«لقد تم استبدال النظام الجمهوري الامريكي بعد الحرب العالمية الثانية الى دولة أمن قومي لا تخضع للمساءلة، فقد تجاوزت القانون..» ويليام بلوم في كتابه Killing Hope مدخل 2: «لا بد من رصد وملاحظة كل ما يجري في السودان.. وهذا يتطلب خلق ركائز اما حول السودان او في داخله.. ضرورة ايجاد مقومات لتقديم الدعم الى حركات التمرد ودعم الانفصال» اوري ولوبيراني مستشار ديفيد بن غوريون للشؤون العربية «1» في يوم الاربعاء 92 ديسمبر 0102 نظم مركز العلاقات الدولية لقاءً علميا بعنوان السودان في الاجندة الدولية: افادات مباشرة، وقد شارك في المنتدى عدد من اهل الاختصاص والخبرة، وعلى خطورة ما طرح من افادات امنية موثقة من اجهزة الاعلام الدولي والاقليمي وما تداولته الدراسات والصحف، من وقائع خطيرة باتجاه السودان الا ان الاحداث فيما يبدو قد تلاحقت متسارعة تثير غبارا كثيفا على مسرح الاداء الخارجي، بما يكفي للمزيد من تقييم ابعاد خطوة التفكيك الاولى في ملف السودان كانت من اهم محاور اللقاء ٭ ملامح «المؤامرة» على السودان: هل تشكلها ما يجري فيه حاليا ٭ طبيعة علاقة السودان بدول الجوار الافريقي هل تحركها الولاياتالمتحدةالامريكية لصالح الوجود الاسرائيلي ٭ شهادة «اقي ديختر» مسؤول الامن الاسرائيلي الصريحة حول اهداف اسرائيل في السودان ٭ كتاب الفرنسي «بيير بيا» بعنوان «مذابح» والذي استعرضته قناة الجزيرة وما اورده عن استراتيجية التحرك الاسرائيلي في السودان واستهداف التطويق المائي والسياسي لمصر. ٭ دلالات كتاب ضابط الامن الاسرائيلي موشيه فارجي بعنوان اسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان والذي صدر عن مركز دايان لابحاث الشرق الاوسط وافريقيا جامعة تل ابيب 2003. ٭ يتعرض السودان بالفعل ووفق قراءة للواقع الماثل لما يهدد كيانه السياسي والاقتصادي والاجتماعي وليس الامر فيما ذهب البعض جديدا، ولكنه قديم ويرتبط تماما بصراع المصالح كما تبلوره عناصر القوة «الموارد الاستراتيجية المواقع الاستراتيجية» ويرتبط بذلك بالضرورة بالنسبة لاسرائيل تمددها التوراتي من النيل الى الفرات ولقد اعجبني في هذا السياق ما اورده المهندس جمال الشريف في كتابه الموسوم الصراع السياسي على السودان 1840 2008م فقد اورد عددا من الدراسات الخطيرة ٭ تقرير مركز دراسات الشرق الاوسط في لندن 1992 بعنوان «العلاقات السودانية الاسرائيلية 1948 1953 ٭ كتاب «حروب اسرائيل العربية» والذي اصدره الصحفيان ايان بلاك وبني موريس واشاراته في الفصل الخامس لاهتمام مبكر بالكيان السوداني على عهد الرئيس الاسرائيلي بن غوريون. ٭ ونضيف الى ذلك، وجود مركز متخصص لدراسات وادي النيل في «جامعة حيفا» يقوم عليه اهل علم وتخصص بكفاءة عالية وبحوث دقيقة، من اهمهم البروفسير «جابرائيل واريبرج» والرجل على تخصص عال واصدر بحوثا مقدرة في تاريخ التطور السياسي السوداني ودراسات عميقة متخصصة من اهمها: السودان تحت حكم ونجت 1899 1916 «1971» والاسلام والشيوعية في مجتمع تقليدي «حالة السودان 1978، والاسلام والعلمانية في السودان منذ المهدية، واختلاف الرؤى التاريخية في وادي النيل 1992م وترجم هذا الاخير للعربية الاستاذ «حذيفة الصديق عمر مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية الجامعة الاهلية 1998» اما الآخر فهو «حاييم شاكر» وكان مدير مكتب «شيلوه» للدراسات الشرق اوسطية ثم اصبح عميدا لكلية الدراسات الانسانية بجامعة «تل ابيب» ويقيم الآن بالولاياتالمتحدةالامريكية واصدر كتاب «حياة المهدي السوداني» فيما يورد البروفسور محمد ابراهيم ابو سليم «رحمة الله عليه» اطروحة دكتوراة تحت اشراف البروفيسور ب. م هولت عن سعادة المستهدي بسيرة الامام المهدي» الذي وضعه «اسماعيل عبد القادر الكردفاني». «2» هذا الاهتمام العلمي، لا يجيء من فراغ فهو يصب في قلب او جوهر صراع المصالح الاستراتيجية، ويستند دون تفاصيل لايقتضيها المقام، الى القوة بانواعها ودرجاتها المختلفة والمصالح الاسرائيلية هنا تتطابق تماما مع مصالح الولاياتالمتحدة الاستراتيجية والعكس صحيح تماما ولم تخرج سياسة النظام الدولي، في كل الاحوال عن دعم مادي او معنوي لاسرائيل باسم ٭ محاربة الارهاب ويرتبط ذلك «بالاسلام» ٭ حماية الديمقراطية ٭ الحقوق والحريات وقدم بذلك وفي كل الاحوال دراسات استراتيجية جادة بررت للمداخل المختلفة ويمكن الاشارة هنا الى ان الاسباب الحقيقية هي الاستئثار بموارد الطاقة والقواعد الاستراتيجية لحماية الامن الامريكي «العراق اسرائيل افغانستان» ومن اهم واخطر تلك الافكار: الفوضي الخلاقة والتي قدمها «روبرت سانكون» مدير مركز واشنطون لدراسات الشرق الادنى 2005 وللرجل ولمركزه دور واضح في دعم اسرائيل. ٭ دراسة مركز American Enterprise Institute فريدريك كاهان وجاك كانت. وليس بعيدا عن ذلك ما اشارت اليه مارينا اوتاوي مديرة مركز برنامج الشرق الاوسط في مؤسسة كازينجي «معهد دراسات الوحدة العربية بيروت 24 يناير 2006 لا استبعد بل اتيقن ان من تلك الدراسات ورقة مركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن «2001» والتي رفعت للرئيس بوش، بشأن كيفية التعامل مع الحرب الاهلية في السودان وهي الوثيقة التي بنيت عليها سيناريوهات اتفاقيات نيفاشا، على الاخص بروتوكول ميشاكوس 2002 والذي بني عليه اتفاق تقرير المصير في اتفاقية نيفاشا 2005م. ٭ تفكيك السودان «منظور اسرائيلي» ردده «اوري لوبيراني» مستشار الرئيس الاسرائيلي «بن غوريون» للشؤون العربية فقد قال «لا بد من رصد وملاحظة كل ما يجري في السودان ذلك القطر الذي يمثل عمقا استراتيجيا لمصر بالاضافة لسواحله المترامية على البحر الاحمر مما يشكل له موقعا استراتيجيا وهذا يتطلب خلق ركائز اما حوله او في داخله، وضرورة ايجاد مقومات لتقديم الدعم الى حركات التمرد ودعم الانفصال» ولم يكن بعيدا عن ذلك الهدف الاختراق السياسي والاقتصادي والعسكري للعدوى الافريقية عن جيران السودان «يوغندا اثيوبيا ارتريا» وصولا للسودان اختراق حركات التمرد «الجنوب دارفور» وتقديم المساعدة لها. وفي كل الاحوال فان «موشي فارحي» عميد الامن الاسرائيلي المتقاعد يورد ما يلي ان الحليف الاكثر احتمالا وقبولا هو «الجنوبيون» ولذلك فلم يكن الجنوب بعيدا عن سياسة وضع العين لمتابعة تداعيات الصراع العرقي والديني «1956 1977» كانت اثيوبيا ويوغندا احد اهم مداخل «ضباط الموساد» من السفراء وكان التحرك باتجاه الجنوب وسيلة للاختراق من القرن الافريقي كله. الاستيلاء او تطويق الكثير من المواقع الاستراتيجية لضرب الحاجز العربي لم يخل البعد الثقافي التاريخي من سياسة «وضع العين الاسرائيلية» فالعلاقة الاثيوبية الاسرائيلية علاقة سيدنا سليمان بقليس ملكة سبأ، فقد صرح موشي ديان 1952 بان «امن اثيوبيا وسلامتها هو ضمان لاسرائيل» وهي مقولة لا ترتبط بنظام اثيوبيا السياسي بقدر ما تحاول ان توحي بالارتباط التاريخي الثقافي بمعنى انها صالحة في كل الاحوال، وكان من نتائج ذلك فيما بعد وللاسف وعبر السودان عملية «هجرة الفلاشا» من يهود اثيوبيا «مارس 1984 ويناير 1985» ٭ ان وجود دولة افريقية منفصلة عن السودان العربي، ثقافة الاسلامي عقيدة، هدف استراتيجي لاسرائيل يتطابق مع استراتيجية الولاياتالمتحدةالامريكية في اعادة تقسيم دول القرن الافريقي. ٭ الصراع الذي يمثل السودان احد اهم عناصره في الاستراتيجية الاسرائيلية باتجاه افريقيا تقوم على ان السودان بمبررات نظامه السياسي وبما يملك من موارد وطاقات استراتيجية وموقع بالاضافة للاشواق التوراتية هو مقصود تماما، سواء بالتفكيك الجزئي وقد بدأ او بالتفكيك الكلي وهي مرحلة قادمة بدأت ملامحها في الظهور وتقوم اللعبة على: ٭ اذكاء روح الصراع الداخلي ٭ اذكاء روح الصراع الاقليمي ٭ عزل السودان «لوائح الارهاب اجهزة النظام الدولي: مجلس الامن» ٭ دعم الحركات العرقية «معنويا وماديا» «3» تفيد الوثائق ان «البحر الاحمر» و«مياه النيل» والموارد الاستراتيجية تشكل اهم مبررات السياسة الاسرائيلية تجاه السودان وان اهم وسائل الوصول لذلك هو تفكيكه عن طريق الدعم العسكري لقوى التمرد. فقد اوردت دراسة اعدها استاذ العلوم السياسية بجامعة بارايلان تحت عنوان الاسلحة الاسرائيلية في العالم، ان العقيد شاؤول رهان سكرتير عام وزارة الدفاع قد اتفق في اكتوبر 2001 على بيع اسلحة اسرائيلية متطورة لحركة تحرير السودان مقابل السماح لشركات اسرائيلية بالتنقيب عن البترول في الجنوب «وهو ما سوف يحدث حال الانفصال» بالاضافة الى ما سبق من تزويد الحركة في عام 1992 عبر منافذ مجاورة بالدعم الفني ولم تستبعد الدراسة التنسيق الاسرائيلي الامريكي باقناع الاطراف السودانية المشاركة في التوقيع على «بروتوكول ميشاكوس» بالموافقة على البند الذي يتعلق «بتقرير المصير» بعد فترة انتقالية مدتها ست سنوات والحقيقة ان الدور الامريكي لم يكن مباشرا بسبب عدم مشاركته في المفاوضات ولكن من خلال الدول الافريقية الاخرى. ٭ هناك ما يستدعي مشروع المياه التي تنقل من النيل لاسرائيل عبر صحراء النقب، مشروع المهندس الاسرائيلي «اليشع كالي» فقد جدده الى حد ما «الرئيس المصري السادات» حين اقترح مد قناة «ترعة السلام» من النيل الى صحراء النقب لتغذيتها بنسبة 1% من حصة «مصر» في مياه النيل. ٭ التنسيق الاسرائيلي الامريكي على اعداد اثيوبيا لدور محوري بحري «باب المندب» ومحور نهري حوض النيل من خلال كيانات سياسية مستقلة «ارتريا 1993 ج السودان وهو ما يحدث الآن بالفعل وليس بعيدا عن ذلك علاقات الرئيس اسياسي افورقي باسرائيل. ٭ القرن الافريقي والبحر الاحمر يظلان مركزا من اهم مراكز سياسة «وضع العين» في الموساد الاسرائيلي. وبعد فان ضرب محاولات تهريب البشر في بعض اطراف البحر الاحمر الساحلية من قبل اسرائيل ليس بعيدا فالعين قريبة ومباشرة. «4» اتاح «تقرير المصير» وما يترتب عليه من انفصال الجنوب من نتائج الملاحظات التالية شهية ان تتحول فكرة المشورة الشعبية الى مشروع «تقرير مصير» ولو على نار هادئة. ٭ ان تسجل افتتاحية جريدة ولاية البحر الاحمر «برؤوت» رغبة في حق تقرير المصير. ثم ان مجرد الكتابة عن ذلك يعني «تململا» واضحا. ٭ ان نرقب في صمت مشوب بالحذر الشديد محادثات الوساطة في قطر بشأن دارفور. ٭ ارتباط حالة «الانهاك الاقتصادي» «منطقيا» بمسألة «الانفصال» ٭ حالة التوتر السياسي الحادة في المنطقة. ٭ حالة ما يترتب عليه ظهور الدولة الجديدة في خريطة المجتمع الدولي من نتائج على مستوى: صناعة القرار الدولي وقد اوردت صحف الامس سعي الحكومة الجنوبية لان تكون في عضوية المحكمة الجنائية الدولية. احزمة التحالف السياسي الاقتصادي العسكري والامني تعارض الرؤى الفكرية «شمالا وجنوبا» مما يعني تبادل الدعم المادي والمعنوي لقوى المعارضة في كل. ٭ عين الولاياتالمتحدةالامريكية المتربصة وفقا لنبوءات «اولبرايت» في بدايات تسعينيات القرن الماضي. ٭ عين الموساد الاسرائيلي وهي ترقب ما تبقى من زلزال نيفاشا.. ذات الصناعة الامريكية / الاسرائيلية «في ابيي في جنوب كردفان في جنوب النيل الازرق» ٭ اننا مطالبون بالنظر فوق الذي يحدث قليلا.. حتى لا يعود البصر خاسئا وهو حسير: لماذا يغيب الوعي؟