لا يملك مواطنو جنوب كردفان هذه الايام طرد شبح الحرب التي فارقوها قبل ستة اعوام ، فحمى السباق نحو الجلوس فوق كرسي الحكم بالولاية بين طرفي السلام ، وصلت اعلى درجاتها و دخلت الحملات الانتخابية بالولاية اسبوعها الثالث وعلامات الخوف ترسم ملامحها بدقة فوق وجوه الناخبين ، سرعان ما تحولت الى ترقب عالي في انتظار الانفجار الاكبر عقب مصرع عشرين شخصا نهاية الاسبوع وجرح العشرات بمسقط رأس مرشح الحركة الفريق عبدالعزيز الحلو بقرية «الفيض أم عبدالله « بالقطاع الشرقي للولاية ، تبادل حولها الطرفان الاتهامات . وتركت علامات استفهام واسعة داخل مدن وقرى الولاية المختلفة ، التي ينتظر فيها مايفوق 600 ألف ناخب مطلع مايو المقبل فتح صناديق الاقتراع ليدلوا باصواتهم مرة اخرى بعد مرور عام ليكملوا اختيار نوابهم وحاكم ولايتهم ، ابرزها هل الطريق الى مراكز الاقتراع بات هو الاقرب ام طريق العودة الى مربع الحرب ؟ فمنابر الحملة الدعائية التي انطلقت مطلع الشهر الجاري بعد اسبوعها الاول لم تخلُ من تبادل الاتهام وشن الهجوم بشكل مباشر ، والتلويح بكروت الضغط بشكل مكشوف مما يشير الى ان الشركاء افترقت بينهم الطرق ، وانسد امامهم طريق الوصول الي نقطة مشتركة لتجاوز ما ستسفر عنه مقبل الايام ، يرى المحلل السياسي الدكتور حاج حمد ل»الصحافة» تبادل الاتهام الاخير يشير الى ان الانتخابات القادمة هي نقطة النهاية في علاقة الشريكين واضاف ستكون جنوب كردفان طريقهم مرة ثانية الى مربع الحرب وتابع هذه المرة الطلاق «طلاق بينونة كبرى» ، فمرشح الحركة الشعبية لمنصب الوالي عبدالعزيز الحلو حمل المؤتمر الوطني ومرشحه لذات المنصب أحمد هارون ومسؤول التعبئة بالحزب الحاكم حاج ماجد سوار مسؤولية احداث «الفيض» الاخيرة واتهمهم عبر تعميم صحفي بالعمل لنقل الحرب للمنطقة واضاف _أن أحمد هارون وحاج ماجد سوار هم من طاف بتلك المناطق قبل الأحداث بيومين وتحدثوا فى ندوة بمنطقة العباسية حرضوا فيها مليشيات الدفاع الشعبى صراحة، ذات الاتهام رد عليه سوار بمنطقة كالوقي التي خاطب فيها جمع من انصار حزبه وقال ان لم ازر تلك المنطقة حتى احرض احداً لكن الحركة تستخدم الامر للمراوغة وهدد من مغبة عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات التي قطع بفوز حزبة واضاف حال ذلك سنرفع راية استفتاء الجنوب وماحدث هناك كان تزويرا ، الا ان الحلو اشار خلال تعميمه الصحفي ان «سوار وهارون « يهدفان لنقل نموذج دارفور إلى الولاية والتمهيد لتأجيل الإنتخابات بحجة عدم الإستقرار الأمنى ومن ثم إعلان حالة الطوارىء متزرعين بدخول قوات العدل والمساواة للولاية واضاف هذه الممارسات هى نفس ممارسات المؤتمر الوطنى بدارفور. لكن بعد ان مرت الآن ثلاثة ايام من احداث الفيض التي راح ضحيتها مايفوق العشرين شخصاً نهاية الاسبوع الماضي سيعود الهدوء للمنطقة ويصل الجميع الى العاشر من مايو المقبل موعد اعلان نتائج الانتخابات التكميلية بولاية جنوب كردفان دون تكرار ما يماثلها او اكبر فداحه ، لا احد يمكنه الاجابة على الامر لكن احد المسولين البارزين بالحركة تحدثت له في الامر امس قال ما يمكن ان نقوله الآن لا شئ يمكن توقعه فالامر هنا ماضي نحو الاخطر ، هذا حديث رجل بارز وذو صلة بالعمل الامني والاستخباراتي طالب عدم الافصاح عن اسمه وتابع نحن نتعامل مع حديث المؤتمر الوطني حول اتهامه لنا بمحاولات اشعال الحرب او استهداف منسوبيه بانها رسالة لا تحتاج الى تفسير غير ان نعمل وفق درجة عالية من الحذر ، لكن يبدو ان الطرفين لايريدان السير فوق طريق الحرب الآن ويعملنا في البحث عن معادلة تخرجهم من هذا المطب وهمهم الاكبر الآن لكن ملامح ذلك الطريق لا تبدو مرئية الآن بجانب عامل الوقت ، فكلا المرشحين يضعان وصولهما الى حكم الولاية شرط نزول الاستقرار بالمنطقة وعدم عودتها الى الحرب ولا يعرفان حديثا غير ضمان اكتساحهم للاصوات ويشيرون الي ان اي نتيجة غير ذلك تعني استخدام اساليب فاسدة ، فكل طرف يتهم الآخر بالتزوير ، الامر الذي جعل الناخبين في حيرة من امرهم فالشائب العشا وهو خريج جامعي من ابناء المنطقة يقول بتنا لا نعرف كيف سيكون حال منطقتنا عند فتح صناديق الاقتراع فهو لا يرى غير الحرب شيئاً او الاضطرابات بالمنطقة ، ويضيف محدثي الحركة تتحدث عن الفوز بثقة عالية وكذلك الوطني وكلاهما يملك السلاح والجنود ماذا تنتظر مني غير التشأوم والخوف من القادم فحاج حمد يشير الى ان صعوبة الانتخابات تكمن في مرشحيها فالحلو لا يجد طريقا غير الفوز لكثير من الاسباب ويضيف حمد وكذلك هارون فالاثنان يملكان تحديات الاول كقائد يعتبر نفسه قاتل وهذه مناطق نفوذه والاخير لان عدم فوزه يعني دخوله في عدد من الصراعات ويزيد حمد المحكمة الجنائية وحتى صراعات داخل حزبه . لكن بحلول صباح اليوم السبت تكون الحملة الدعائية للانتخابات دخلت اسبوعها الثالث ، دون اي مؤشرات مطمئنة تزيل حالة الخوف والتوتر وتبعد المنطقة من شبح الحرب مرة ثانية ،وربما لن يجد طرفا التنافس الانتخابي بجنوب كردفان الوطني والحركة طريقا غير تبادل الاتهامات في ما بينهم لحصد الاصوات الانتخابية الا ان الوقت نحو الاصعب يمضي بشكل متسارع و يبدو ان سيناريوهات العودة الى مربع الحرب ليست بعيده ، بل باتت الاقرب الآن وهو ما يشعر به المواطنون ،ففي طريق عودتنا من رشاد الى محلية الدلنج تحدث الي اثنان من المواطنين وسألوني هل ستعود الحرب لم اجد الاجابة لكن حصيلة القتلى التي وصلت الى الرقم 20 كانت كافية لتضعهم في طريق البحث عن الإجابة .