الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درست الطب في موسكو وكانت تجربة قاسية سأكتب عنها ولم يساعدني فيها فاطمة أحمد ولا الشفيع
في نادي القصة السوداني البروفسير فاطمة عبد المحمود شاهداً على العصر (12)
نشر في الصحافة يوم 26 - 04 - 2011

فترة نظام مايو من الفترات التاريخية التي مرت بالسودان ، شهدت تلك الفترة الكثير من الايجابيات وكذلك صاحبتها الكثير من السلبيات ، المثقفين المنكوين بنيران الحكم الشمولي المتعاقب على السودان وهو القطاع الذي ظل يعاني وما زال طيلة الفترة السابقة ... تحد أحداث جسام في هذه العهود يعلق المثقفون نتائجها على رقاب تلك الحكومات المتعاقبة والتي تجهض كل ثورة يقوم بها الشعب مما جعل عمر الديمقراطيات قصير جداً ولكن في رأي ليس ذلك مبررا لتقاضي المثقفين عن بعض القضايا المصيرية ، ليس بالسلاح كما فعل ثوار ليبيا ولكن بآليات أخرى شعبية نتائجها ملموسة في السودان قبل غيره من الشعوب العربية ... مثل التي أطاحت بنظام مايو ... ونادي القصة السوداني بالمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون جعل منبره مفتوحاً للتوثيق للحياة السودانية بألوان طيفها المختلفة اختلف معها أم اتفق، وضمن حلقات سلسلة شاهد على العصر قدم النادي الحميس الماضي شخصية كانت بارزة ولها دورها خلال نظام مايو لتكون شاهدة على أحداث تلك الفترة وتسد جانباً من التوثيق الغائب في كثير من جوانب حياتنا الثقافية والسياسية لتصبح كتاباً مفتوحاً أمام الأجيال كما قال مقدم الأمسية مجذوب عيدروس، هي البروفسير فاطمة عبد المحمود ... فتحدثت بدءاً البروف عن طفولتها ونشأتها وتعليمها وبروز موهبتها وفترة دراستها للطب في موسكو قائلة :-
أشكر الإخوة في نادي القصة أن دعوني لهذا المكان الذي ترددت عليه كثيراً في مناسبات مختلفة وخاصة كان ناشطاً في الفترة المايوية في الفترة التي اهتممنا فيها بالثقافة والعلوم وأتشرف جداً أن أكون مع هذه المجموعة والشكر للأخ عيدروس الذي أتيحت لي الفرصة في مقابلته في ندوة تلفزيونية فكان شرفاً كبيراً وعظيماً ، قصة حياتي طويلة ، وفي رأيّ الانتقال من الثقافة الشفاهية وتسجيلها عبر ما يقال في النهاية ستصبح ملك للأجيال القادمة ، طيلة فترة حياتي ظللت جادة بداية من حياتي الدراسية حتى تخرجت وحتى توليت مناصب مختلفة وحتى الآن يشفق علي اخوتي وأصدقائي في أنني أعمل طول اليوم ويذكرونني بأن السنوات تختلف من الشباب الى ما قبله وما بعده ، فقلت لهم اذا كان لدي القدرة والرغبة والاستعداد في حياتي ، ودائماً أقاوم في هذا الاتجاه والانسان هو الذي يحدد متى يقف عن العمل ، سأكون أمينة وصريحة في سردي وأوضح النقاط التي أقف عندها وأذكرها بتذكر الأحداث وأبعادها وتفسيراتها وأثرها ، لكن بعض الأحيان أنسى التوقيت ، لكن الأحداث كلها مرصودة في الصحف وموجودة في دار الوثائق ، وانا لدي ميزة حباني بها الله بدأت منذ طفولتي لا أتحرك بدون قلم ونوتة حتى هذه اللحظة ، تعاملت مع هذا الأمر بجدية أكثر في مرحلة الثانوي وتصاعد ذلك في الجامعة وظللت أحمل النوتة والقلم في كل اجتماع أي اجتماع لا أكتب وقائعه أو الحضور هذا اجتماع لم أحضره ولذلك أمتلك أكثر من مائة نوتة ، عندما أجد الوقت سأسجل الأحداث بالطريقة المطلوبة تاريخياً ولذلك ما يدور الآن مقدمة لأحداث موجودة ومؤرخة ، سأعود بكم الى القبائل ليست من باب القبلية ولكن من باب المرجعية التاريخية والدي من منطقة السروراب الجموعية الريف الشمالي ووالدته من المسيد ووالدتي جزء منها من مروي والجزء الآخر بطحاني ، ذات مرة قال لي واحد من ناس شيخ طلحة النشاط وهذه الأشياء أتت اليك من البطاحين فقال له عز الدين السيد أبداً هذه الخصال انتقلت اليها من المحس من حفير مشو ، نزعة أسرتي والمرجعية مرجعية صوفية ، والدي جده الشيخ محمد عبد المحمود حفيد الشيخ أحمد الطيب نور الدائم رجل أم مرحي ووالدته هي سعيدة الفكي أحمد بن عيسى بن جابر الأنصاري أيضاً صوفية والكل يعرف أن الفكي أحمد الأنصاري من الذين نشروا الدعوة الاسلامية في السودان وهو أصلاً أتى من السعودية وتعلم في الأزهر وبدأ بحفير مشو ومر بالنيل بالشيخ الطيب وبخور عمر ومر بتوتي والجريف واستقر في مسيد ود عيسى ، وهذا المسيد في شمال الجزيرة كان عبارة عن 25 خلوة ، كل هذه الخلاوى أسسها وأغلب متصوفة السودان درسوا فيها وحتى الشخصيات الدينية الكبيرة الشيخ الطيب تعلم في المسيد والشيخ الفادني والشيخ الكباشي وآخرين كٌثر ، الخليفة عبد الله التعايشي تزوج من هناك وأولاده عمر وسليمان وفضل أيضاً تزوجوا فأصبحت هنالك صلة بين الأنصار وآل ود عيسى قوية بالمصاهرة ، المهدي أيضاً تزوج من بنات ود عيسى ولم ينجب وكان يسكن في منزل بت ود سعيد ، أعداد كبيرة من المتصوفة عندما أكملت تعليمها الديني كانوا يريدون تكريم الفكي أحمد ود عيسى فاتفقوا لتكريمه الزواج من بناته جميعهن ، فكلهم تزوجوا بنات ود عيسى ومن ثم انتشروا في الشيخ الطيب وفي غيرها وهكذا لذلك كثير من الناس لا يعرفون صلاتي المتداخلة مع هذه العناصر هي علاقة أسر وعلاقة مصاهرة ورحمة الله عليه والدي كان رجل متفقه ومتدين وبسيط ، كان همه الوصال والتواصل مع أهله ، وكان دائماً يؤم الناس في المساجد مسجد المسيد ومسجد كترانج ومسجد المسعودية حتى مسجد فاروق هنا في الخرطوم كان يأتي برجليه من السجانة حتى مسجد فاروق ليئم المصلين يوم الجمعة ، فالحقيقة ليست لأنه والدي حتى اذا لم يكن والدي لتمنيت أن يكون والدي ، في فترة الثلاثينات كان الانجليز يختاروا بعض الشخصيات لتعيينهم في الادارة لكن جدي عبد المحمود عندما طلب منه تعيين والدي رفض ، باعتبارأن هذا العمل سيبعده عن دينه وهو كان لا يريد له أن يعمل في أي ادارة أو عمل مدني وجدي عبد المحمود كان رجل فقيه وله خلاوى وخلوته الأخيرة كانت بالخرطوم جوار أسرة مامون حسب الرسول وهي في منطقة السروراب والمسيد فرأ أن والدي في سن العشرين فسافر به الى السعودية وتركه هناك لقراءة القرآن وآداء فريضة الحج وهكذا ، استقر هناك عدة سنوات وكان في ذلك الزمن عدد السودانيين قليل جدا هناك، شاءت الظروف أن يسمع به الملك عبد العزيز آل سعود فأرسل له وأحضره ليكون ضمن الكتبة الموجودين معه وكان يقود له العربة ، حتى الثلاثين من العمر كان في السعودية ، ثم عاد الى الخرطوم اشترى بصات في السجانة وفتح خط السجانة الخرطوم ، تزوج والدي من أربعة نساء وعندما كبرنا سألناه عن سبب اكثاره من الزواج فقال الزواج وسيلة تواصل بين القبائل والأسر المختلفة وفعلاً بعد زمن عندما أصبحنا نفكر بطريقة صحيحة اكتشفنا رغم أنني لست من الدعاة لتعدد الزوجات لكني أعرف المزايا التي اكتسبها والدي من خلال زواجه من قبائل مختلفة تزوج من أسرة ود عيسى وثانية من أسرة الكباشي وثالثة من أسرة الفكي أحمد أسيد والأخيرة قبل والدتي كانت من الجموعية ثم طلق واحدة وتزوج والد تي وهي بطحانية ، أنجب من البنات والأولاد وكانت تربيتهم على يد والدتي فما أذكر حتى هذه اللحظة أن ثمة صراع أو أي نوع من الحساسية وحتى هذه اللحظة وانا لديّ أكثر من عشرين أخ وأخت ، لا أفرق أبداً بين الأخ من الأم والأب أم الأخ لأب ولذلك كان مسار والدي أعطاني فكرة صحيحة عن التعامل الصحيح في ربط الأسر وكان دائما يذكر ان الصحابة والمتدين دائما يحبون ربط القبائل مع بعضها عن طريق التزاوج مع بعضها البعض ، ذكرت هذه الخلفية ليعرف الناس الأسرة التي انحدرت منها حتى لا يحتار الناس في بعض الأشياء فوالدي الفكي أحمد عبد المحمود من الرجال متفتحي الذهن وكان تواق لتعليم أولاده وبناته وعندما رجع من السعودية اشترى ثلاثة بيوت بعد سوق السجانة وظل دخله يأتي من عرباته كان همه كله أن نذهب الى المدرسة و نتعلم وحتى انه في نهاية الستينات كان لا يملك غير منزل واحد كان يسكنه باع كل البيوت لتعليم أولاده ، بعض منهم لم يحالفه الحظ في المدارس الحكومية فذهبوا الراهبات والاتحاد وغيرها ، فلم يندم على ذلك ، كنت لصيقة به جداً منذ طفولتي ، لا أعرف ان كنت أنا اللصيقة أم قربني هو منه فكان هو ووالدتي يتعاقبون في توصيلي الى المدرسة ذهاباً وإياباً ويأتوا اليّ بالفطور وهكذا فعلوا ذات العملية لبقية اخوتي ، والدي من كثرة حبه لتعليمي في المدرسة كان لحصة التدبير والخياطة يأتي بالسمك واللحمة والدجاج دعما لهذه الحصة كمساعدة للمدرسة وتشجيع لي كنت مقربة الى المعلمات عبر هذا التصرف مما دعا والدتي للشك في أن والدي يريد أن يتزوج من هؤلاء المعلمات ، هذا الاهتمام وانا كما ذكرت منذ بدايتي كنت جادة وكنا في منزل صغير به ثلاثة غرف به غرفة صغيرة خصصها لي والدي منذ البداية وكتب عليها فاطمة ، أم الحسن ، أم الحسين وبقية أسماء السيدة فاطمة وعندما سألته عن دلالتها شرح لي قال لي كلما تذاكري تذكري انه في شخصيات مهمة وفي مقدمتهم السيدة فاطمة ابنة رسول الله ، فظللت في تلك الغرفة وطبعاً لم تكن فيها مروحة ولا اضاءة الا من فانوس ، ولكن كنت مجتهدة مع اجتهاد المعلمات معي ووالدتي كانت تعرف قراءة الجرائد وكانت ذكية ، عند رحيلها رثيتها بقصيدة كتبت بعض الكلمات في قصيدة اسمها أنشتاين ، نساء الجيران والأهل من خلال زيارتهم لنا كنت أشعر أنهم لا يعرفون القراءة فكنت أقوم بتدريس هؤلاء النسوة دون أن أعرف سبباً لهذا العمل الذي قمت به وكنت وقتها أدرس في مدرسة الحلة الجديدة وكانت في منزل مؤجر في السجانة ، بعد سنة انتقلت الى الحلة الجديدة ، كنت أقوم بتدريسهن ما يقدم لي في الحصة ويكون ذلك بمثابة المراجعة دون قصد مني هذا العمل جعلني أتميز على الطالبات ، أذكر من الشخصيات اللاتي قمت بتدريسهن بنات نور الدائم عمر ( زينب وعلوية) وأسيا حمد وشقيقتها وبنات أحمد أبو زيد ( ثريا وسعاد ) ، مع هذا الاهتمام نبغت مما دعا بعض المعلمات أن يطلبن الإذن من والدي لنذهب الى ندوات ومحاضرات في مدرسة المليك ، وكنت لأول مرة أرى فيها نفيسة المليك ونفيسة الأمين وعطيات حسن زلفو وبنات المهدي فإنتقلت لمرحلة غير ، فأصبح تطلعي يختلف عن الطالبات نقلت نقلة مستقبلية ، ليلى العامرية مثلتها نفيسة أحمد الأمين وانا كنت في الكتاب ، عندما دخلت الثانوي مثلت ليلى العامرية لأنها كانت في ذهني منذ ذلك الوقت ، وهكذا بدأت حياتي تستمر شخصيتين من الطالبات اللاتي قمت بتدريسهن وهم أخوات أسيا وسميحة بدر استمروا معي بالحصص التي كنت اقدمها لهم الى أن أكملوا الكٌتاب واحدة كانت نابغة جداً من منازلهم امتحنت الابتدائي ونجحت ومن منازلهم امتحنت للثانوي وأصبحت معلمة وهي حتى الآن معلمة ، هذا يوضح أن الانسان اذا وضع هدف أمامه يستطيع أن يحققه ، بعد مدة أتى اليّ عمر محمد الحسن ابن أخ نور الدائم عمر لأنه كان يرى بنات عمه يدرسن معي فقال لي أريد أن أعرفك بفاطمة أحمد أبراهيم والتومة أحمد أبراهيم ليعتبر تدريسك هذا جزءاً من نشاط الاتحاد النسائي ، وفعلاً ذهبت الى فاطمة وما كنت أعرفها ، فقالت لي انت في هذه السن لا يمكن اعتبار عضويتك في الاتحاد لكن سنزور فصلك في البيت ، فجاءوا الينا وزارونا وأكرمناهم في البيت جدا ، فاستمر هذا الأمر الى أن جاء وقت الامتحان الابتدائي وجلسنا للامتحان من منطقتنا وأذكر إنه في الخرطوم كلها لم ينجح الا ثلاثة فقط ، علوية نور الدائم ، ورفض والدها أن تواصل ما بعد الكتاب ، وثريا حسن بشير وأيضاً أسرتها رفضت مواصلتها ، أنا الوحيدة التي سمح أهلها بمواصلتها ، ولم تكن بالخرطوم مدرسة ، فتم قبولي في مدرسة كرري ، والتي كانت تدرس فيها أم سلمة سعيد ، وقد كانت لي علاقات أسرية بعدد من الناس فعندما ذهبت الداخلية وكانت تربطنا صلة بعمر الخليفة وعبد الله وسليمان الخليفة عبد الله قالوا لوالدي نحن سنقترح على بابكر بدري أن يقبل ابنتك في فصله الجديد الذي افتتح العام الماضي ، وقد كانت فاطمة احمد ابراهيم جاره لهم بالحيطة، قالوا له سنطلب منها أن تأخذها معها يومياً الى المدرسة وترجع معها وقد حصل ذلك هكذا انا في الطريق ما بين العباسية ومدرسة الأحفاد حتى أكملت فترة الابتدائية ، في هذه الفترة استجدت أشياء كثيرة في حياتي ، مدرسة الأحفاد كانت تدرس فيها سعاد الفاتح البدوي وفاطمة أحمد أبراهيم ومحاسن عبد العال و ثريا أمبابي وكلثوم عمر موسى وبنات بابكر بدري ستنا بدري وفطمة عبد الكريم بدري ، مجموعة من بنات بابكر بدري ممنوعين من الدخول في السياسة مستقلات في تفكيرهم وهمهم فقط التعليم ، فاطمة أحمد ومحاسن وأخريات كانوا في خط اليسار ( الحزب الشيوعي) ، سعاد الفاتح وكلثوم عمر موسى وثريا أمبابي كانوا يشكلون الحركة الاسلامية وسط النساء ، انا كنت أنتظر فاطمة أحمد أبراهيم حتى تكمل حصصها وبعد الحصص في المكتب يبدأ النقاش بينهن كنت أستمع لهذه الحوارات المختلفة حوار عن اليسار وآخر عن اليمين وجزء مستقل ظللت أستمع على مدى أربعة سنوات وأنا لا أشارك ليست لدي القدرة لأستوعب وأشارك ، هذا أثر في تكوين شخصيتي ، مهما حاولت أمشي الى اليسار أو اليمين أو الاستقلال ، في الآخر تكونت شخصيتي على الاستقلالية ولكن في فترة من الفترات جربت كل هذه الاتجاهات ، من الأشياء التي أذكرها عندما جلسنا لامتحان لثانوي تم قبولنا جميعاً في مدرسة أمدرمان الثانوية ، وكان الفصل يسمى بدري ، وواصلنا اجتهادنا ، كان والدي يأتي اليّ كل خميس ويأخذني معه البيت مرة وأحياناً أخرى أمشي معه الكباشي أو السروراب وأحياناً سنار، لأن ود عيسى كان مدفون هناك وكان يحرص دائما قبل كل امتحان أن يصطحبني الى هناك ويضع المصحف في قبر ود عيسى في سنار وكرر ذلك لكل أخوتي ، لوالدي علاقات أسرية بالمرجعية الصوفية مع السمانية والقادرية وغيرهم لذلك كان كثير التنقل وهذا التنقل يشكل نوع من الوعي ، وكان يقول لي خذي معك كراس وقلم لتكتبي فيه كل شئ نتوقف عنده بعد أن أشرحه لك سافرت معه الى مدني والرهد وسنار ورشاد وأم روابة والأبيض وهكذا كل سنة كانت تتكرر هذه الزيارات اضافة الى المسيد والمسعودية والنوبة والسروراب والحيرزاب ، فهو كان
رجل يحترم علاقة الرحم بدرجة التقديس ، وكان يحترم ويقدر وكان بعض الناس الذين يعرفون صلاح والده يطلبون منه قراءة الفاتخة لهم ، كان من الشخصيات السودانية المعروفة لكل الأسر بالصلاح ، هذه السفريات أثرت في تكويني كثيراً، بدون ما اقصد أصبحت ملمة بأشياء كثيرة جداً من خلال حكي والدي ومن يقابله ، ووجدت نفسي مع جيل غير جيلي لكنهم كلهم ساعدوا في تنميتي ، من الأشياء التي رسخت في ذهني أيضاً في بداية الثانوي رتبت لنا رحلة لزيارة الاذاعة السودانية قابلنا محمد العبيد رحمة الله عليه وياسين معني وعلي شمو ، وعلي شمو تربطني به صلة عائلية ومحمد العبيد أيضاً من النوبة والمسيد ، طالبات الفصل عندما طلب منهم تقديم كلمة اختاروني للحديث ، ما زلت أتذكر الكلمة التي قلتها ، فقد قلت هذه الاذاعة عبارة عن مرآة تعكس ثقافة ومستوى الشعب فإن هو أحسن أحسنت وإن هو أساء أساءت اليه ، بعد فترة من الزمن فكرت في أنني اذا طلب مني أن أقول كلمة عنها لا أستطيع أن أقول أحسن منها ، قلت ذلك وأنا في الصف الأول الثانوي ، بعد أيام جاء ياسين معني الى ناظر المدرسة ( حسن أحمد الحاج ) وقال له الطالبة فاطمة أحمد عبد المحمود قدمت كلمة في الاذاعة ونريد أن نستفيد منها في تقديم بعض الموضوعات فاشترط عليه أن يستأذن والدي لأني أسكن في الداخلية ، فذهب علي شمو ومحمد العبيد الى والدي فوافق على أن يتم التسجيل في المدرسة ، مسكت كراسة الانشاء وجدت كل الموضوعات التي كتبها خلال العام الدراسي عن الأمومة والطفولة والمرأة والأحداث التي تحدث في البلد ، فعندما جاء المدير وطلب مني أن أسجل لهم لم أكتب ولا ورقة زيادة على ما عندي بدأت أسجل كل حلقة من كراسة الانشاء وهكذا الى أن سجلت 20-30 حلقة ، فهذه كانت بدايات المشاركة العامة .. بعد ذلك جودت اللغة الانجليزية ، في المرحلة الثانوية أطلقوا عليّ( الدكشنري) لأني حفظته تماما، هذه المسألة ساعدتني في تحسين اللغة الانجليزية بالاضافة الى ذلك كنت مسؤلة عن جمعية اللغة الانجليزية والعربية والجغرافية وغير ذلك ، بعد ذلك أصبحت أقدم البرنامج الانجليزي ( ركن المرأة ) محمد العبيد وعلي شمو طلبوا مني تقديم هذا البرنامج وكان برنامج ناجح ووجد قبول معلمات اللغة بالمدرسة ، كذلك أذكر ان الأتحاد النسائي كان جوار مدرسة الأحفاد وكانت التجمعات النسائية فيه باستمرار وتتخللها الخلافات والنقاشات ، فاطمة أحمد أبراهيم وحاجة كاشف كان عندهم أجنحة ، فاطمة لأنها أستاذتي كانت تطلب مني أن أذهب معها أيام الانتخابات فأذكر كنت من أجل مساعدتها أذهب لأهلي في المسيد وأطلب منهم أن يأتوا بالنساء يوم الانتخابات لتفوز فاطمة أحمد ابراهيم ، وكانوا يفعلون ذلك وكان يدفع في ذلك بعض المال قرشين ولا ثلاثة قروش تقريباً كاشتراك هذا واحد من المواقف ربنا يغفر لنا كنا نزور ونحن صغار وانا لم أكن عضواً في الاتحاد النسائي لأني كنت دون السن القا نونية للعضوية ولكن ولائي لأستاذتي كان يدفعني للوقوف معها ، بعد مدة في المسيد شيخ المضوي أحمد ود عيسى طلب مني تكوين فرع للاتحاد النسائي في المسيد لمحو الأمية ، وأيضاً في العيلفون بعض قرائبنا ناس أحمد عبد القادر القاضي طلب مني نفس الطلب وحتى ذلك الوقت لم أكن عضواً فيه ، مضوي درس في الأزهر ، فعقد لنا اجتماع لنساء المسيد داخل المسجد وترأسه وكون لجنة للاتحاد النسائي وأذكر كان فيها محاسن أحمد النور ، وصفية عيسى ، و سميرة الشريف وغيرهم ، بعد ذلك جئت لفاطمة أحمد ابراهيم وقلت لها نحن نعمل مثل هذا في المسيد فأرجو أن تزوروه وتعتبروه فرع للاتحاد ، وكذلك فعلنا مثل ذلك في العيلفون ولكن بطريقة فيها مجازفة ولم نكن وقتها استأذنا من أهلنا اصطحبت اثنين من أخواتي أصغر سناً مني ومشينا بتري وكانت معدية بتري توصل الى العيلفون ، فكنا نفتكر أن الأمر بسيط قلنا نمشي ونرجع سريع وبعد ذلك نخبر أهلنا بعد العودة ولكن في منتصف البحر قامت (هبوب) كدنا أن نغرق لولا مشيئة الله حيث أنقذتنا المجموعة التي كانت بانتظارنا في الضفة الأخرى ، وصلنا الى هناك وكونا فرع آخر للاتحاد النسائي وكانت ترأسه فاطمة أحمد عبد القادر والى هذا الوقت هي موجودة وأختها عازة ومجموعة من النساء ، ذكرت هذه المسألة لأنها حدثت في وقت مبكر ، هذه الأشياء زرعت في نفسي حب مساعدة المرأة ومعايشة المرأة في الريف واستمر الحال هكذا وانا في الثالث الثانوي في ذلك الوقت أمدرمان الثانوية كانت كالمتحف ، كان يزورها السفراء لرؤية الطالبات ونشاطاتهم وكانوا يحضروا هذه الأنشطة في المدرسة ، كان منهم السفير البريطاني والروسي والأمريكي والألماني فثلاثة منهم أعجبوا بشخصيتي لأني كنت مسئولة الجمعية الانجليزية والعربية والجغرافية ، بدون اتفاق كل واحد منهم أتى للناظر عبدالرحمن عبد الله بدعوة عبارة عن منح دراسية واحدة للطب في الاتحاد السوفيتي والثانية للاقتصاد في المانيا وثالثة لدراسات اجتماعية في أمريكا وكل سفير أتى بتذكرته ، الناظر سلمني الدعوات الثلاثة لمناقشتها مع أهلي ، تناقشت مع والديّ استحسنوا الفكرة ، وحسب رغبتي التي كان يعلمها والدي كانت الطب فوافق والدي ونقلوا هذا الأمر للأسرة الكبيرة ، أولاً رفضوا فكرة السفر وثانياً قالوا اذا عندها الرغبة تسافر على شرط أن لا تذهب الى موسكو ، تمشي أمريكا ، لكن والدي وأخواني قالوا الغرض هو التخصص وليست البلد ، فقالوا لي رتبي حالك للذهاب الى موسكو فاضطررنا لغش بقية أهلي باعتبار أنني سأسافر أمريكا ، عملوا لي حفل وداع كان في حاجة اسمها الرودف غاردن في الاذاعة بقدمها حمدي بولاد وكان عبارة عن وداع لى لسفري الى أمريكا ، أولاد عمي وأعمامي منهم المهندس عبد الوهاب خالد ومحمد خالد وعدد كبير منهمما مازالوا أحياء عملوا لي حفل وداع خطط له أن يكون قبل السفر بيوم في القراند هوتيل ، لكن والدي قال لي الجماعة ديل اذا عرفوا الحقيقة سيمنعوك من السفر لذلك سافري قبل الحفل وفعلا سافرت وصاحبني والدي الى المطار ووصى علي محمد الحسن أحمد الذي كان رئيس تحرير لجريدة الأضواء ووكذلك وصى عمي احمد تاج الدين ابو شامة الأستاذ مصطفى فارس وقالوالهم وصلوا فاطمة الى أن تأخذ فيزتها ومن هناك والدي وصى علي أسرة عندما علموا بذلك وبحقيقة السفر الى موسكو عندما جاءوا لتأكيد دعوة العشاء قالوا لوالدي بغضب ان شاء الله الطيارة التي سافرت بهل فاطمة ما تصل وتحرق في السكة والعلاقة توترت ، عند عودتي وجدتهم في ذات المكان لم يتغيروا وانا مشيت وأصبحت طبيبة وعدت لكن بعد ذلك بفترة تغيروا و من شدة ما تغيرت أفكارهم واقتنعوا طلبوا مني أن اعمل منح لأولادهم وبناتهم ليدرسوا خارج السودان ، بدون ما أقصد أيضاً وجدت نفسي ساعدت ناس حولي وغيرت أفكارهم وهم كانوا يتمنون الموت لي ، في هذه النقطة لابد أن أوضح شيئ مهم لأن موسكو بلد شيوعية كثيراً ما كتب عن ان فاطمة عبد المحمود ساعدتها فاطمة أحمد والشفيع على العين والرأس ساعدوا السودان كله لكن والله العظيم انا لم يساعدني الا شخصي ووالدي ووالدتي وناظر المدرسة والسفراء الذين أتوا لي بهذه الدعوات المهم مشيت وكانت تجربة قاسية جداً سأكتب عنها ، عدت من تلك المنحة وكان في اعتزاز واعجاب كبير من أهلي خليفة عباس العبيد وسرور محمد رملي وعبدالرحمن النور ، سرورقدم لي عربية أمريكية رقمها 111 ونواصل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.