نفتح باب الخواطر الموسيقية في هذا العدد من صحيفتنا «الصحافة» عن قصة أهزوجة غائبة غنتها المطربة الراحلة ذات الصوت الرقيق وهي المطربة ليلى مراد في فيلم «شاطئ الغرام» الذي كان من انتاج عبده نصر، واخراج بركات، ومثل دور البطولة فيه الراحل حسين رياض مع ليلى مراد ومحسن سر واستفان روستي وامينة شكيب وتحية كاريوكا وسميحة أيوب وصلاح منصور. جاءت الخاطرة الموسيقية من رواية تاريخية روتها الاستاذة الدكتورة رتيبة الحفنى خليفة، «والدها الراحل الأستاذ الدكتور محمود أحمد الحفني»، عن اغنية في فيلم «شاطئ الغرام» التي كانت بعنوان «رايداك والنبي رايداك»، وذكرت الحقيقة التاريخية الآتية: كان من المقرر أن يقوم بتلحين تلك الاغنية الفنان الراحل الكبير زكريا أحمد بتكليف من منتج الفيلم، بعد أن دفع له قيمة مالية بمقدار مائتي جنيه مصري مقدما تحت الحساب، وانفرد الملحن زكريا احمد بتلحين الكلمات حتى اكمل اللحن، وتقدم به الى المسؤولين عن الفيلم، بحضور المطربة والممثلة ليلى مراد. وكان ذلك في داخل استوديو مصر أثناء فترة تصوير الفيلم. واستمتع العاملون في الفيلم باللحن واعجبوا به واشادوا بروعة الاغنية وتسابقوا في الثناء عليه، وكان في مقدمتهم المطربة ليلى مراد.. الا انها ابدت في كلامها ملحوظة بالنسبة لجملة عربية معينة في الاغنية طلبت تغييرها. وامتعض الشيخ زكريا احمد لعدم رضائه بهذه الملاحظة، رافضاً تعديل اي لحن للاغنية مرة ثانية، وبدأ في حديثه الهجوم على المطربة ليلى مراد، وهي بدورها تحاول توضيح وجهة نظرها بطيبة ورقة مملوءة بالاحترام. ولم يقتنع الشيخ زكريا برأيها، وسيطرت عليه لوثته العبقرية واقسم بالطلاق ألا تغني المطربة ليلى مراد لحن الاغنية. فمن تكون ليلى مراد حتى تغير في الحان موسيقي كبير مثل زكريا احمد. وغادر الشيخ زكريا الاستوديو مصطحبا معه فردا من جماعة الابداع ليرد المبلغ الذي كان قد وصله من المنتج، واسدل الستار على ذلك اللحن. وعلى الرغم من مرور الشيخ زكريا أحمد بأزمة مالية خلال تلك الفترة، إلا أن كبرياءه واعتزازه بنفسه اديا الى رفض اية مساومة فنية في لحنه، باعتبار أن هذا الموقف فيه إساءة بالغة لفنه، فكان من نصيب الموسيقي إحمد صدقي الذي ابدع وجعل من تلك الاغنية احدى روائعه، فقد جاء بلحن جميل في غاية الإبداع المناسب والمتفق مع الكلمات. وما أن قدم هذا الفيلم السينمائي حتى تغنى بلحن الاغنية العامة من المصريين والمعجبين من الدول العربية، واصبح واحداً من أشهر ما تغنت به المطربة الراحلة ليلى مراد حتى الآن. وتشكر الأستاذة الدكتورة رتيبة الحنفي التي أسدلت الستار على هذه المعلومات التاريخية القيمة.