قيل إن الهيئة التشريعية القومية قد منحت وزارة الدفاع تفويضا كاملا للرد على غارة السوناتا، وأمّنت الهيئة الموقرة على أهمية رد التحية الاسرائيلية بمثلها- أي بغارة مضادة مساوية لها في المقدار، ومضادة لها في الاتجاه- ولكنها لن تكن على سوناتا على كل حال؛ لأنها من إنتاج جياد وليس في كامل الاراضي الاسرائيلية، أي منتج من جياد. ومن جهة اخرى، قيل ان جواسيس وعملاء محليين وطابورا خامسا هم من تابعوا تحركات السوناتا وسهّلوا للطائرة المغيرة غارتها التي راح ضحيتها تجار ماشية- حسب الافادات الرسمية-، نسأل الله لهم القبول والرحمة، وهكذا ظلت السلطات ترفدنا كل يوم بإفادة جديدة ومعلومة اضافية لا تزيل غموضا بقدر ما تزيد الارباك، والا فليقل لنا احد النابهين لماذا تستهدف اسرائيل تجار مواشٍ وتتعقبهم بهذه الدقة فترديهم قتلى قاتلها الله، ألم يكفها ما يعانيه اهل الشرق من مسغبة وشظف؟، ربما انها لا تعرف، ولهذا آثرنا بدلا من الانغماس في مغالطات غارتها الآثمة، أن نهدي كل الغيورين قصيدة شاعرنا صلاح احمد ابراهيم- رحمه الله- الموسومة (دبايوا) وهي تحية اهل الشرق المقابلة ل (شالوم) تحية الاسرائيليين واليهود... «أوشيك» من قبيلة «الهدندوا» «اوشيك» دون أن يكل يرصد الآفاق من دغش الصبح الى انحباس الضوء في المساء مفتشاً عن غيمة فيها سلام الماء يرفع ساقاً ويحط ساق كوقفة الكركى في المياه مرتكز الظهر على عصاه أهلكت المجاعة الشياه ولم يَعُد «اوشيك» غير هذه النعال صداره والثوب والسروال والسيف والشوتال وشعره المغوف الوديك والخُلال وعُلبة التنباك يراقب الزقوم والصبار والأراك السلُّ في ضلوعه يفحُّ أفعوان عيناه جمرتان «في وحدة الرُّهبان» إلا أنه... يُحب شرب البُن يمقت «الشفتة» و«الحمران» دبايوا يفتل ُ من ساعاته الطّوالْ حبال صمتٍ تافه...جبال ويرقب السماء لو أنها تعصر في لسان أرضه قطرة ماء لو أنها تبلل الرجاء أهلكتْ المجاعةُ الشياه لو يرحم الإله وزوجتُه ذات الزمام الضخم والملاءة الحمراء قضى عليها الداء فزفرت أحشاءها دماء وفوق صدرها «أوهاج» مثل هرة صغيرة عمياء يمد في غرغرة الذماء يدين كالمحارتين للأثداء *** «أوهاج» لم يعد منذ مضى هناك هناك في المدينة الباهرة الأضواء تلك التي تعُجُّ بالشرطة والمقاهي بالودك الجيد والظلال (كيف ترى الجنة يا إلهى) أوهاج قبل أن يُحقق الآمالْ ويملأ التّكّة من سرواله بالمال هوت على دماغه رافعةُ الميناء فأنخبطت جُثتهُ في الأرض تحت أرجل العُمال وامتزج اليافوخ بالدماء بالودك وبالقمل وبالخُلال دِماؤُه تجمدت على حديد «البال» مات لم يستلم الريال واستأنفت أعمالها رافعة الميناء- ما الحمال؟ دبايوا؟؟ دبايوا *** ابنته «شريفة» مذ هربت بعارها من كنف الشريفة وأخرست جفجة القطار صوت السيد الصغير والخليفة جاءت إلى المدينة القاسية المخيفة تقدم التفاح للرجال لكل من جاء من الرجال رائعة ...رائعة - يقول لى صديق يا خصرها ، يا عودها الفارع، يا لثغتها الظريفة يا نهدها استقل، كاد أن يُطل من ثيابها الرّهيفة وهى تضوع بالشذى، تموع كالقطيفة تموءُ بالحروف مثل قطة أليفة «يا سمسم القدارف» تقدم البيرة واللفائف والطشت والإبريق ترفع او تُخفض المذياع حتى اذا انهكها الامتاع وأطفات مصباحها بعد انتصاف الليل مر على خيالها «أوشيك» وشعره الوديك كأنه شُجيرة الزقوم وصوتُ «أونور» اخضرار مضرب الخيام بعد السيل وهو يمد صوته الجميل: «أكودناى..أكّودناي...بادميما» مرت على خيالها «ساكنة الضريح» فطمسته نقرة لهفانة ببابها الصفيح وصرخة جنسية تطلقها «ميزانُ» تحت صورة العذراء والمسيح *** دبايوا... هُناك في الخرطومْ هُناك في البعيد من قذارة «الديوم» هناك في البعيد من تلال بحرنا الأحمر من «سنكات» ومن «عقيق»، ومن جبال «كسلا» و«اربعات» ومن مصايد الغُيُومْ «أوشيك» ليس إلا صورة طريفة تُباع في دكان وتحت «أوشيك» تلوح كلمتان: «Fuzzy-Wuzzy هدندوا» دبايوا دبايوا ٭٭٭