جاء عهد الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز، بعد أن تحول نظام الحكم في الدولة الاسلامية الى ملك عضوض ابتدعه بني امية وورثه منهم بنو عبد الملك بن مروان، فاستعملوا ولاة من شاكلة الحجاج بن يوسف وزياد بن أبيه، فأحدثوا في دولة الإسلام أحداثاً جساماً شوَّهت وجه الخلافة الإسلامية الناصع. وباعتلاء الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز سدة الحكم، عم العدل ربوع الدولة الاسلامية وازدهرت أحوال المسلمين وأغناهم الله بعد فقر وأمنهم بعد خوف، حتى أصبحت الزكاة ينادى بها فلا تجد من يأخذها. وعد الله هذا لن يخلفه لكل حاكم مسلم يتبع سنة عمر بن عبد العزيز، فمكان الحاكم من الأمة مكان القلب من الجسد، ولكل أمة إسلامية تجتهد في اصلاح حالها وعد بأن ينصلح بالتالي حال حكامها، فكما تكون الأمة الاسلامية يولى عليها. ودولة الشريعة في السودان، أما آن لها أن تكتفي بنظام الزكاة السامى وتلغي نظام الضرائب العلماني؟ باي حق تجبي الدولة من المواطنين أصنافاً متعددة من الضرائب تتراوح من القيمة المضافة الى الدخل الشخصي الى ارباح الأعمال الى الدمغة الى غيرها وآخرها، تذهب معظمها مرتبات وايجارات مكاتب ومصاريف سيارات واتصالات للعاملين في جباية المكوس، مما يؤدي الى تضخيم الأسعار واضعاف قوة العملة السودانية. وقد تعنى الضرائب ادخال ايرادات الى وزارة المالية، ولكنها تعني في المقابل احداث تضخم في الاسعار. ولقد نتجت عن تطبيق نظام الضرائب مظالم كثيرة أدت الى تعطيل دواليب العمل المنتجة وإغلاق الشركات، بل الأدهى من ذلك أنها علمت الناس الكذب بتقديم الإقرارات المزورة وغير الصحيحة. ويتجلى العجب فى أن موظف الضرائب الذى كان بالأمس يهدد الممول بالنيابة ليتحصل منه على أكبر ربط ليتحصل على الحافز، هو نفسه الذي يقوم بفبركة الاقرار و «تظبيطه» فى مكتبه الاستشاري، بعد ترك الخدمة، حتى يدفع الممول أقل ما يمكن، فأهل مكه أدرى بشعابها. فلماذا لا نجرب الغاء نظام الضرائب العلماني ونكتفي بتحصيل الزكاة عسى الله تعالى يفتح علينا بركات من السماء والأرض، ونأكل من بين أيدينا ومن تحت أرجلنا؟ لماذا نحن نقلد العلمانيين في كل شيء حذو القذة بالقذة؟