فكرة لاتقدر بثمن تلك التي جعلت من كاميرا التلفزيون عينا لعكس وابراز النوادر التي يزخر بها المجتمع السوداني في قالب برامجي مغاير و استطاعت ان تشرك المشاهد البسيط في إبراز مواهبه وافكاره وعكسها للمشاهد داخل وخارج السودان ..(دنيا ) تحتفل بمرور اربعة اعوام على الانطلاق والتميز ، وقد وقف من خلف كواليسها العديد من الجنود المجهولين والذين شهدوا ميلادها الاول من داخل أروقة صحيفة الرأي العام على ايد فرسانها (وجدي الكردي ،خالد البلولة أحمد يونس ، أمير الشعراني ، والمذيع طارق التجاني والمخرج أحمد ابراهيم والفني كمال منزول ) وثلة من المبدعين الذين شاركوا برنامج (دنيا) اطلالتها الاولى عبر الشاشة . حلقات البرنامج الاولى كانت هي المحك في استمراريته بتنفيذ المقترح بشكل جيد خارج النمطية التقليدية و المتكررة . كان الثامن عشر من ابريل من العام 2007م أولى حلقات (دنيا) التي عكست العديد من المعالم المميزة وغير البارزة ، وكان عنوانها التنوع وهي تجمع بين الفن و التوثيق و الطرائف و العجائب و النوادر والامثال الشعبية النادرة . أول فنان أطل عبر دنيا كان الفنان كمال كيلا في حديث عن هوايته في تربية الطيور النادرة وعن تجربته الفنية الغنائية ، وتحدث د. عبد المطلب الفحل في اولى حلقة للبرنامج عن الامثال الشعبية في فقرة حكاية مثل وكانت اولى المناطق التي زارتها كاميرا البرنامج كان (سوق قندهار). وكان العم توتو ضيف الحلقة ايضا يحكي عن ذكرياته مع الموتى ويروى قصص حول حياكة الاكفان. ومن المعلوم ان الاستمرار لا يكتب الا للبرامج المميزة و الهادفة والتي تمكنت من خلق قاعدة جماهيرية عريضة من المشاهدين ، فاستمر البرنامج على الرغم من الصعوبات التي واجهته وارتبط به المشاهدون الذين كانوا يراسلون البرنامج للإسهام في عكس نوادر الشعب السوداني في مختلف أنحاء ولايات السودان . من المؤلم إنتزاع شوكة من تجاويف الذاكرة، تركتها عمداً كي لا تؤلمك مغادرتها، أو تتسرب من ثقبها الذكريات، العابسة منها والباسمة.هكذا ابتدر أول معد ل(دنيا) حديثه وهو الاستاذ و الكاتب الصحفي ورئيس تحرير صحيفة حكايات الاستاذ وجدي الكردي وفي حديث صاحبه اجترار الذكريات قال الكردي : تولّيت إعداد البرنامج في نسخته الأولى والعام 2006 يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد ورشة شارك في تخطيطها الباحثان أمير الشعراني وأحمد يونس، تقاسمت فيه (دنيا) فقراتها ومفردات شخصيتها المميزة التي جعلت منها (برنجي) البرامج التلفزيونية حتى فازت بالمركز الأول في مهرجان القاهرة للتلفزيون بالقاهرة. ولم يكن بمقدور اسم سوى (دنيا) من استيعاب فكرة البرنامج الذي جاء بمبادرة من الدكتور خالد البلولة، الصحافي الذي عاصرته في بداياته الأولى وهو يلّون الصفحات بحروفه المضيئات. ويرى الكردي ان (دنيا) تميزت بفقراتها الخفيفة والمؤثرة التي تأخذ بتلابيب العين والأذن معاً، تناصفت الصورة المشاهدة والنص المسموع الحضور في الشاشة، فلو أنك أغمضت عينيك واستمعت للنص لكفتك، ولو ضربت صفحاً عن السمع وشاهدت، لكفتك..! ويضيف وجدي الكردي الى حديثه قائلا :لم تلتزم (دنيا) بالحرفية المهنية للسيناريو المصاحب للصورة إمتثالاً لأعراف الشاشة، بل نهجت لصنع (نص موازٍ) للصورة سعياً للتأثير ونزولاً عن رغبة (الصورة) في المزيد من الحضور، ربما أغضبت المختصين من سدنة السيناريو وعتاة المشتغلين بالأفلام لكنها أرضت المشاهد على أية حال، ما يؤكد أن الخطأ في المنهج لا في التطبيق و(العبرة بالشوف)، أو هكذا أظن..! ولعله من غير اللائق الحديث عن (دنيا) دون ذكر المخرج التلفزيوني أحمد ابراهيم، برؤيته الثاقبة وإنضباطه المهني و(الزمني) الذي لم نستطع مجاراته، فلولاه لما أخذت (دنيا) زاوية (الشوف) التي ميّزتها عن مثيلاتها، ومن بعده جاء المخرج أحمد شحات، وتبعه مخرجون كثر تركوا آثارهم المميزة على تفرد البرنامج اخرهم الاستاذ عثمان المصباح ، أضف إلى ذلك الحس الإجتماعي المرتفع للباحث أمير الشعراني الذي تميز بقدرته على الإلتقاط وإنتاج الأفكار التي تصلح أفلاماً وثائقية عند أفضل المخرجين في العالم . تميز داخلي وخارجي د. خالد البلولة منتج البرنامج يقول ان دنيا حققت تميزا أشير اليه بالبنان في مهرجان القاهرة للإعلام العربي وكان ذلك نتاجا لجهد كبير بذله فريق البرنامج بقيادة عاطف كامل ومساعده عثمان المصباح ، أدهشت دنيا الحضور في المهرجان وشاركت بحلقة تحدثت عن موسيقى الانصار واستضافت اكبر معمرة في السودان وتدعى (فاطمة بت جرقندي) والتي تجاوز عمرها 108 عام بلغتها البسيطة استطاعت ان تروي الحقب التاريخية التي عاصرتها في تاريخ السودان. وعرضت تقريرا عن صناعة السعف وتقريرا عن أهالي أحدى القرى الذين يقومون بترويض الثعابين والعقارب، كما عرضت فيلما توثيقيا عن سوق «قندهار» الحلقة قام بإخراجها عاطف كامل وشاركت في تقديمها ايناس محمد احمد فكانت جديره بأن تنال جائزة افضل برنامج منوعات . الدرس الأول وحكاية زول يضم البرنامج العديد من الفقرات المختلفة في المضمون والمتنوعة في شكل العرض، من ابرزها الفقرات الفيلمية والاستطلاعية وفقرات (الدرس الاول)و(مواقف وطرائف) ،(كاميرا للجميع) وهي فقرة اهتمت بإبراز النوادر والعجائب في المجتمع السوداني . فقرة (حكاية زول)اهتمت باستضافة اصحاب المواهب المميزة والقيم الاصيلة ، وزارالبرنامج عبر فقرة (زيارة الى) العديد من الشخصيات البارزة في المجتمع والتي ظهرت لاول مرة عبر الشاشة وخصصت فقرة( بعين مفتوحة) لتلمس الظواهر السالبة في المجتمع في محاولة لمعالجتها ، ويوثق البرنامج للأحياء والقرى صاحبة الاسماء النادرة والغربية عبر فقرة (بيادر) والتي زارت العديد من القرى السودانية لاول مرة ولعل من ابرزها قرية (ودغلوقة) ،قرية (كوجيلا)،( عدا الغباش) ومنطقة (أمبكي) ، البرنامج ايضا اتاح فرصة للمعوقين المتميزين للحديث عن جهودهم والاعتماد على انفسهم فخصص لهم فقرة بعنوان ( الحياة أجمل) . = تفاعل الجمهورمع فريق (دنيا) ايضا اسهم في توسيع دائرة مصادره واستطاع من خلالهم ان يكون عينا تقف على كل ما هو «نادر» في الشارع السوداني. شخصيات خالدة في دنيا من اشهر الشخصيات التي استضافها (دنيا) في حديث شيق بعيد عن تخصصاتهم من بينهم اول وزير للدفاع في السودان اللواء خلف الله خالد ، الفنان التشكيلي د. عبد المنعم حمزة ، د. طه بعشر ، بروفسير الهادي احمد الشيخ ، الاستاذ الخاتم عبد الله ،د. محمد الحسن صالح ، د. تابيتا بطرس، وزير الصناعة في حكومة الإمام الصادق المهدي الاستاذ حسن عبد الجليل ود. عبد المطلب الفحل ،بابا فزاري ، الفنان أحمد الفرجوني. أغرب نوادر دنيا كانت قصة الشاب السوداني الذي توفي وعاد مرة أخرى للحياة والذي استضافه برنامج (دنيا) من اكثر الحلقات التي أثارت ضجة وسط الجمهور وتعد من الغرائب و العجائب التي اشتهر بها البرنامج ، حيث التقت به كاميرا البرنامج بمقر اقامته بالمملكة العربية السعودية .. كذلك قصة الفتاة (أم شوايل) التي عاشت في البئر أكثر من (38) يوما دون أن تفقد الوعي .. أكبر معمرة في السودان (بت جرقندي) التقت بها (دنيا) وعمرها يناهز108عام ، كذلك عكست دنيا للمشاهدين قصة الفتاة السودانية (عفاف) والتي تخرج الحجارة من عينيها كظاهرة غريبة أدهشت الجميع في ذلك الوقت. الطفل عبد الله سعيد الذي كان يرضع لبن (الكلاب والحمير) ، والاسرة السودانية التي تربي العقارب و الثعابين في بيتها .. ويعد دنيا اول برنامج التقى بالمعمرين والذين تجاوزت اعمارهم مابين (108180) عاما من مختلف انحاء وولايات السودان، ووثق للحياة السودانية بمناحيها المختلفة وزار كافة مدن وولايات السودان النائية منها و القريبة تحقيقا للهدف والرؤية التي من اجلها خلقت فكرة البرنامج . ربحت دنيا رهان الاستمرار وهي الان تحتفل بعامها الرابع على الرغم من الظروف الانتاحية التي واجهتها استطاعت ان تسير في خطوات متميزة بفضل تظافر جهود العاملين فيها قاطبة منذ ميلاد الفكرة وحتى أصبحت واقعاً يشاهده الناس. ناس الدنيا المخرج أحمد ابراهيم صاحب البصمة المميزة وقائد فرسان (دنيا) لم ينسَ في حديثه إلينا احدا من الذين شهدوا معه انطلاقة دنيا الأولى وعمل من خلف كواليسه كل من المصور عيسي زرارة ، هيثم حسب الرسول وفي الديكور ندوة حسن ومساعد الإنتاج :محمد نور وقدم البرنامج في انطلاقته الأولى المذيع طارق التيجاني،ومراقبة الصورة محمد خير السيد شاويش وفي الصوت يحي عبد الكريم ووليد يوسف . ويؤكد أحمد ابراهيم أن تجاوب الضيوف مع البرنامج كان ممتازا جدا حيث كان الناس يدلون اسرة البرنامج على المواضيع الغريبة والمدهشة واجمع المشاهدون على أن برنامج دنيا من أجمل البرامج التي أنتجت في تلفزيون السودان علي الإطلاق حيث كانت المهنية فيه عالية جدا واوضح احمد إبراهيم ان زمن المونتاج كان قليلا جدا مقارنة بتعقيدات فنيات المونتاج الحالية. روح الفريق الواحد التي جمعت اسرة (دنيا) كانت أهم عناصر انجاح البرنامج و استمراريته والحرص على تميزه الذي أهله للفوز في مهرجان القاهرة للإعلام العربي في دورته (13) في العام 2008م . اول مغامرة .. وأول زيارة كانت الحلقة الأولى أولى المغامرات التي عاشها فريق البرنامج عندما عاد من فقراتها طاقم البرنامج مذهولاً و(شبعاناً) ومتعباً ومستمتعاً وخائفاً. ففي فقرة (زيارة إلى..)، تجاوزت سيارة التلفزيون كتل اللحم المتلاصق وهي (تعافر) رزقها عند حواف سوق ليبيا لتصل سوق (قندهار) الذي تخصص في اللحوم المشوية. قالت مؤسسة السوق (زكية الذكية) إن السوق أخذ أسمه من تكاثر غارات (المحلية) عليه بالتزامن مع الغارات الأمريكية التي شنها الأمريكان على (قندهار) الأصل بأفغانسان، قبل أن تقدّم لنا عرضاً لعملها في (مسرح الصاج) العريض، تفرّج عليه المشاهدون فيما ظفر طاقم البرنامج لوحده ب (الشية).. واعتمد المخرج في الموسيقى التصويرية للبرنامج على المقطوعات الموسيقية للموسيقار العالمي (ياني). مبدعون من خلف الكواليس وظل المبدع عاطف كامل يعمل خلف كواليس (دنيا) بجد وإجتهاد بشهادة زملائه بالتلفزيون القومي همه الوحيد تميز البرنامج الى ان توفي في العام 2009 م وحمل الرايه من خلفه المخرج صلاح محمد نور. وتمكن البرنامج من إبراز شرائح مختلفة من المجتمع التي لم تلتفت لها كاميرا التلفزيون من قبل، وعكست العديد من النوادر والغرائب و المواهب . انضم الى فريق البرنامج في الاخراج سيف الدولة الملثم والذي كانت له اسهامات في تطوير فكرة البرنامج لاسيما تجربة المخرج الراحل عاطف كامل، وحظيت (دنيا) بالعديد من المخرجين المميزين من اصحاب البصمات الفنية عبر الشاشة والالتزام بتنوع القالب والمضمون ليس بعيدا عن الفكرة الاساسية التي يهدف لها البرنامج من ابرز هؤلاء المخرجين (طارق فريجون ، صلاح محمد نور ، جراهام بريمة ، عثمان المصباح ، أنس رضوان) . ويعد الكاتب الصحفي د. اليسع حسن أحمد احد الذين رسموا ملامح دنيا عقب تأسيسها ، واسهم في اعداد وكتابة سيناريو البرنامج ، وظل ايمن عمر يوسف معد البرنامج يسهم في اخراج الروائع عبر شاشة دنيا. إستطاعت(دنيا) أن تقدم للمشاهدين أصواتا إذاعية لم تجد حظها في التلفزيون الاعبر بوابة (دنيا) من ابرزهم (مهدي عبد المؤمن، سلافة عبد الحافظ ،علياء محمد شريف ، وآخرين).