تزدهى الأوركسترا السودانية بالكثير من الموسيقيين الذين افنوا زهرة شبابهم على مسارح الفن السودانى.. ومن المؤسف أن الاعلام لا يهتم بالموسيقيين بقدر اهتمامه بالفنانين. وعبر هذه المساحة نقف عند ملامح من سيرة الموسيقار الرائع عبد الله حامد العربي.. ذلك الفنان الذى اجاد العزف على الكمان بروعة منقطعة النظير عقوداً من عمر الزمان خلف كوكبة من كبار الفنانين بمهارة واتقان، لقد نهل عربى ينابيع اسرار «الكمان» فى عاصمة الموسيقى فينا، ويعود له الفضل في تنسيق اغنيات الكثير من المطربين، وهو ملحن قدير لحن العديد من الاغنيات، وغير مسارها واستبدل نمطها التقليدي بآخر لا عهد للناس به.. ومن الحانه رائعة كابلى «هبت الخرطوم»، ومن معزوفاته الشهيرة «ماضي كمان» التى تشف عن شخصيته واسلوبه الموسيقى المتميز النابع من اعماق حسه الانساني وروحه الابداعية، وهو كنز موسيقى يستحق الاحتفاء به، وخزينة مليئة بالتاريخ يجب ان توثق.. وعربى يقودنا بلا شك للحديث عن «الكمنجة» التى تعد من اهم الآلات الموسيقية التى ارتبطت بوجدان السودانيين من خلال الاغنيات الام درمانية المعروفة باغاني الحقيبة، التي تم تسجيلها في القاهرة على الاسطوانات وسادت كأغانٍ وطنية، قبل ان يأخذ الغناء السوداني شكله الذي وضعه الرواد، واحدثت نقلة نوعية وطفرة فنية كبيرة للأغنية السودانية.. «الكمنجة» دخلت السودان مع جيش الغزو الانجليزي الذي قاده «اللورد كتشنر» وفتح الخرطوم عام 1898م، الا انها كانت قاصرة آنذاك على الجنود الإنجليز، ولم تكن معروفة عند السودانيين. ومن ابرز روادها حسن التوم واحمد مرجان الذي كانت له بصمات واسهامات واضحة فى تدريس العزف على الكمنجة، ويعود الفضل في استخدامها كآلة اساسية في الاغنية السودانية للرائد السر عبد الله الذي ساهم فى نشرها بجميع انحاء السودان من خلال الأسطوانات التي سجلها بالقاهرة فى الثلاثينيات القرن الماضى برفقة سرور وكرومة واسماعيل عبد المعين وخليل فرح «عزة في هواك» التي كانت تنبعث من أجهزة «الفونوغراف» المتوفرة لدى الاثرياء، وفى المقاهي والنوادي. لقد نفذت أنغام «الكمنجة » طوعاً الى اعماق وجدان الشعب السوداني، وكونت رصيداً هائلاً من المعجبين عبر السنين، وظلت الآلة الاقرب بصوتها الشجي الحنين الذى يأخذ مجامع الالباب، بفضل مجموعة من العازفين اصحاب المشاعر والأنامل المرهفة التى تجعل الالحان والانغام تنثال كما السحر من بين الاوتار، الذين اسندت اليهم كثير من الجمل الموسيقية المنفردة، ومنهم الراحلان علي ميرغنى، بدر التهامي، حسن الخواض، الماحي اسماعيل، علاء الدين حمزة، محمدية، وجيل من الشباب الذى يواصل المشوار.. باقة ورد وهالة نور لكل الموسيقيين السودانيين الذين ظلوا يجملون الحياة بأنغامهم الساحرة بصمت ابلغ من الكلام. فوتوغرافيا ملونة خلف كل فنان عظيم فرقة موسيقية أكثر عظمة.