عندما قيل إن هنالك دولاً غربية بها اسلام بلا مسلمين فهذه حقيقة تظهر بوضوح عندما تنشر الصحف الغربية فساد المسئول وتتم محاسبته حتى لو كان فى قمة الهرم يخضع للقانون ويمثل امام المحكمة، والحقيقة الاخرى ان هنالك دولاً اسلامية بها مسلمون .. فتسمع عن الفساد وتفوح رائحته حتى تزكم الانوف دون ان نرى مفسدا واحدا تتم محاسبته. نشرت الصحف الروسية ان دخل الرئيس الروسى ميدفيديف وزوجته وابنهما بلغ فى العام الماضى حوالى 120 الف دولار ولهم شقة مساحتها 368 متر مربع وارصدتهم فى البنوك 177 الف دولار ولديهم سيارة خاصة روسية الصنع فولكس فاغن موديل 1999 كما بلغ دخل رئيس الوزراء بوتين العام الماضى 180 الف دولار ولديه واسرته شقة مساحتها 157 متر مربع شقة ( وليس شقق او فلل ) واخرى مساحتها 77 متر مربع ولديه قطعة ارض على اطراف المدينة مساحتها 1500 متر مربع عليها سكن خاص به ولاسرته وقد ثبت ان دخل زوجة بوتين التى لا تعمل ( ولدينا نحن زوجات الرؤساء ايضا لا يعملن ولكن يمتلكن المليارات ) ودخل زوجة بوتين حوالى 5 الف دولار ولم يحدد مصدرها لانها دون مستوى الاداء الضريبى ( وعلينا ان نقارن ) هذا اقرار سنوى يقدمه المسئول عن ما يملك فالقانون فى روسيا يلزم المسئولين بتقديم هذا الاقرار السنوى بدخولهم وحصر ممتلكاتهم والقانون لا يلزم المسئول فقط بل هو واسرته عليهم الالتزام به كما يشمل رئيس الدولة ورئيس الحكومة والوزراء وحكام الاقاليم كما صدر امر من الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف ان يشمل القانون ايضا قيادات اجهزة الشرطة والامن والجمارك لانها ضمن الدوائر التى تحاط بكثير من شبهة الفساد .. هذه هى الشفافية التى يجب ان تسود مجتمعاتنا ويكون حكامنا مضرب المثل لان ديننا ينص على العدالة والمحاسبة ( لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ) تلك هي الشريعة الحقة ليس فيها محاباة او تميز بين رئيس ومرؤوس. الآن بعد ان تستر الحكام وتحصنوا بالاجهزة الامنية تمكنت الشعوب من ازاحة الستار وكشف المستور فبعد ان تم تدجين كافة الاجهزة وتحويل مؤسسات الدولة الى مؤسسات تعمل لمصلحة من هم فى السلطة وضاعت الاحزاب فى خضم المشاركة فى السلطة او المعارضة احيانا والمهادنة فى كثير من الاحوال ضاقت الشعوب زرعا من الفقر والجهل وتكميم الافواه وافتقدت مقومات الحياة الكريمة .. اصبحت المعاناة هى السمة السائدة .. الاطفال فقدوا حق التعليم واصبحوا يحملون هم لقمة العيش يجوبون الشوارع يسألون المارة ثمن رغيف الخبز .. والشباب لا عمل لهم والخريجون تحولت شهاداتهم الى مجرد ورقة تزين الجدار فتحولوا الى باعة متجولين ومطاردين من المحليات كما يقال ( رضينا بالهم والهم ما راضى بينا ).. الابواب مغلقة فى وجه الاغلبية ومفتوحة للاقلية لتنهب خيرات البلاد وتزداد ثراء لا احد يسألها من اين لكم بهذه الاموال والممتلكات ولا يوجد اصلا ما يلزمهم بتقديم اقرار سنوى بما يملكون ( المال السائب بعلم السرقة ) فلا احد تتم محاسبته او مساءلته حتى ساد مفهوم كاد ان يحلل سرقة المال العام .. وللاسف الشديد حتى الاجسام التى يقال انها قامت من اجل كشف الفساد والمفسدون تم انشاؤها فقط لتخدير الشعوب وسرعان ما يتم اغتيالها وتتحول الى آلية شبه منسية ( لا بتطقع ولا بتجيب الحجار ) والحديث عن اقرار ذمة المسئولين السودانيين قابله البعض بشئ من التهكم واللامبالة فالمواطن لا تعنيه التصريحات لانه اصبح يسمع جعجعة ولا يرى طحينا وهو فقط من يدفع الفاتورة وتتجدد معاناته وترهقه الازمات التى تصنعها السياسات العشوائية القائمة على المنفعة الذاتية فالازمة ازمة خبز وحرية .. فى ظل غياب تام للضمير والتلاعب بمصير البلاد والعباد اخيرا هبت الشعوب وتكسرت القيود كما قال الشاعر يارب هبت شعوب من منيتها واستيقظت امم من رقدة العدم تتوالى الاحداث والكل يحلم بالاصلاح والتغيير ولتبدأ مرحلة المحاسبة وعودة ميزان العدالة بعد ان اختل وصارت المسارات معوجة حسبى الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم.