فوجئ مستأجرو عقارات هيئة الأوقاف الإسلامية بمحليات ولاية النيل الأبيض وقبل حوالى الأسبوع، بزيادة كبيرة فى قيمة الإيجار الشهرى بلغت نسبتها مائة فى المائة، وهو أمر يحدث لأول مرة فى تاريخ عقارات الأوقاف بالولاية، إذ كانت الزيادات فى الغالب بنسبة عشرة فى المائة أو عشرين فى المائة. وهذه الزيادات أثارت حفيظة المستأجرين الذين عبروا عن استغرابهم لهذا القرار الذى وصفه البعض بالمجحف، وأنه جاء بدون إجراء دراسة حقيقية لوضع السوق، كما انتقد العديد من التجارالمنتفعين بعقارات الأوقاف لغة الخطاب، وقالوا انها لم يراع فيها العلاقة الطيبة التى كانت تجمع بين الطرفين، واتباع سياسة فرض الأمر الواقع، حيث أوضح أحد التجار أنه كان فى السابق تتم دعوة المستأجرين لاجتماع للتشاور حول أية زيادة أو أمر يخص عقارات الأوقاف، وتنتج عنها دائما حلول مرضية للجميع، وقالوا إن الإدارة الحالية تعاملت بطريقة غير كريمة لم تراع فيها السماحة الإسلامية. وقد توجه عدد من التجار إلى مبانى الأوقاف بالمحليات للاعتراض على هذه الزيادات، حيث حضرت «الصحافة» جانبا من احتجاجات التجار داخل مكاتب الأوقاف بالدويم ، التى اتسمت بالحدة بسبب الغضب الذى انتاب المستأجرين الذين طالبوا الهيئة بالترجاع عن قرارها، لعدم مقدرتهم على دفع الزيادة الجديدة، مشيرين إلى انها لا علاقة لها بوضع السوق الذى يعانى من الركود. بعض التجار قالوا إنهم لا يمانعون في فرض الزيادات إلا أنهم قالوا إنها يجب أن تكون فى حدود المعقول، وأكدوا أن بعض المستأجرين لا يستطيعون دفع الإيجار القديم ناهيك عن الجديد، وهذا القرار يعنى تشريد الكثير منهم، أو التفكير فى إخلاء العقارات، مشيرين إلى أن أحد المستأجرين أخلى العقار الذى استأحره من الأوقاف بعد سماعه بالزيادة الأخيرة. الأستاذ عادل عوض مدير الأوقاف بالدويم، قال إن هذه الزيادات جاءت بعد التشاور مع لجنة مثلت التجار، وأضاف بأن هنالك لجنة أخرى من المحلية برئاسة المدير التنفيذى أشرفت على وضع هذه الزيادات، وقال إن الأوقاف استندت على قانون 2008م والقرار الإدارى رقم «1» 2010م الخاص بتكوين لجنة لدراسة ترفيع الإيجارات، وذكر بأن هذا القرار عمم على كافة أوقاف الولاية، وأنه صادر عن رئاسة الهيئة بالولاية. إلا أن المدير التنفيذى نفى وجود هذه اللجنة، حيث أكد فى إفادات ل «الصحافة» بأن مدير أوقاف الدويم حضر إليهم وشاورهم فى أمر زيادة الإيجارات، وقال إنهم نصحوه بأن تكون نسبة الزيادة بصورة مقبولة يستطيع المستأجرون دفعها، وأنه لم تكن لديهم أى يد فى فرض هذه الزيادات التى وصفها بالكثيرة. عدد من التجار أثاروا نقطة مهمة وهى أن جميع عقارات الأوقاف بناها المستأجرون وكلفتهم أموالا طائلة دون أن تخصم الأوقاف منها شيئا، وأنه نظير ذلك فقد رأت الإدارات السابقة أن يكون الإيجار معقولا، وأن تتم زيادته بنسبة لا تتعدى ال 15% بعد كل عامين، وقالوا إن الأموال التى صرفها تجار الدويم وحدهم فى إعمار عقارات الأوقاف تقدر بمليار جنيه، واشاروا إلى أن هناك من طالب الأوقاف بدفع خساراتهم ومن ثم التفكير فى زيادة الإيجار. ترى كيف تعاملت الغرفة التجارية مع هذا الأمر؟ وهل تابعت تظلم مستأجرى عقارات الأوقاف؟ «الصحافة» اتصلت بالأستاذ عبد الحليم طه رئيس الغرفة التجارية بالدويم ، حيث أكد متابعتهم للقضية منذ بدايتها، وقال إن مدير الأوقاف لم يلتزم بالاتفاق الذى تم مع لجنة المستأجرين، وذلك بإصداره خطابات بزيادة الإيجارات قبل الاجتماع باللجنة، رغم توجيهات نائب المدير بالولاية الأستاذ عمر مصطفى بضرورة الاستماع إلى رأى اللجنة، وقال إنهم غير موافقين على هذه الزيادات لأنها مبالغ فيها ولن يتعاملوا معها، ودحض حجة إيجار المثل، حيث قال إن الزيادات لا علاقة لها بإيجار المثل، مؤكدا ان هنالك عقارات مؤجرة باقل من إيجارالأوقاف وبنفس المنطقة التى توجد بها عقاراتها، وتساءل أخيراً عن بنود صرف أموال الأوقاف فى الفترة الماضية، مشيرا إلى رفض الأوقاف المساهمة حتى فى دفع تكلفة كهرباء المساجد وترك أمرها للجان المشرفة، ودعا طه فى ختام تصريحاته ل «الصحافة» هيئة الأوقاف بالولاية والمحلية بمراجعة قرارهما والإبقاء على الإيجار القديم. وحاولنا معرفة رأى إدارة الأوقاف بالولاية، حيث ظللنا حتى يوم أمس فى حالة اتصال بنائب المدير عمر مصطفى، إلا أن هاتفه ظل مغلقا حتى لحظة تجميع هذه المادة. وعموما فإن ما أقدمت عليه هيئة الأوقاف الإسلامية بالنيل الأبيض جلب عليها الكثير من السخط والغضب من قبل المستأجرين، وبعد أن كانت العلاقة بين الجانبين فى الماضى يسودها الود والاحترام، دخلت الآن وللأسف الشديد في نفق مظلم بسبب القرارات المكتبية المبنية على ردود أفعال، إضافة لإلغاء مبدأ المشورة الذي كان متبعاً فى الماضى، والآن المطلوب من الأوقاف الجلوس إلى المستأجرين والتفاكر معهم بالطريقة التى تحفظ لكل الأطراف حقوقها.