كثير من المهتمين والمتابعين للشأن الفني أبدوا لي في اكثر من نقاش كامل قلقهم وانزعاجهم من «الوصاية» التي يلبس عباءتها بعض الفنانين تجاه زملائهم لكنها للأسف ليست «وصاية» من شاكلة النقد أو التوجيه أو حتى إبداء الرأي في المنتج الفني ولكنها «وصاية» من نوع محاكم الطواريء المستعجلة في اصدار الأحكام، ربما من غير اكتمال الدفوعات القانونية للمتهم، فتصدر أحكاماً للإعدام جائرة وظالمة!! ودعوني أقول إنني متابعة لصيقة للإصدارات الفنية، إن كان في مصر، أو دول الخليج، أو حتى عموم الوطن العربي، ومتابعة كذلك للبرامج الفنية التي تتناول الشأن الغنائي أو الدرامي، لكن «يطرشني ويعميني» لم أر أو أسمع فناناً أساء للآخر، وطالب بجلده في مكان عام جزاء عمل فني له فيه رأي أياً كان هذا الرأي، لذلك استغربت لحديث الفنان عبد الله البعيو صاحب أغنية «ست الودع ليَّ كشكشي» وهو يطالب بجلد الفنان طه سليمان في مكان عام لأنه غنى أغنية «جناي البريدو» وهي أغنية لا تحتاج منا لدفوعات والشارع العام والمستمع السوداني قال رأيه فيها لكن ما أستغربت له اكثر كان عودة صاحب «ست الودع لي كشكشي» للإعتذار لطه سليمان بعد أن لوح الأخير باللجوء للقضاء! فما عدنا فاهمين هل إعتذر صاحب «ست الودع لي كشكشي» لأنه اكتشف وبعد 42 ساعة فقط من حديثه الأول ان الأغنية جميلة، ولا يستحق مغنيها الجلد «وما فيهاش» أم لأن صاحب «ست الودع لي كشكشي» خاف من المحاكم والقضايا وما عنده ليها شيء!.. أعتقد ان منطق الأشياء يفرض على فنانينا الكبار أو حتى الشباب ضبط أقوالهم وتصريحاتهم وهو ضبط يحتاج لضبط النفس الذي لا يرمي صاحبه في التهلكة سيء القول و«شنات» الفعل! كلمة عزيزة واحد من الشخصيات التي لا تمل سماعها أو شوفتها، وهو نموذج لشخصيات سودانية كثيرة عبقرية تمشي بيننا في تواضع وأدب دونما خيلاء أو غرور، واحد من هذه الشخصيات هو البروفيسور أحمد محمد إسماعيل الذي يبهرك ان تحدث عن تاريخ الغناء السوداني، وهو له من الحافظين والعارفين ويتجلى روعة وجمال إن تحدث عن الشاعر عبد الرحمن الريح وغيره من الشعراء العمالقة والفنانين الأفذاذ، لكنني اكتشفته من خلال برنامج النِّيل الأزرق الاذاعي الصباحي عالماً لا يشق له غبار في مجال التغذية! أسرني بحسن حديثه، وقوة بيانه، وخفة مفرداته، لكن يا دكتور حكاية وجبتين بس في اليوم على الشعب السوداني وبدون لحمة دي ما كثيرة شوية والله لو أنا ما عارفاك كويس كنت أقول إنت متفق مع «الجماعة» علينا... الجماعة منو تلقوها عند الغافل!! كلمة أعز الشيخ المصري الذي وصف إلهام شاهين بأوصاف غير لائقة قامت عليه الدنيا هناك ولم تقعد! وعندنا فنان يطالب بجلد زميله ويجد من يصفق له.. اللهم أرفع عنَّا البلاء!!