الوداعية أو ست الودع من أبرز الشخصيات العامة في الثقافة السودانية، بلدليل انها ارتبطت بوجدان الناس الذين تغنوا لها «يا ست الودع ارمي الودع لي كشكشي.. وشوفي كان فيهو شي». وظاهرة رمي الودع قديمة جداً، ومنتشرة في كافة المدن والأرياف والقرى، وامتدت لتشمل أحياء الخرطوم الراقية مثل جاردن سيتي والمنشية والرياض. وللودع لغته ومفرداته الخاصة، فالذكر الذي يفتقر للإخوة الاشقاء يسمى ب «الويحيد» وهناك ثاني اخوانه الذي له شقيق واحد، وكذا الثالث وود السرة ويطلق على الذي له اكثر من ثلاثة أشقاء.. والطية في لغة الودع تعني ثوبا او جلبابا.. والودعة التي تظل واقفة، فهذا دليل عربة، بينما المتعارضتان فتدلان على حدوث وفاة. واشهر مفردات الودع «الويحيد غني وسعيد وعروس السرور» و «عوة اليابا الجنيات». هدية الوداعية تأتي حسب حظها، فإذا صادفت تنبؤاتها وصدقت مرة فإنها ستكون حديث النسوة والشباب، وتتجاوز سمعتها القرية للمنطقة. وابرز الوداعيات بمنطقة المناقل «بت المادح وترعي فوقن وبت جلوال». وفي مدينة ود مدني السني برزت شبك النور، وهي امرأة لا يشق لها غبار، وعرفت بأنها ترمي الودع وتنزل الدستور «الزار» وتزيل السحر، غير أنها في مجال الودع كما تقول ست الجاه بت محمود «كلام تب ما بقع الواطة». وست الجاه تتذكر احد المواقف لشبك النور، فتقول ست الجاه: كان ذلك قبل حكم النميري بيومين، فعندما رميت الودع انتابت شبك النور حالة من الهستيريا، وصارت تصرخ « سيد عمامة الظلم ده خلاص انتهى»، واقسمت المرأة بالشريف يوسف ان الحكم سيتغير بكره دي». وبعد يوم واحد جاء انقلاب جعفر النميري. وبرغم انفضاض سامر ست الودع، الا ان عددا كبيرا من الشباب لا يخفون حنينهم للوداعيات حتى يقفوا على بعض الامل في عودة مفردات الويحيد غني وسعيد.. فالشاهد أن الواقع يقول بأن الويحيد بات فقيرا معدما، وان «سيد عمامة الظلم وحده» بات غنيا بسبب السلطة، وقديما قال اهل دارفور «حكم للركبة ولا مال للرقبة». رحم الله الخالة ضوة بت التوم وأمد الله في عمر بت الهادي التي ما جلست اليها الا واقسمت بحياة ابيها الهادي، الذي هلك قبل ثمانين حولاً، بأنني أُحظى بالقبول، وفقاً للودعات السبع، في وقت لا أجد فيه إلا الصدود من أية جهة اذهب اليها، بعد حضوري من البلدة ومن مجالس الودع بالبلدة.