العالم من حولنا يعيش عصر الطفرات التقنية ساعةً بساعة ولذلك تخلت كثير من الشعوب عن عنصر الدهشة وباتت تجهد في سبيل ابتكار الجديد عوضاً عن البقاء تحت اسر المواكبة فحسب ، انظروا الى الحروب الحديثة - العراق وليبيا نموذجان - كيف تتصرف الدول المتقدمة تقنياً لتوفير اكبر قدر من الحماية لمستخدمي هذه التقنيات الحديثة وعوضاً عن استخدام الطائرة بدون طيار يمكنهم اليوم المجازفة بارسال ضباط سلاح الجو لتنفيذ غارات سريعة مباغتة على الاهداف المرسومة مع وضع التحوطات اللازمة في حالة رصد الرادارات الارضية من قبل دفاعات الخصم اواصابة الطائرات المقاتلة بصواريخ مدمرة . ولكن اخطر ما توصلت اليه التكنولوجيا الحديثة هو تكنولوجيا التتبع حيث بدأت الفكرة بابتكار شركة بريطانية ( هوك آي ) لنظام مراقبة وتتبع مسار كرة التنس والكريكيت بحيث يتم تصوير مسار حركة الكرة اثناء اللعبة بواسطة كاميرات تتبع لاحتساب الاهداف والاخطاء وابراز نتيجة المباراة بصورة دقيقة ، لقد نجحت هذه التكنولوجيا في البت في كثير من النزاعات الرياضية بين المتنافسين ولكن يبدو ان شركة ألمانية ( كايروس ) استطاعت ان تنافس في هذا المجال بقوة حيث ابتكرت تقنية تتبع حديثة توفر ضمانات اكبر لتتبع الكرة عبر زراعة شرائح دقيقة داخلها تسهل على الحاسوب تحديد مكانها ومعرفة درجات انحرافها كافة طوال اللعبة واستعادة شريط حركة الكرة في حالة نشوب نزاعات ، هذه التكنولوجيا تم تطويرها لاحقاً بالطبع بواسطة شركات التصنيع العسكري والحربي لتدخل ضمن انظمة تتبع الاشخاص والعربات والطائرات وخلافه . انه ليس عملاً جديداً فالعالم يتحول تحولات كبيرة ومن الطبيعي ان يطور الاعداء انظمتهم الهجومية ولكن علينا في ذات الوقت تطوير انظمتنا الدفاعية ومواكبة ( المسار التقاني ) للعالم ومن الواضح بحسب ارتكاب العدو الصهيوني لجريمتين على مدى عامين بحق مجالنا الجوي اعتماداً على تكنولوجيا التتبع ان نراجع منظومة دفاعاتنا الوطنية باتجاه المواكبة واللحاق قبل ان يوظف العدو هذه التقانات لغاية اصابة اهداف اكبر واشد إيلاما ، نحتاج لمراجعة انظمة شبكات الاتصالات المتعددة التي غزت الفضاء السوداني واصبحت مرتعاً للجواسيس ومخترقي انظمة التشغيل وعلينا ان نتساءل لماذا يستقبل مشتركو شبكات الاتصالات رسائل احتيالية بين الفينة والاخرى ؟ من الذي يقوم بفتح المجال ؟ ان من يفتح المجال امام دخول الرسائل الاحتيالية هو عينه القادر على تمليك العدو المعلومات والشفرات الخاصة بالتتبع..نعم علينا تحديد من اين يدخل العدو اذا كنا ندرك تماماً ان تكنولوجيا التتبع انما تعتمد على اشياء نحملها جميعاً ولها ارقام مسجلة داخل الشبكات المختلفة ( الموبايلات ) دون ان نستبعد وجود اجهزة تقنية دقيقة يمكن الصاقها عبر عملاء محليين او اجانب في الاهداف المتحركة ولكن علينا التحسب ابتداءاً بمراجعة ما نحمله بكل بساطة في الجيوب من تقانات حديثة . نعم من منكم لم تصله رسالة احتيالية عبر الموبايل ؟ ان ظاهر العملية يفيد بانها مجرد سرقة رصيد تافهة ولكن باطن الامر يفيد بان جهات مجهولة تستطيع او هي استطاعت بالفعل اختراق شبكة اتصالات داخلية وبالتالي نحن نحتاج الى انظمة حماية قبل التفكير في اي خطوة وانظمة الحماية تبدأ بمراجعة الشركات الاجنبية العاملة بالسودان والناشطة في تنفيذ نشاطات حيوية جداً تتعلق بالامن القومي فأجهزة التنصت والتتبع وتحديد المواقع كلها امور تتعلق بالامن القومي فأين اجهزتنا الاستخباراتية والامنية من رصد مثل هذه النشاطات ؟ ان ضلوع الشركات الاستثمارية في النشاطات الحيوية يقودنا الى اثارة الشكوك الكثيفة حول من المستفيد من دخول هذه الشركات ومن يراقب اداءها؟ ان من يملك التقانات المتقدمة لن تستطيع انت بمعرفتك المتواضعة المتأخرة ان تضمن عدم استغلاله لهذه التقانة في الاضرار بالامن القومي للبلد .