اتهامات متبادلة بين الشريكين وعزوف متواصل لم يشفع لاجتهادات المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لحث المواطن الجنوبي بالاقبال لعملية السجل في مراكز ولاية القضارف المختلفة بعد أن سيطر الاحجام علي عمليات التسجيل لبعد المسافات وعزوف القوي السياسية. حيث بلغت نسبة التسجيل في مركز القضارف حتي تاريخ 23/11 «639» مواطنا بجانب «301» لمركز الفاو و«251» لمركز الحواتة فيما بلغت نسبة تسجيل مركز الشواك «297» مواطنا وكانت نسبة تسجيل مركز دوكة «250» مواطنا لتصبح جملة التسجيل في الخمسة مراكز لولاية القضارف حتي تاريخ 23/11 «1738» مواطنا جنوبيا بنسبة 20% من العدد المستهدف الذي يبلغ «6729» مواطنا جنوبيا يحق لهم التصويت فوق سن الثامنة عشرة فيما بلغت جملة احصائيات المواطنين الجنوبيين «13457» مواطنا حسب احصائية العام 2008م وبلغ عدد التسجيل للإناث «555» بينما بلغ عدد الذكور المسجلين «1173». وارجع السلطان عيسى ناويلا تابو سلطان قبيلة الشلك ضعف عملية التسجيل الي عدم مشاركة سلاطين الحركة الشعبية في عملية التسجيل حيث عملوا علي تحريض المواطن الجنوبي علي خلفية الصراع الدائر بين السلاطين ما بين مؤيد للانفصال واللونية السياسية ما بين الوطني والحركة الشعبية مضيفاً بأن سلاطين الحركة الشعبية استخدموا أساليب تدعو وتحث المواطن الجنوبي للانفصال بعد ان أطلقوا عبارات «اذا سجل المواطن الجنوبي في الشمال يكون لاجئاً في الجنوب حال الانفصال»، مضيفاً بان الحركة الشعبية تحرض المواطن علي عدم التسجيل بحجة ان هنالك تفويجا من قبل الحركة للتسجيل في الجنوب بعد أن استخدمت الحركة الجنوبيين المثقفين والسلاطين والشباب لانفاذ تلك المهمة. من جهته أشار السلطان جيمس وول رئيس سلاطين الولايات الجنوبية بالقضارف الي الاستهداف والمخطط الذي تقوده الحركة الشعبية ومجمع الكنائس عبر القساوسة في ليلة الترانيم والصلاة بكنائس الولاية المختلفة للقيام بتحريض المواطن لعدم الذهاب للتسجيل مما يعد خرقاً للدين المسيحي، وأشار وول الي أن احجام الجنوبيين من التسجيل يعود لمشاركتهم في عمليات الحصاد. فيما أشار الأستاذ لوال ميان لوال رئيس مكتب الاستفتاء لجنوب السودان بالقضارف والناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية الي تحفظ المواطن الجنوبي بالولاية وسعيه للتسجيل بالجنوب انفاذاً لرغبته الحقيقية بعد أن أصبح يعي دوره تماماً بعد التجربة السابقة في الشمال والجنوب، مشيراً الي أن عملية التسجيل تتم الآن وفق رؤية المواطن الجنوبي الذي يحدد مصيره القادم نحو الانفصال أو الوحدة، وأضاف لوال بان الحركة الشعبية لن تسعي للتحريض او حث المواطن الجنوبي للتسجيل في الجنوب او الشمال بل المؤتمر الوطني عبر السلاطين الجنوبيين المنتسبين اليه ذهبوا لاستجلاب عمال المشاريع الوافدين للولاية بغرض الحصاد بجانب تسجيل مواطنين شماليين من قبائل النوبة ودارفور مما يعد خرقاً للوائح التي تنظم عمليات السجل ، مضيفاً بأن السلاطين لا يملكون خبرة ورؤية واضحة نحو مصير السودان وأبنائه في الشمال والجنوب بل أصبحوا يسعون لكسب المال وانفاذ أجندة المؤتمر الوطني، وحذر الناطق الرسمي للحركة الشعبية من صعوبات قادمة تواجه عمليات الاستفتاء لبعد المسافات للمواطن الجنوبي من موقع الاقتراع في ظل شح الامكانيات، وأضاف سيادته بان المواطن الجنوبي قد فقد الثقة في المؤتمر الوطني منذ اتفاقية نيفاشا للخروقات المتعددة بعدم الالتزام الكامل لانفاذ البنود بجانب التجاوزات التي تمت من الحزب الحاكم من قيادات الحركة عامة والشمال خاصة عقب اعتقال الأمين العام ونائبه وهي تؤكد الاستهداف القائم ولي ذراع وتعطيل مسير السلام ونشاط الحركة موضحاً بانهم وحدويون لكن بأسس جديدة تحفظ حقوق المواطن الجنوبي التي تغول عليها المؤتمر وأجهض مكتسباتنا، وانتقد لوال تصريحات نافع علي نافع وكمال عبيد وقطبي المهدي ووصفها بتشجيع المواطن الجنوبي علي الانفصال بعد سعيهم لاستهداف المواطن الجنوبي وايقاف الخدمات الضرورية للجنوبيين وما حدث في ولاية الجزيرة يؤكد ذلك وقال أن المواطنين الجنوبيين قد فرغوا من اجراءات عودة طوعية لأكثر من «13000» مواطن جنوبي الي الولايات الجنوبية بعد أن تم الترتيب لاستقبالهم بواسطة حكومات الجنوب وولاة الولايات الجنوبية. من ناحيته أكد الشيخ عبد القادر محمد علي، الأمين السياسي للمؤتمر الوطني بان احجام الجنوبيين لعمليات التسجيل يعود للمخاوف الدائرة والتصريحات بين الشريكين، مشيراً الي أن الحركة تنقسم الي انفصاليين ووحدويين والذين يستولون علي السلاح والمال داخل الحركة يدعون الي الانفصال وهم لا يملكون القدرة الكافية والرؤية السياسية، وأضاف الأمين السياسي للوطني بان مصلحة المواطن الجنوبي هي الوحدة الشاملة لأن وقوع الانفصال يقود لدولة معزولة من الموانئ البحرية وتصبح بذلك دولة غير قادرة لاستغلالها مواردها المتاحة، وتوقع أن تواجه الحركة صراعات داخلية بين الانفصاليين والوحدويين وصراعات قبلية ، وأشار الي أن الانفصال يولد دولة عاجزة عن تقديم الخدمات والضعف في هيكلها السياسي والاداري ويعد ذلك لتسلق الطامعين في ثروات الجنوب، مضيفاً بان الحركة منذ نيفاشا ظلت تتهم الوطني بعدد من الاتهامات غير المسؤولة والصحيحة. وقال المحلل السياسي ونائب الأمين العام بالحزب الاتحادي الديمقراطي بابكر ميرغني،ان ما يحدث الآن في الساحة السياسية بين الشريكين نتيجة حتمية منذ اتفاقية نيفاشا 2005م التي غيبت القوي السياسية وتمتع الشريكان بالسلطة والثروة وتناسوا استحقاقاتهما ولم يلتقوا الا في العشرة الأواخر ليصبح الصراع الدائر والاتهامات المتبادلة مما أدي الي تمزق السودان ووقوعه في دائرة الانشطار، وقال ميرغني بأننا نتهم الوطني بخطأ البداية وخطيئة النهاية وهو يتحمل ما يعود اليه الحال بعد أن دعت القوي السياسية عبر التجمع الوطني واتفاقيتي القاهرة وجيبوتي اللتين طالبتا بمؤتمر جامع للقوي السياسية تحسباً لما يدور الآن، منبهين للتدخلات الأجنبية في اطار الحل الوطني للقضايا العالقة، الا أن الحزب الحاكم لم يستمع للنصح ويمضي في سياسته مع الحركة الشعبية بالاتهامات المتبادلة وينفرد بحكم الشمال والحركة بحكم الجنوب رغم ما يشاع بالديمقراطية التي لم تولد بين الشريكين ، وأضاف المحلل السياسي بابكر ميرغني بان الثقافات السودانية والحضارات الاجتماعية المتبادلة بين المواطن الجنوبي والشمالي سوف تظل ضاربة في الجذور عبر جغرافيا وتاريخ السودان لن تتأثر بالانفصال اذا وقع لأن حركة المجتمع وثقافته لا تحدها وتصدها حدود ادارية وسياسية أو فرمانات حكومية فالثقافة لا دولة لها ، واشار الي أن المؤتمر الوطني تفاجأ بالواقع السياسي الدائر الآن حول الانفصال حتي أصبح منسوبوه يطلقون تصريحات يساراً ويميناً كالذي يتخبطه الشيطان من المس وهم لم يقرأوا فكر الحركة الشعبية من خلال المجموعة التي خلفت الراحل قرنق في السلطة وعلاقتها الدولية وهو المفهوم الوحدوي لتيار قرنق ليمضي الوطني نحو ضبابية وقراءة الواقع السياسي وسط تعتيم وعدم مصداقية في تصريحات منسوبيه مما يعطي قراءة غير صحيحة للواقع السياسي، وانتقد ميرغني رؤية الشريكين وعزلهما للقوي السياسية وعدم اشراكهما للدعوة للسودان الموحد، موضحاً بان الحركة الشعبية لا تتفق مع نوايا الوطني وكان من الأجدي للشعبية ان تلجأ لنظرة القوي السياسية حيال وحدة السودان وما حواه لقاء أسمرا من ميثاق متبادل بين القوي السياسية والحركة الشعبية لو أتيح للتجمع حسب المشاركة الكبيرة لأسهم في طي كثير من القضايا العالقة ولكان أمر الوحدة اقرب من الأنفصال، وأضاف بان الاحجام عن التسجيل يعود لعدم ثقة الجنوبيين في طرح الوطني لقضيتهم التي أدركها مؤخراً حيث نجحت نظرة الحركة في استقطاب قواها قبل أن يسعي الوطني لذلك فاعتقد بان تصريحات قيادات الوطني الأخيرة تؤكد نظرتهم لعدم قيام الاستفتاء لعدم نجاح التسجيل في الشمال، وأضاف بان الوطني يسعي لمزيد من التنازلات في السلطة والثروة لجعل الوحدة خيار الجنوب نظير التنازل من طرح الانفصال، وحذر من سفك الدماء وتفكك وانفصال في المؤتمر الوطني والحركة الشعبية اذا حل الطلاق السياسي بين الشريكين . اذا هي ضبابية وتعتيم في الواقع السياسي بين الشريكين لتظل الاتهامات المتبادلة والجدال الدائر يسيطران علي أروقة الشريكين نحو البحث لخيار الوحدة الذي اصبح الطريق اليه شائكا في ظل احجام المواطن الجنوبي عن عمليات التسجيل وربما تسيطر الصراعات الدائرة والتصريحات بينهما علي الواقع السياسي لتفرز مآلات الانفصال وربما يطرأ خيار الحوار السياسي بين الشريكين نحو البحث عن واقع أفضل لجعل الوحدة ممكنة في حوار للسلطة والثروة قد يفضي باتفاق ينهي الطلاق السياسي.