركة الاسلامية بتحقيق امنيتها بانفصال الجنوب الذي سعت له من زمن بعيد، ، واضاف السيد بان اصرار المؤتمر الوطني علي الدولة الدينية دفع الجنوب للانفصال، ووصف السيد زيارة البشير لجوبا بزيارة الوداع وابرام صفقة لطرد الحركات الدارفوية من الجنوب ،وعاتب السيد الحركة الشعبية لانها ارتضت ثنائية نيفاشا وانحصارها بينها والمؤتمر الوطني، مضيفا بان قومية الاتفافية كانت ستجنب البلاد خطر الانقسام ورأى بان القوي السياسية لم تعمل من اجل الوحدة بما يكفي ولم تضغط لتحقيق التحول الديمقراطي. واعرب الامين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر عن حزنه البالغ لمآلات الاوضاع بالبلاد، مشيرا الي ان الظروف التي صاحبت توقيع الاتفاقية والدستور وتحديد سلطة المؤتمر الوطني في الاتفاقية ب52% و28% للحركة الشعبية وابعاد القوي السياسية عن تنفيذ الاتفاقية جعل الجنوبيين في موقع التصويت للانفصال في الاستفتاء ،وقال كمال ،ان المؤتمر اساء الاستحقاقات الدستورية بسبب عدم خبرته ، واشار الى ان المؤتمر الوطني خسر الرهان وافسد مناخ الوحدة وجر الجنوبيين للانفصال.