في منزل متواضع بخميس مشيط بالسعودية، تقطن أعداد كبيرة من أبناء سعادة الكواهلة بمنطقة ابو قوتة. وامتهن جميعهم العمل في مجال إزالة تشققات أسطح المباني عبر مادة «القار».. وجميعهم أجمعوا على صعوبة المهنة بل وخطورتها، وساقوا العديد من الأمثلة لرفقائهم الذين تضرروا منها . وأقدم العاملين في هذا المجال عطا محمد إبراهيم، فقد عمل منذ عام 1983م وما يزال برغم ما أصابه منها .. سألنا العم عطا عن أسرار هذه المهنة؟ فقال: في السابق كانت مساكن السعوديين في غالبها شعبية تتضرر أسقفها من الأمطار، لذلك جاء دورنا لاستخدام مادة القار لإزالة تشققات أسطح تلك المنازل، فقد عمل قبلنا في هذا المجال فلسطينيون تعلمنا منهم قبل أن يهجروه، فهي مهنة بالغة الخطورة، حيث نعمل عبر التسخين بإشعال النيران لتحويل مادة القار المجمدة إلى سائل بدرجة الغليان لنصعد به إلي أسطح المنازل، ومعاناتنا تكمن في احتمال تدفق السائل على حامله، وكنت أحد المتضررين، ومكثت لعدة أشهر تحت العلاج والمراقبة، بعد أن تم رتق أجزاء من اليدين والرجلين لتعرضهما للتمزق الواضح. لاحظنا أن جميع العاملين بالمهنة من منطقة واحدة؟ أي قادم لنا من أبناء منطقة ابو قوتة يجد نفسه مع من سبقوه ويلج هذا المجال رغم صعوبته، فنحن أكثر من ثمانين فردا من سعادة الكواهلة نعمل في هذا المجال، فكل ما علينا شراء سيارة بكس من الموديلات القديمة نربط عليها علامتنا المميزة، وهي عبارة عن علبة توضع اعلى السيارة كالعلم تعرف الآخرين بمهنتنا، ولكن في الآونة الأخيرة وبعد تطور المعمار والمباني قل العائد من هذه المهنة، وحرمتنا سياسة الجمارك الأخيرة من تصدير سياراتنا المستخدمة للسودان للاستفادة منها هناك، مثلما كان يحدث في السابق لمن يهجر المهنة. يقول العم عطا ذو الأربعة وستين عاما إن تعليم أبنائنا بالجامعات أجبرنا برغم تقدم السن على مواصلة المهنة لتلبية متطلبات تعليمهم الباهظة، فلدي ولدان وبنت يدرسون بالجامعات. ويضيف: إننا قد نضطر لإعادة ترميم الأسطح بدون عائد حتى وان تشققت بسبب الحفر، حفاظا على السمعة التي اكتسبناها في هذا المجال. والمهنة لا يعمل فيها غير السودانيين، ولا ينافسنا فيها احد لما تجلبه من خطر. وعملنا في الغالب بالمنطقة الجنوبية لطبيعتها المتأثرة بالرطوبة، مما يزيد الحاجة للترميم فيها.