في ليلة ساحرة اتسمت بالسرد الأنيق بدار اتحاد الكتاب السودانيين، استضافت الدار الفنان التشكيلي العالمي البروفيسور إبراهيم الصلحي في جلسة مفتوحة مع محبيه، حكى فيها الكثير من الروائع، ولكننا نتوقف فى «جنينة الصلحي» لنقتطف منها تلك البصلة التى كانت محوراً للنقاش الجميل فى تلك الليلة. في الفترة التي قضاها الصلحي بسجن كوبر أثناء حكم مايو، ووقتها كان وكيلاً للثقافة يقول: «من المواقف التي لا أنساها على الإطلاق في السجن عندما كان مدير عام السجون يمر كل شهر كالعادة، وكان الطعام رديئاً، والمساجين عندما يسألهم المدير عن طلباتهم يسارعون إلى طلب «البصل» لأن الفول والعدس يسكنه السوس، وكان البصل عزيزاً جداً، وكنا نقطعه الى شرائح صغيرة ونضعه على أنوفنا حتى نستسيغ طعم الأكل». ويضيف الصلحي: «كان في كل مرة واحد منا يطالب بالبصل، وعندما أتى دورى أعطونا هذه المرة «4» بصلات بدلاً من ثلاث، ولحسن الحظ كانت واحدة صغيرة بها «خلفة» فقطعت تلك «الخلفة» وقمت بزراعتها تحت «الزير» وأصبحت أراقبها وأعتنى بها وكنت «أحاحي» منها المساجين، وعندما تفتقت وأخرجت «بنبونة» صغيرة احتفى بها الجميع باعتبارها حياة جديدة فى السجن، وشكلاً أخضر يرمز للحياة داخل الأسوار، وكنا نراقب نموها»، وقال الصلحي: «كان المساجين يتحلقون حولها ويسردون حكاياتهم، وأصبحت مكاناً يجتمع فيه المساجين، وقاموا بتسميتها جنينة الصلحي». وكانت «البصلة» مدخلاً للعديد من المداخلات والتساؤلات، رد عليها الصلحي بدلالة رمزية عميقة بقوله: «كانت البصلة بالنسبة لي إكسير الحياة مقابل الظلم والقهر الذي كان سائداً آنذاك».