٭ الأخ بدر الدين سليمان هو أحد أكفأ الذين تولوا مناصب وزارية خلال عهدي مايو والإنقاذ.. ٭ ورغم كفاءته هذه فإن بدرالدين يظل في نظري رمزاً شمولياً غير مؤمنٍ بمبادئ الديمقراطية.. ٭ ورأينا هذا الذي نكتبه هو ذاته الذي نقوله له كفاحاً دون أن يفسد ذلك للود الذي بيننا قضية.. ٭ وفي يوم هاتفني بدرالدين طالباً مني مقابلته لأمر وصفه بالعاجل.. ٭ كان وقتذاك قد تم اختياره مستشاراً اقتصادياً بالقصر عقب مغادرته وزارة الصناعة.. ٭ والأمر العاجل ذاك لم يكن إلا ترشيحاً لشخصي من جانبه لشغل منصب إعلامي «هناك» قال انه استشار فيه أي الترشيح نفراً من الذين بأيديهم «الحل والربط!!».. ٭ ولم يقبل الأخ المستشار الرئاسي إعتذاري الفوري ممهلاً إيَّاي اسبوعاً للتَّدبر بروِّية في «مزايا!!» المنصب المقترح.. ٭ وعند انقضاء الأجل رجعت إلى بدر الدين بالرأي نفسه الذي فارقته به وحجتي التي أطمع أن تشفع لي عند من أحسن الظن بي «إنني حريصٌ على راحة الضمير التي أنعم الله بها عليَّ».. ٭ فتساءل المستشار دَهِشاً: «وما علاقة الضمير بهذا الذي عرضناه عليك؟!».. ٭ وطفقت أشرح للأخ بدرالدين سليمان موانع استدامة هذه الراحة الضميرية.. ٭ وخلاصة الذي قلته ان مشاركةً مثل هذه في أجهزة الحكم مهما تكن ضئيلة تعني إقراراً ضمنياً بكل الذي حدث من مظالم ومساويء وتجاوزات وقطعٍ للأرزاق و«الأعناق».. ٭ كل الذي اعترفت ببعضٍ منه الانقاذ ب «عظمة لسان» أحد متنفِّذيها الكبار ثم نسبته إلى حقبة الترابي.. ٭ وتعني كذلك تنكراً «قبيحاً» لمبادئ الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان التي «التزم» بها قلمنا سنين عددا.. ٭ وما دفعني لذكر هذه الحادثة اليوم ما قلته لمسؤولين كبار بديوان الزكاة قبل أيام خلال لقاء تم بطلبٍ منهم عقب كلمتنا بعنوان «حتى أنت يا ديوان؟!!».. ٭ فالمسؤولون هؤلاء ابتدروا اللقاء المذكور بما حسبوه تصويباً من جانبهم لذاك الذي كان سبب كلمتنا تلك دون أن يدروا لحظتها أن تصويبهم المشار إليه إنما هو «تأمين!!».. ٭ تأمينٌ على ما قلناه بالضبط.. ٭ فقد ذكروا أن الذي حدث في الديوان وسارت به الركبان لم يكن «إختلاساً» وإنما «تجاوزات».. ٭ ونحن في كلمتنا تلك قلنا الشيء نفسه ولم نقل «اختلاسات».. ٭ ولكن المهم لدى «الفقراء» و«المساكين» أن مبالغ «ذات أصفار!!» من «مالهم!!» الذي لدى الديوان قد «اختفت!!» دون أن يعنيهم في شيء إن كان الاختفاء هذا اختلاساً أم تجاوزاً.. ٭ وحسب مسؤولي الديوان هؤلاء بمن فيهم الامين العام نفسه البروف الفادني أن أموالاً مخصصة لمصرفٍ بعينه من مصارف الزكاة الشرعية قد تندفع في مصارف أخرى بدافعٍ من حسن النية بما أن منسوبي الديوان أجمعين يخشون الله في ما إئتمنهم إيَّاه من مال الفقراء والمساكين والغارمين.. ٭ وأشاروا إلى أنهم شرحوا لل «وزيرة!!» حقيقة هذه التجاوزات حين هاتفتهم مستفسرة عما يُنشر في الصحف.. ٭ وليس المهم هو أن «تقتنع» الوزيرة و«ترضى»، وإنما أن يرضى الله الذي قالوا إنهم يخشونه.. ٭ الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. ٭ ولأن رضا الخالق وليس «المخلوق!!» هو الذي يمنح المرء «راحة الضمير!!» فلا معنى لأن ينزعج أهل الديوان إزاء ما ينضح به تقرير المراجع العام، أو يُثار في البرلمان، أو يُكتب في الصحف، أو تُهاتف بسببه الوزيرة.. ٭ لا معنى لذلك كله إذا ما كان أهل الديوان هؤلاء واثقين من سلامة أدائهم وفقاً لمعايير «الدين» لا «الدنيا».. ٭ هكذا إنداح الحديث بيني وبين الذين جلست معهم من مسؤولي الديوان بعد أن لمست منهم بعداً عن «ترفُّعٍ!!» اشتهر به الكثيرون من منسوبي الإنقاذ.. ٭ فقد تحلَّوا برحابة صدر أغرتني بأن أجترَّ أمامهم جهراً ما كنت أحدث به نفسي عقب العرض الوظيفي ذاك الذي اعتذرت عنه للأخ بدرالدين سليمان.. ٭ فكم من رافع لشعارات «الدين!!» أعجب كيف يمكن أن يكون ذا ضمير «مرتاح!!» إذا ما مُكِّن في الارض وهو لا يرى «بأساً!!» في كلِّ ما من شأنه أن «يُقلق!!» الضمير.. ٭ ولا يرى بأساً في قطع الأعناق عبر تهم تتعلق بحيازة للعملات الحرة سرعان ما تُجوَّز.. ٭ ولا يرى بأساً في استشراء فسادٍ تضجُّ به تقارير المراجع العام السنة تلو الأخرى.. ٭ ولا يرى بأساً في سقوط متظاهرين عزَّل بالذخيرة الحيّة.. ولا يرى بأساً في إقامة الحدِّ على «الضعيف» وترك «الشريف».. ٭ أعجب لمن لا يرى بأساً في ذلك كله ثم يقول وهو رافعٌ عصاته أو سبابته : «هي لله!!!!!»..