هذه المطالبات برحيل الانظمة في تونس ومصر وغيرهما هي ارهاصات على قرب زوال الغرب من المنطقة الاسلامية ومنها العربية، وذلك بزوال ادواته من الحكام والجواسيس، فما حدث بالامس في تونس من هروب رأس النظام هناك، سيحدث في باقي المناطق بدون استثناء فاليوم في مصر وغدا في اليمن والجزائر، وبعدها البروج المشيدة التي يظن اصحابها انهم محصنون فيها ضد التغيير بحجة طبيعة تكوين مجتمعاتهم، ألا فليعلم الجميع وخاصة الحكام وادواتهم من القضاة والاجهزة القمعية وكذلك ابواقهم من الصحفيين والكتاب المثبطين ان ساعة الاقتصاص من الظالمين قد اقتربت، وعندها لن ينفعهم ايمانهم ان لم يكونوا آمنوا من قبل، ولا يتوقعون عفوا من الامة فما في العفو عن فاسق فضل ولا كرم. ولكن يجب ان يعلم ان البديل لهذه الانظمة يجب ان يكون واضحا للجميع، ولا تكفي العموميات عند البعض، لأن الغرب لن يسكت بل انه يركب موجة التغيير بل ربما كانت اياديه هي التي تحرك في بعض الاحيان، فالدول الغربية عندما تحس ان عميلها اصبح ممجوجا لدرجة انه يمكن ان يكون وبالا عليها فانها تستبق الاحداث وتتغدى فيه قبل ان يتعشى الآخرون عليه. ويجب الحذر من تصرفات هذه الدول وسفاراتها التي تقوم بتجنيد العملاء والجواسيس، فمثلا في تونس اخرجت بن علي وابقت الغنوشي والمبزع كي لا تفقد سيطرتها على الوضع وكي يبقى رجالاتها ممسكين بالامور، وادخلت بعض عملائها كالمرزوقي وغيره ليكون بديلا محتملا في حالة تردي الاوضاع، وفي مصر كذلك فإنها بدأت تتخلى عن عميلها وسمسارها الرخيص الذي اجبر ثمانين مليونا على خدمة وحراسة مصالح أمريكا ورأس حربتها في المنطقة «اسرائيل»، وادخلت البرادعي احد سدنة البيت الابيض بقناع الماكرين لعله يلعب دورا في توجيه بوصلة التغيير نحو نقطة البداية التي انطلقت منها هذه الانظمة. وما حدث في تونس وما يحدث في مصر الآن يجب ان يكون فيه عظة وعبرة للحكام من جهة وللشعوب من جهة ثانية، اما الحكام فيجب عليهم ان يعلموا ان الامة تلعنهم صباح مساء، وهم يلعنونها كذلك، فلا هم منها ولا هي منهم، وخير لهم ان يجنبوها جهد ازالتهم، لعلهم ينجوا بجلودهم، ولا يظنون ان اجهزتهم القمعية ستحميهم فانها اصبحت تكتوي بنارهم من جراء ظلمهم الذي لم يعرفه فرعون الذي طغى، بل ان هذه الاجهزة والقضاة والمحققين وأتباعهم اصبحت تدرك انها ستكون كبش فداء في حالة هروب سيدها او انتحاره، وستتحمل وزر خدمتها ووقوفها مع هذا الطاغية، لأن الأمة لن تسامح مثل هؤلاء الاتباع لأن في مسامحتهم تشجيع للظلم والظالمين، بل ستنتقم منهم حتى في قبورهم من باب «ولكم في القصاص حياة يا اولي الألباب». اما الشعوب فلا يكفي ان ترفع شعار اسقاط الحكومات، بل لا بد لها من ان يكون عندها البديل، فتغيير وجه قبيح بوجه اقبح منه لن يغير الحال، بل سيفاقم المشكلة، ولا اقصد هنا وجوه النظام القديم فقط بل الوجوه التي تنادي بالبديل المفتوح غير الواضح ايضا، كالوجوه التي ترفع شعارات (دع الشعب يحكم) او (الديمقراطية) او (تشكيل هيئة تأسيسية لوضع دستور) او (الاسلام بشكل مفتوح، اي علمنة الاسلام) وغير ذلك، وهذه الوجوه تلبس اقنعة مختلفة منها الاسلامي ومنها الاشتراكي ومنها الرأسمالي الديمقراطي ومنها القومي ومنها الوطني، وكلها وصفات السيد الغربي وقد حكمت وطبقت هذه الوصفات، فما زادت على كونها تقوية للاستعمار القديم الجديد، وكبت فوق كبت لشعوب الامة الاسلامية. اما البديل الحقيقي فهو الخلافة الاسلامية التي ستطبق الاسلام بشكل فعلي في جميع مناحي الحياة، وستأخذ زمام المبادرة من دول الظلم والطغيان في العالم وخاصة أمريكا والغرب، وستتبوأ مقعد الدولة الأولى في العالم، وستنشر الخير والعدل وتخرج الناس من الظلمات الى النور، وتملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا وظلما، وبغير هذا ستبقى الوجوه تتبدل والانظمة التي هي سبب التعاسة والظلم باقية، وهذا الطرح لا احد من الاسلاميين او غيرهم يملك تصوراً واضحاً له مثل حزب التحرير، فيجب ان يتبنى الجميع من شتى الاوساط طرح حزب التحرير حول الخلافة ولا شيء غير الخلافة.