قصص مبكيات وتراجيديا حزينة ممزوجة بالالم ومآسي الشباب الذين وقعوا ضحايا سماسرة الهجرة الشرعية الذين يبيعون الوهم ليحصد اولئك احد الامرين اما - الموت غرقا في عرض البحار،- او سفوح الجبال او داخل سجون الامن، ومن ينجو منهم ويساعده الحظ فلا يعمل الا كنادل في البارات او الملاهي الليلية او غاسل اطباق في مطعم او بواب او عامل نظافة وغيرها من الاعمال الاخرى التي دفعت 103 سوداني الى العودة في الاسبوع الماضي في اطار برنامج العودة الطوعية التي ينظمها جهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج بالتعاون مع السفارة السودانية ببيروت ووزارة الخارجية . القادمون من لبنان سردوا وقائع أليمة ولأن القصص تبدأ ولاتنتهي نحكي شيئا مما قالوا. عز الدين البلولة قرية الفكي بشير بغرب المناقل مكث بلبنان سنة و10 أشهر ووصل اليها عبر سماسرة الموت من خلال عبور السلاسل الجبلية الحدودية عبر سوريا ولبنان، دفع كل مالديه للوصول الى هناك حسب قوله بعد ان اصبحت لبنان القبلة الاخيرة التي رأى فيها آخر امل للنجاة من يوميات الشقاء ومفر من جحيم الاوضاع الاقتصادية بالبلاد ليتفاجأ البلولة بسنياريو مختلف حيث طال بحثه عن العمل ولم يكن الامر بالهين ليجد نفسه في نهاية الامر عاملا باحدى الملاهي الليلية والتي منعته اداء الصلاة بالمسجد. واشار البلولة الى انه لم يستطيع طيلة السنتين اللتين مضاهما بلبنان من اداء صلاة الجمعة بالمسجد الا مرتين موضحا ان ضوابط العمل في تلك الملاهي تمنع التفرغ حتى للصلاة. وابدى البلولة شكره للسفارة السودانية وجهاز المغتربين اللذين استقبلاه احر استقبال حسب قوله قبل ان يناشد المسئولين الى ضرورة العمل لعودة آلاف السودانيين الموجودين بلبنان وليبيا، مؤكدا بانهم غادروا لتحسين اوضاعهم الاقتصادية لكنهم لم يجدوا غير الذلة والمهانة بلبنان . واكد الصادق خوجلي عبد الرحمن الحبيب من ريفي العوامرة والذي لم تتعدَ فترة اقامته العامين وفاة 2-3 سودانيين اسبوعيا بلبنان مطالبا السلطات الامنية بسن قوانين تحد من الهجرة غير الشرعية خاصة للبنان والعمل على عودة الراغبين وتأسف الحبيب لوفاة احد السودانيين مخمورا في حادث حركة مبينا ان فترة اقامته قاربت ال 15 عاما لم يرَ اهله خلالها . اما مصطفى عثمان والذي امضى سبع سنوات بلبنان امتدت من 25 اكتوبر 2003م وهو متزوج واب فقد حمل الظروف السياسية بلبنان مسئولية المشاكل التي يتعرض لها السودانيون مشيرا الى تأثيرها على طبيعة العمل وروى عثمان سيناريو وصوله الى لبنان قائلا : من الخرطوم تحركت صوب سوريا ومن هناك عبرنا راجلين الى لبنان لمدة ثلاث ساعات تعرضنا فيها للجوع والعطش لنصل بعد اربع ساعات كنا (نضع فيها يدنا على قلبنا) لداخل لبنان واكد عثمان على سماحة الشعب اللبناني وطيبته مبينا ان الاختلافات السياسية هي اس الازمات وقال عثمان ان السماسرة انخرطوا في التهريب عبر نوافذ جديدة وهي مصر مطالبا المسئولين بوضع معالجات لهذه القضية . ولم تختلف قصة الياقوت محمد احمد ريفي العوامرة ولاية الجزيرة 21 عاما عن سابقاتها غير انه امضى 9 ساعات راجلا خلال رحلته للوصول الى لبنان بعد ان ملك كل واحد من المهاجرين معه كلمة سر. وقال محمد احمد قبل وصولنا سقط اثنان من المهاجرين اما انا فقد نجوت واستطعت الدخول للبنان ليكون مصيري عاملا باحدى المطاعم لتنتهي رحلتي بعد وفاة احد اصدقائي والذي قضى 17 عاما بلبنان واقرر العودة، واضاف الياقوت يجب على السفارة ان تضع ضوابط تمنع سفر المراهقين مشيرا الى انه لم يستفد كثيرا من غربته التي امتدت نحو 3 اعوام واعرب عن امتنانه لجهاز المغتربين والسفارة السودانية . لوداير تعيش سلطان ...لاتهاجر لأي مكان ... بتلك الابيات الشعرية بدأ كمال حامد ابراهيم من ولاية الجزيرة حديثه موضحا ان طيلة ال9 اشهر التي قضاها هناك لم يجد فيها غير الذل والهوان كغيره من السودانيين العاملين هناك والذين وصلوا عبر بوابة الهجرة غير الشرعية . من جانبه اكد الامين العام لجهاز السودانيين العاملين بالخارج كرار التهامي ان التسجيل جارٍ لعودة الدفعة الثانية من برنامج العودة الطوعية والذي يستهدف ترحيل السودانيين المقيمين بطريقة غير شرعية بلبنان واشار الى ان القادمين كانوا من ضحايا تجارة الاتجار بالبشر مؤكدا بانهم تعرفوا على كثير من القصص التي دفعتهم الى هذه الهجرة والاذلال والمهانة والضرر البالغ الذي اصاب لهجتهم وعقيدتهم بدون ان يكون هناك حصاد او ثمار لتلك الهجرة، مبينا سعي المسئولين الى توفيق اوضاعهم ، وكشف التهامي عن عمل استبيانات لدراسة حالة العائدين والظروف التي هاجروا من اجلها والعمل على عدم تكرار هذه الظاهرة من خلال مكافحتها . وواصل التهامي حديثه قائلا : لابد من تنسيق جهود المؤسسات الاجتماعية والثقافية والتعليمية لمكافحتها حتى تتلاشى ولايقاف التعذيب والهوان للشباب المقرر بهم والذين مازالوا يتدفقون حسب شهادة العائدين نحو عواصم الدول المختلفة عبر شبكات التهريب الى لبنان ، وكشف التهامي تدشين برنامج متكامل للحد من الاتجار بالبشر لإنقاذ هؤلاء الشباب .