دائما الإدارة الأمريكية لا تراهن على الأحصنة الخاسرة فسرعان ما تتنكر لحلفائها الذين كانت تدعمهم وتفرضهم على الشعوب وتغض الطرف عن سياسة القمع والاستبداد والاعتقالات والتعذيب، وتسقط كافة القوانين التي تحمى حقوق الإنسان من اجل التمكين لرؤساء وحكام قاموا بانتهاك كامل لحقوق الإنسان، وبالتالي تمكنوا من بسط سيطرتهم وتغييب إرادة الشعوب وبالمقابل تنفيذ السياسات الأمريكية والاسرائيلية فى المنطقة غصبا عن شعوبهم وتجريد تلك الشعوب من جميع حقوقها فى التعبير عن الرفض الشعبي للحكام. عبر مسيرات سلمية تفاقمت قضايا الأمة العربية عقب سيطرة الأنظمة الشمولية وانفرادها بالحكم بعد أن أخضعت الشعوب لسلطانها لأمنى وتحويل الشعوب إلى شعوب صامتة تعانى من تدهور الأحوال الاجتماعية والاقتصادية بعد أن عم الفساد والظلم وهيمنة الأقلية على السلطة، لتتحول فيما بعد إلى مستمع إلى الحكام الذين يصدرون القرارات والقوانين الجائرة التي تدخل فورا الى حيز التنفيذ وتقديم كبرى القضايا لمصلحة أمريكا واسرائيل عبر تحالف معلن لا يخجل الحكام منه. فاجأت الشعوب الصامتة أمريكا وإسرائيل وقلبت كافة الموازين رأسا على عقب لتكون ثورتها عارمة ضد المستبدين والمفسدين والعملاء مما جعل الإدارة الأمريكية في لحظات تتجه للانحياز للشعوب والتنكر لحلفائها الذين باعوا شعوبهم بثمن بخس، فعندما أدركت إدارة باراك أوباما أن حليفهم في مصر أصبح آيلاً للسقوط انحازوا إلى ثورة الشباب وصدرت البيانات التي تنادى بالانحياز إلى الديمقراطية وخيارات الشعوب، حتى التصريحات تنكرت للحكام وكأنها لم تقم بدعمهم وفرضهم من قبل. تقول أمريكا الآن لحلفائها بعد ان اجتاحت الثورات الشبابية المنطقة عليكم بالديمقراطية والحوار وحرية التعبير والابتعاد عن نهج القمع، وبسرعة البرق أزالت الحماية والدعم لتؤكد علنا أنها تتنكر لكل حليف يقع في محنة، ولم اندهش عندما سمعت خطاب الرئيس الأمريكي أوباما وبدون استحياء يتنكر وينحاز للشعب المصري قال ( شعب مصر قال كلمته ومصر لن تعود أبدا لما كانت عليه ). هذه هى السياسة الأمريكية التي تنحاز دائما لمصالحها فى المنطقة وأخشى أن تكون الآن في حالة بحث عن بديل لفرضه عبر احتواء الثورة. أما العدو الاسرائيلى الذي تربطه مع مصر معاهدات واتفاقيات زلزلت كيانه ثورة الشباب التي لم تضعها في الحسبان، وبدأت القيادات العسكرية الاسرائيلية في حالة استنفار وبدأوا الحديث جهرا بأن مستقبل إسرائيل في خطر وان القادم محاط بكثير من علامات الاستفهام. على حلفاء أمريكا أن يعوا الدرس وينفضوا الغبار والتوجه نحو الشعوب لأنها الرهان الرابح دائما وان دعم وحماية أمريكا زائل فى أوقات الشدة والتوجه لمناصرة الشعوب المقهورة لذلك انفضوا أيديكم قبل ان تصابوا بالسكتة الدماغية. على الرؤساء والحكام جعل قضايا شعوبهم في المقدمة وقضايا الأمة ضمن أولوياتهم دون تمييع لها، فرياح التغيير والإصلاح تجتاح معظم الدول العربية ،فكانت المطالب في البدء إجراء إصلاحات ثم ارتفع سقفها إلى إسقاط الأنظمة ومحاكمتها عن الجرائم التي ارتكبها الحكام طيلة سنوات الحكم المحمى بالترسانات العسكرية والأمنية. تحملت الشعوب سنواتٍ عجاف والآن بدأت تتحرر من قبضة الديكتاتوريات والزعماء الذين أغرتهم السلطة وحسبوها لهم إلى الأبد وأنهم مخلدون فيها، واليوم أثبتت الشعوب للغرب أنهم قادرون على إزاحة كافة الديناصورات وأنهم مهما طال خضوعهم فإنهم آتون ،فقد تبدل اليأس إلى أمل بعودة الحياة وروح المقاومة وأزاحت الخضوع والضعف من القاموس السائد ،وان أصوات الرصاص وتساقط الجثث هي ثمن التغيير والإصلاح، وانه ليس هناك ما تخسره لذا لابد من المحافظة على هذه الثورات ومنع المتسللين من ركوب موجتها، فالواقع الجديد سوف يؤدى إلى سياسات جديدة داخلية وخارجية والنصر لشباب الثورة في كل مكان وزمان ،وتحية للشهداء فهم أفضل منا جميعاً وحسبنا الله ونعم الوكيل ولاحول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.