هل صحيح ان مجموعة من شباب الحزب الحاكم تقود تياراً إصلاحياً من داخل اجهزة الحزب يهدف لمراجعة المرحلة الماضية ؟ اذا صدقت مثل هذه الهمسات السرية والتوجهات الاصلاحية فإن ذلك يعني ان تجربة الحزب الحاكم قد تتغير ايجابياً بدرجة كبيرة باتجاه معالجة الازمات التي اغرقت اجهزة الحزب طوال الفترة الماضية، واعاقت مسيرته نحو الاصلاح وافرزت حالة من عدم الرضا وسط اهم القطاعات المكونة للحزب. وبحسب إفادات مصادرنا الشبابية خصوصاً تلك المحسوبة مع آخرين بأنها تمثل الهامش والمناطق الطرفية المتضررة، فإن اتجاهاً قوياً برز لتحريك مذكرات تنادي بفك هيمنة النخب القيادية وإرخاء قبضتها في التحكم في توزيع المناصب وتعيين امناء الامانات، بعد ان لوحظ استمرار سياسة ابعاد ممثلي الولايات والمناطق الطرفية عن مواقع قيادية، الامر الذي افرز قناعة راسخة بأن ذلك سياسة مقصودة تهدف للإبقاء على تلك المناطق على ماهي عليه وابعاد العناصر القوية المحسوبة على تلك المناطق من المواقع المهمة. يقول القيادي الشاب بالمؤتمر الوطني سيد ابو آمنة وهو من ابناء شرق السودان ومن الكوادر النشطة التي ظلت تعمل في صمت من واقع ايمانها بأهداف الحزب، يقول ابو آمنة انهم يرون ان الحزب اصبح على هيئة فصيلين فصيل يصدر الاوامر وفصيل يعمل على تنفيذ تلك الاوامر، الامر الذي جعلهم يطالبون - كأعضاء حادبين على المبادئ التي اقرها الحزب - بإدخال اصلاحات جذرية في المؤسسة التظيمية لمنع تفاقم الازمة وحتى لا تصل الى مرحلة يصعب السيطرة على مآلاتها. ويضيف ابو آمنة انهم ظلوا يراقبون في حيرة عمليات الاقصاء المستمرة لابناء الهامش داخل الحزب الحاكم من كافة المؤسسات وإحلال آخرين بدلاً عنهم، ويضرب لذلك أمثالاً عديدة، ومن الواضح ان ما يجري ربما يكون برنامجاً وقائياً للإبقاء على حالة التهميش حتى لا تتطورالى مطالبات بتقرير المصير على غرار جنوب السودان، ويتساءل ابو آمنة لماذا يدفع ابناء الهامش في المؤتمر الوطني ضريبة ذلك البرنامج وهم الوحدويون والوطنيون المخلصون ؟ ان السياسات العشوائية الخاطئة دائماً تقود الى نتائج غير مطلوبة، ولذلك جاءت الحاجة الى بروز تيار اصلاحي من الداخل لتدارك الإنهيار الوشيك. ان ما يدور عن ضرورات الإصلاح داخل الحزب الحاكم فرضته ازمة الظرف الراهن والازمات الاخيرة التي ضربت الحزب، وآخرها ازمة الحزب بالبحر الاحمر حينما نشر عبر صحيفته «برؤت» مقالة تحذر من عواقب سياسات النخبة الصفوية تجاه ابناء شرق السودان، الامر الذي ربما يقود الى الانفصال او تنامي الشعور بالغبن تجاه المركز والنخبة، ويقال ان صراعاً يدور بين قيادة الحزب في تلك الولاية وبعض الجهات التنفيذية افرز حالة احتقان داخلي ربما يكون لها ما بعدها . ان الازمات كثيرة، فقد لاحظ الناس انه حتي دوائر الهامش في الحزب عوضاً عن المواقع التنفيذية الاخرى تتولاها قيادات من غير الهامش، الامر الذي يفرض تساؤلات منطقية هل هي سياسة إقصائية مرسومة ام انها مصادفات متكررة ؟ ان كلمة (إصلاح) كلمة إيجابية ومن الواضح ان حراكاً إيجابياً بدأ يشق طريقه داخل اجهزة الحزب الحاكم بما يفضي الى فتح نقاشات هادئة وحكيمة للخروج من دائرة الازمات المتكررة.