*نبدأ من الآخر... غاب حسني مبارك وسكت... وكان العالم وثوار مصر المحروسة ينتظرون ظهوره عندما خرج الآلاف بعد صلاة الجمعة... وبعد أن عجزت شرطته واجهزته الامنية عن السيطرة على الشارع... لان الحال حقيقة فوق قدراتها على البطش والقمع... فقد حدثت خلال ساعات قليلة متغيرات (نوعية) في الشارع المصري الثائر... بحساب (الكم والنوع)... حيث كانت البداية نزول آلاف الشباب والطلاب لمواجهة (الحكم الديكتاتوري) بشعارات (التغيير الجذري)... وكان السؤال: هل يتجاوب شعب مصر بكل حجمه (لهذا النداء)؟ وهذا هو مربط الفرس... لقد بدأ العصيان... وعلم الثورة يقول (لاتتلاعبوا بالعصيان... واعدوا له كل مطلوباته... ولكن اذا بدأتم فان التراخي والتراجع خطر ماحق.. لان الوحش (الحاكم) اذا استرد قوته فإنه يتحول لمجنون فاتك لاحدود (لوحشيته)!... ولكن شعب مصر (فعلها) في اللحظات الحاسمة حينما التحمت جموعه... رجالا ونساء.. شيب وشباب... بل الاطفال ايضاً... زحفاً متماسكاً في الشوارع الملتهبة (تحت راية التغيير... ورحيل النظام بكل مكوناته... من القمة للقاعدة)... وحدثت المعجزة... حينما طلب مبارك من مخبئه بسحب الشرطة...وبنزول الجيش... وكان ذلك (تراجع تكتيكي) في ساعات الحسم.. وهذا يذكرنا بما فعل بن علي في تونس لحظة (احتضار نظامه الباطش)... مغامرة (نتائجها غير محسوبة)... في تونس انحاز الجيش للشعب الثائر... وتهيأت الظروف (لاستمرار) الثورة لتحقيق اهدافها النهائية... بالتغيير الجذري... ولم يتبق للنظام سوى فلول المليشيات وعصابات اللصوص المطاردة بواسطة اللجان الشعبية العاملة لحراسة الثورة. *في مصر... وبعد مداولات متواصلة مع الادارة الامريكية خرج حسني مبارك (من صمته) واعلن سقوط مجلس وزرائه... وكما فعل بن علي وعد مبارك شعب مصر (بالاصلاحات اياها)! لكسب الوقت وخداع الشعب وتخدير الشارع لحرفه عن مساره بابطال مفعول شعار (التغيير الجذري) وذهاب حسني مبارك ونظامه مثلما حدث في تونس الثورة... وهذا بالضبط المطلوب في الساعات القادمة من عمر الثورة المصرية... *ولكن مهما حدث من تطورات فإن النظام الطبقي (الطفيلي ) في مصر قد اهتز وتخلخلت جذوره... فقد هاجمت الجماهير الشركات والمصارف المشبوهة... وبوعيها اتجهت لحراستها من (التخريب) والنهب... لانها اموال الشعب التي يجب أن تعود اليه... بعد أن هرب (اصحابها)... بطائراتهم الخاصة من مطاراتها الخاصة كما تؤكد الاخبار هنا وهناك في مصر واروبا... نفس المشاهد التي صورت اللحظات الاخيرة في تونس... وفي مصر يقال إن عائلة مبارك وعلى رأسها (وريثه جمال) قد غادرت بما خف حمله وثقلت قيمته... يعني زي بت الطرابلسي (الشيطانة)... وفي انتظار مايحدث... هل يذهب النظام في مصر بكل مكوناته السلطوية ومؤسساته الاقتصادية الطفيلية فتصل الثورة الى غاياتها (المنطقية)... ام نشهد غرس جديد بداية بمجلس وزراء من نفس النوع (اياه)... واعادة تجديد الركام الفاسد القديم؟ وهذا هو السؤال (المصيري)؟ أتابع