قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءات متعددة لرواية عجوز فوق الأرجوحة
في منتدى السرد والنقد (12)
نشر في الصحافة يوم 08 - 02 - 2011

نظم منتدى السرد والنقد جلسة نقدية قدمت خلالها قراءت لرواية عجوز فوق الأرجوحة للقاص والروائي عيسى الحلو، قدم القراءات دكتور مصطفى محمد أحمد الصاوي والكاتب صديق الحلو، أدار الأمسية الأستاذ محمد الجيلاني،ذاكرة مثقوبة تتأرجح بين الماضي الأكذوبة والمستقبل الوهم كانت عنوان ورقة صديق الحلو وقد بدأ حديثه وقراءته للرواية قائلاً:-
عجوز فوق الأرجوحة ، آخر روايات الروائي عيسى الحلو ... عجوز له ذاكرة مشوشة في الثمانين يجرد درامية الأحداث .. صور مغبشة تختلط فيها الصور .. العجوز له توأم يتبادلان رشق الأذى بحرق قطاطي القش في أطراف البلدة وعندما بلغا ال 70 عاماً تغيرت اللعبة أحبا عزة قرشي ... ربما تكون عزة هي السودان والقرشي شهيد ثورة اكتوبر 1964م، مرتضى أخذ عزة واختفى...
الطفل يتذكر لحظة ميلاده ... تناص مع رواية القناع للياباني يوسناري كوباتا، حاسة اللمس في الرواية لها دور كبير ...
العري الصلب والمرأة الشاهقة ...
وبدأت رحلة البحث عن التوأم المختص غرباً وجنوباً وشرقاً... الذات الأخرى كمرآة بدونها يفتقر الوجود للتوازن الآخر هو هو الهوية طه يبحث عن الشقيق المختفي ذهب لجوبا واحب انجلينا الدينكاوية وتساءل الحلو أهو لقاء الشمال بالجنوب الذي كان محصلته الانفصال.
للحديقة في أعمال عيسى الحلو دلالات خاصة ... تنوعها زهورها بعطرها الفواح ، كثير من التساؤلات تطرحها رواية عجوز فوق الأرجوحة ، هل الحاضر هو الزمن الحقيقي والماضي أكذوبة والمستقبل وهم ؟
الأزمة تتكرر في الرواية ! لو قدر لي أن أحيا من جديد لأخترت حياة غير هذه التي عشتها ... من منا لا يود أن يغير حياته !! والحياة من المستحيل صياغتها مرة ثانية
ومن الأسئلة الهامة في الرواية هل ينتهي مشروع الكائن بموته ؟ اللا معنى يمحو كل الماضي
الأشياء تتداعى في ذاكرة طه..
والد طه حفيد سلاطين النمساوي .. الذي جاء مع كتشنر الغازي للسودان ... ليسى هناك شيئاً مؤكداً .. أحداث قابلة لأن تدرك بعد طول نسيان ... العجوز بدار للعجزة والمسنين بالخرطوم حكي مفتت لذرات غير مترابطة احياناً الغموض يتراقص كسحابة عابرة توشك أن تمطر بدار العجزة حديقة غناء عجائز يتأرجحون داخل فقاعة تدور حول نفسها، ذهول وغيبوبة وصمت وهروب من الموت الذي قد يحدث في أي لحظة .
طه يلتقي في دار العجزة بعديلة بدران التي سنكتشف انها عزة قرشي ... لكن أين مرتضى ؟ وهناك ذكر لكارلوس الذي قبض بالخرطوم والثورة التي تفقد مبرراتها...
وذكر لدارفور والحروب الصغيرة التي بدون أيدلوجيا والسقوط الفردي ... الغريب أن يعتقد الناس أن كل حكاية تحكي لابد أن يكون لها معنى رواية من أدب العبث ... شيئ يملأ الذاكرة حيث الحكي يجعل الخيال واقعاً والواقع خيالاً
أحمد عثمان خريج كلية الفنون ، تشكيلي ورسام وطه البحيري يعمل بالفنون السينمائية تصادقاً واختلطت الحقيقة بالوهم في هذا الكون المتحرك والمتأرجح في كل الاتجاهات ، قتل احمد عثمان ولكن صورة القتيل في الصحف للتاجر عوض رشوان .. هناك خديعة وانفصام .. وجهت للراوي تهمة قتل احمد عثمان ولكنه اطلق سراحه
الأفعال أصغر من النوايا
ذاكرة مثقوبة تسرب كل التفاصيل
في الرواية الذاكرة تحريضية مراوغة ، تأتي ببعض الصور ، تعرضها كشريط سينمائي ، ذاكرة لعينة تؤل تفسر الوقائع كما تشتهي ، حياة بلا معنى تشابكات تفاصيل غياب للعقده تتوارى داخل عقل مجنون أعد المشهد .. عقل طه البحيري العجوز المتأرجح...يخرج نتف وثيمات..
هذه الرواية كبيرة تحتاج لالقاء مزيد من الضوء عليها لأنها غيرت مسار السرد المتعارف عليه..
قهر الآخر ومحاولة محوه.. عجوز فوق الأرجوحة قصة حب بين ثلالثة أشخاص طه البحيري وعديلة ومرتضى، وفي مكان آخر طه وانجلينا وماثيو ثم طه وجليدا وعديلة . طه اناني يتعلقن به البنات لأنه يبدو مستحيل المنال وكان يختفي طه احيانا ليصبح حلما لا تطاله البنات والحب بين مرتضى وعديلة لم يكن متأججاً وملتهباً لذلك تحن لطه.
الدوافع الوجدانية مادة يشتغل عليها الخيال حتى يصنع للارادة هدفاً.
عندما يشتد حصار الزمان تضغط الأحداث الماضية على الذاكرة ، ويصبح الماضي نافذة منها للحياة ولهذا تقف الحياة في الماضي الذي لا يتحرك الا للوراء ، وهناك ناس لا يرون الا الحياة التي عاشوها وهناك من يحيا في الحاضر ويقطع صلته بالماضي وهناك من يحلم بحياة متوقعة ومحتملة . والحالم يتوقع حيث المستقبل يبدو كخيال متوقع وهذه هي دراما الأدب والتاريخ .
هل يتحول الواقع لطاقة شعرية حيث نشأت قصة حب بين العجوزين عديلة بدران وطه البحيري ، الرواية تهدم وتدمر السائد وبنت واقع موازشديد الثراء والقوة .
وهناك سؤال هام : هل ميكنزمات الخيال الاجرامي وميكنزمات الخيال الابداعي واحدة؟
هذا ما حاولت الرواية الاجابة عليه، الفرق شعرة : المجرم يدبر ويرتب وقائع جريمته تفصيلاً بالأسباب وفق عمل خيال خلاق ، الاحتمالات والممكنات لوقائع قابلة الحدوث وكذلك يفصل الفنان : يركب الصور ، صور الجزئيات المفترضة وبذلك يكون موسيقاه ... نغمة بعد أخرى في اطار هارموني يمثل اطاراً لتتابع الجدل الصوتي ثم تولد نغمة وتتلاشى وتموت عقب ميلاد أخرى وتكون أمواج من التدفق الموسيقي.
يتعرف طه البحيري على العالم عبر حاسة اللمس ابدال واسقاط شعوري يتخلل الرواية والتي هي معقدة لارتباط ثلاث حيوات عاطفية مرتضى ظل لطه ، صار ينظر خلال ثقب المفاتيح في فندق ( الهولداي) لعله يجد طه وعديلة . في الرواية الشيخوخة لها بهاء والمرض والموت جمال رائع ودافئ الرخاوة والهشاشة لا تفتقر للمعنى المحدد.
ماتت عديلة وبموتها انتهى زمان ما .. مضى كل شيئ طه كأنه معلق فوق أرجوحة شعور ناعس مريح في الفضاء طه من شندي وعديلة من صعيد مصر حاول قتلها مرات عدة ولكنها فلتت..
رواية فيها تعدد الأصوات .. تنوع الرؤى كما الصور في التلفزيون اننا نعجز بمسك خيوط الزمان والمكان كلها لأننا بشر.
ويأتي سؤال الهوية : هل الهوية السودانية هي تمازج وتداخ ما بين الغابة والصحراء وهناك فلسفة عن الجسد بوصفه أداة توصيل للمعاني .. وعن اللغة هل هي تشفير لهشهشة الحواس .. وحاسة اللمس هي هشهشة اللغة التي تحول الحس الى حدس؟.
مذكرات طه البحيري هي عظم الرواية رغم أن أجزاء منها مطموسة بفعل انسكاب ماء عليها
ذاكرة طه فيها كثير من المراوغة والأكاذيب ... لأنه لا يريد أن يتعرى أمام الآخرين .. وفيها إقرار بالأخطاء والجرم لأنه يريد أن يتتطهر ويطهر معه الآخرين
وأطراف البلاد حديقة خلفية هامش يشعر بالظلام وفكرة الموت محورية في الرواية : الموت فكرة .. تستقصي على الادراك .. شديدة التجريد عقلنا لا يتصورها .. من يموت لا يأتي ليحكي لنا عن تجربة الموت لذلك نخاف منه .. ولكن هناك نوع من اللذة يتملكنا بسبب مواجهة الخطر.
وتتأرجح الأرجوحات :
ونهر الحياة يمر بين الماضي والراهن والآتي..
يأخذ معناه على ضوء الحدث الراهن او الحدث المتوقعالحدوث.
والسودان كقدر نحاسي كبير تحته تتوهج نيران التناقضات ، الناس في السودان يوالون الحاكم ظاهراً ويتمردون عليه سراً . ولهذا ظل القدر النحاسي يغلي تحت نيران الغضب المكبوت في حياة كل منا غضب ما وخطأ ما يولد او يلحق بنا يتأرجح طه بين الشك واليقين الغضب يؤدي للجريمة والشر والهدم لا عمل جميل يقوم دون هدم القديم الذي احتل حيزاً من الزمان القديم .. والتجديد هو المغامرة المدهشة ، روح طه تطلع تحلق فوق المدينة وصارت ترى تاريخ السودان الحديث منذ دخول السكة الحديد ... فالاستقلال وثورات اكتوبر ، مايو ، ابريل ، يونيو وكوارث السودان السيول والمجاعات وحروب الغرب والجنوب وتعرضت لانفصال الجنوب .. وتظهر الخرطوم مغبشة ، ومدللة عليها أثر ثراء منذ أن تدفق البترول ... ولكنها قدر نحاسي يغلي بكل التناقضات .
تحول الذات نفسها في تجربة موتها الخاص الى ذات أخرى تضع قدماً في الحياة وقدماً في الموت .. مات طه البحيري بدار المسنين والعجزة ، وترك لنا معلومات كثيرة حول ماضيه العجوز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.