بعد صراع وملاحقة دامت أكثر من عشر سنوات بلغت الوحدة السادسة من قوات النخبة الأمريكية هدفها باغتيال عدوها الأول زعيم القاعدة الشيخ/ أسامة بن لادن/ في عملية حربية تقودها المروحيات استهدفت مقره المجاور لأكاديمية عسكرية في بلدة «أبت أباد» بالقرب من العاصمة الباكستانية اسلام أباد وألقى بجثمان بن لادن في بحر العرب حتى لا يتخذ قبره مزاراً حسب الرواية والتبرير الأمريكي الذي بدا جاهلاً بأبسط أدبيات فكر السلفية الجهادية في محاربة الطواغيت عموماً «والقبوريين» خصوصاً ممثلين في الطرق الصوفية التي تمجد مشائخها وتضفي عليهم هالات من التقديس خاصة حين يشيد النقباء أعمدة الضريح وينسبون لصاحبه الكرامات واتيان الخوارق للطبيعة . لقد فشلت القوى العظمى وحلف شمال الأطلسي في بلوغ «عش النسور» قاعدة «الأفغان العرب» في طورا بورا التي شكلت أهم قاعدة عسكرية للجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفيتي السابق قبل أن تتحول الى ملجأ آمن من ملاحقات قوات التحالف الأنجلو سكسوني وتحدى المجاهدون العالم بوسائل بدائية جداً حيدت التطور التكنولوجي المتقدم الذي يستخدمه الغرب، فما كان الأمريكان ليصلوا الى بن لادن الا بدعم استخباراتي باكستاني وعربي مهم ربما ناتج عن تحقيقات معتقل «غونتناموا» بحسب افادات التقارير الاخبارية لقناة الجزيرة الفضائية . سرد الكاتب الصحافي الأستاذ/ عبد الباري عطوان رئيس تحرير جريدة «القدس العربي» اللندنية في كتابه «القاعدة التنظيم السري» قصة مقابلته للشيخ/ أسامة بن لادن يرحمه الله في طورا بورا متناولاً رداءة طعام العشاء الذي قدم لضيافته والمكون من البطاطس المقلية والبيض والجبن المالح الذي أعتقد الكاتب انقراض تناوله حتى في قرى الصعيد المصري، ولما كان واقع حياة المجاهدين وطعامهم بخلاف توقعات عطوان المترفة سجل في كتابه ما نصه : «فيما راح الرجال يأكلون طعامهم، سرحت في تفكيري وتساءلت عما دفع هذا الرجل، ابن الأكرمين، الذي ينتمي الى أسرة معروفة تملك المليارات، الى أن يعيش هذه الحياة الخشنة، وسط هذه الجبال الخطرة المقفرة، يواجه كل هذه المخاطر، ينتظره الموت في كل منعطف، وتتصيده جهات عديدة. في تلك اللحظة تحديداً، شرع الشيخ بن لادن يتحدث عن عدم خوفه من الموت، وعن رغبته في الشهادة، وعن مدى الأسى الذي يشعر به لأنه ما زال على قيد الحياة. وعندما تحدث عن رفاقه المجاهدين الذين غيبهم الموت، والذين سيدخلهم الله فسيح جناته، بحسب ما يؤمنون، رأيت عينيه تغرورقان بالدمع، وبدا واضحاً أنه يشعر بتأثر شديد» . استنكرت غالبية المسلمين استهداف القاعدة للمدنيين الأبرياء في الغرب أو في غيره من بقاع العالم وعلى رأسهم الكاتب الفلسطيني عبدالباري عطوان نفسه الذي أدان هجمات القاعدة على نيويورك ولندن، ولكن لم يجرؤ الغرب يوماً على ادانة العدوان الاسرائيلي ومجازره المتتالية في الأراضي المحتلة . . وكان بامكان عملية كوماندوز عسكرية كالتي اغتالت بن لادن أن تقضي على خلايا القاعدة النائمة بدلاً من الجرائم الأمريكية والابادة الجماعية التي طالت ملايين الأبرياء العزل في أفغانستان والعراق والتي فرخت الارهاب الدولي ثم تراهم يتساءلون في بلاهة «لماذا يكرهوننا ؟!»