تسبب الاحتلال البريطانى العنصري التنصيري النفعى اللا أخلاقى، في إدخال أمراض فتاكة إلى السودان، واطلق عليه اسم رجل «أفريقيا المريض» إمعاناً في إحباط الشخصية السودانية وتحقيق فقدان الثقة بالنفس. وشمال السودان بفضل الله تعالى ثم بجهاد ابنائه وتمسكهم بالشريعة الإسلامية، استطاع ان يتخلص من الكثير من الامراض وهو في الطريق إلى الشفاء التام قريباً بإذن الله، ولقد ساعد على شفائه السريع الإرث الحضارى والعقدى الذى كان يتمتع به قبل الاستعمار. وجنوب السودان لفقدانه الكثير من ذلك الإرث ونسبة لحداثة تكوين البناء الاجتماعى في منطقة جنوب السودان، حيث أثبت التاريخ أن القبائل الكبرى في الجنوب كالدينكا مثلاً قد هاجرت إلى مناطقها الحالية قبل ما لا يزيد عن مئتى عاماً، هذا الجنوب أمامه طريق طويل يحتاج إلى جهاد وصبر وعلم وإدراك من شبابه الناهض، إذ يعاني جنوب السودان من الجهل والتخلف والعصبية الطائفية والقبلية وتفشي الامراض الجسدية مثل الكلازار وعمى الجور وأمراض اجتماعية مثل تفشى الخمور وغياب العقل وإدمان الاعتماد على الغير من المنظمات الطوعية والإغاثية الاوربية، وأمراض عقدية مثل انتشار الديانات البدائية، وحتى التدين المسيحي في جنوب السودان بنُى على أسس استعمارية تستعبد الجنس الأسود لصالح الأبيض. وقد ارتكبت بريطانيا جريمة عظمى في حق سكان الجنوب، عندما عزلتهم قسراً عن التعرف على الدين الإسلامى الذى يساوي بين البشر اسودهم وابيضهم، وينبذ الطائفية القبلية، ويحض على العلم الدينى والدنيوى، ويعتبر العمل على إعمار الأرض واستغلال ثرواتها واجباً على البشر جميعهم ذكوراً وإناثاً. والعلاج الآن في أيدى شباب جنوب السودان وليس عند أحد غيرهم، وأول طرق العلاج أن يعتمدوا على أنفسهم ويتحرروا من الاعتماد على الإغاثات والإعانات والمنظمات الطوعية، وثانيها أن يفتحوا بلادهم للثقافات الوافدة من جميع الجهات ويتركوا لمواطنيهم حرية الاختيار، وثالثها أن ينتخبوا قيادات جديدة متطورة ومتعلمة ونزيهة همها تطوير الجنوب على أسس علمية وتقنية وتحريرهم من التبعية الامبريالية، أما رابعها وخامسها وما يلى ذلك فهم أدرى بها منّا. إن ما يهمنا بوصفنا جاراً مخلصاً ومدركاً لحقائق جنوب السودان، أن يستقر الجنوب وينمو، وأن تنشأ بيننا علاقات حسن جوار وتبادل منافع تحبط المخططات المغرضة التى تريدنا أن ندور في فلك مشكلات مفتعلة ونترك للغير فرصة سلب ثرواتنا. ونصيحة علاجية أخيرة نقدمها لأحبابنا في الجنوب، أن ينفتحوا نحو تكنولوجيا شرق آسيا الناهضة التى تتعاون مع الآخرين على أسس تبادل المصالح المشتركة، دون الإمعان في استعمار الشعوب ونهب ثرواتها تحت راية ما يسمى «النظام العالمى الجديد».