٭ (أظنني) استمعت إلى اللواء شرطة عابدين الطاهر (مدير الادارة العامة للمرور) أكثر من مرة وهو (يشدِّد) على عدم قانونية نزع رخصة القيادة من صاحب العربة بواسطة شرطي المرور مهما كان نوع المخالفة المرورية التي ارتكبها.. ٭ بل (أظنني) استمعت إليه كذلك وهو يقول إن من حق مرتكب المخالفة - من سائقي السيارات - الامتناع عن دفع مبلغ التسوية إلا أمام القاضي.. ٭ وأقول (أظنني) من باب التحوط حتى إذا ما ثبت أن اللواء عابدين لم يقل شيئاً من ذلك تعللت بأن (العتب على السمع).. ٭ وقد أحجمت عمداً هنا عن الإشارة إلى نوع آخر من الظن المعرفي وهو ذاك المتعلق بالنظر خشية أن يُقال لي إذا ما تحججت بأن (العتب على النظر): «كيف تقرأ وتكتب إذن؟!».. ٭ ومناسبة الإشارة إلى (الظن) هنا مروري بتجربة (شدّ) الرخصة رغم (التشديد) ذاك الذي أشرنا إليه من تلقاء مدير إدارة المرور.. ٭ فحاولت الاتصال باللواء عابدين - بعد أخذ رقم هاتفه من زميلنا الطاهر ساتي - ولكن محاولاتي كلها باءت بالفشل.. ٭ وفي خضم هذه المحاولات فوجئت بزميلٍ لذاك الذي أخذ مني الرخصة يعيدها إلى مع إعتذار رقيق من جانبه ويطلب مني بلطف أن (أتفضل).. ٭ ولكن مناسبة الاشارة إلى (الشدّ) في كلمتنا اليوم هو (تشديد) على ضرورة (شدِّ) الأحزمة صاحبه هو اللواء عابدين أيضاً.. ٭ فقد قال مدير الإدارة العامة للمرور إن الالتزام بربط الحزام لن يكون وقفاً على السائق وإنما يشمل جميع الراكبين ولو كانوا في المقاعد الخلفية.. ٭ ولكن سعادته لم يشرح لنا كيفية (شدِّ) رسوم التسوية في هذه الحالة إذا ما كانت المخالفة جماعية.. ٭ فهل يدفع السائق عن كل راكب غير (رابط) للحزام غرامته أم أن (الربط) واحد ولو تعددت المخالفات؟!.. ٭ أيَّاً كان الأمر فلا (أظن) أن اللواء عابدين تخفى عليه حقيقة واضحة وضوح الحزام (المرسوم) - حسبما أشار مرة - على القميص الأبيض.. ٭ حقيقة ان السودانيين معتادون على (شدِّ) الأحزمة بأنواعها كافة طوال سنوات الإنقاذ.. ٭ فهم في حالة شد دائم للأحزمة على البطون والجيوب والأفواه كنايةً عن الجوع والفلس و(التكميم).. ٭ (المكان) الوحيد الذي يصلح لل(شدِّ) - لدى السودانيين - ولا يزال (حراً) هو العنق.. ٭ والفرق بين شدِّ الحزام على العنق هذا وشدِّه على (المناطق) الأخرى أن الأول يؤدي إلى الموت السريع بينما الثاني يتسبب في تعذيب (الضحية) الى أن تموت موتاً بطيئاً.. ٭ ألم يسمع أخونا عابدين بأناس ماتوا مثل هذه (الميتة) عقب فصلهم تعسفياً، أو إحالتهم إلى الصالح العام، أو التضييق عليهم في أرزاقهم؟! ٭ وسوف نكون (متفهِّمين) تماماً إذا ما رد علينا سعادة اللواء بأنه لم يسمع بشئ مثل هذا (مطلقاً)، ولكن هذا هو الحاصل دون أن نقول إن (العتب على الذاكرة).. ٭ وبما أن السودانيين - إذاً - لم يبق في أجسامهم موضع - عدا العنق - إلا وفيه شدَّة حزام فلن يضيرهم في شئ أن يُضاف إلى هذه الأحزمة حزام أو حزامان.. ٭ فلنربط الأحزمة - أيها السودانيون - دون أن نستثني حتى أطفالنا (المتكوِّرين) في المقاعد الخلفية.. ٭ فهذا النوع من الأحزمة هو الوحيد الذي تُنشدُ عبره سلامتكم.. ٭ وقد أبدى لي زائر أجنبي قبل نحو عام استغرابه من عدم اكتراث السودانيين لسلامتهم المرورية هذه بترك حزام الأمان (سليماً) كيوم صنَّعته شركته.. ٭ ولنحمد الله - رغم كل شئ - على أن أعناقنا مازالت (أبيةً) تستعصى على أي شكل من أشكال (الشد).. ٭ نجوع؛ نعم.. ٭ نُفصل تعسفياً؛ نعم.. ٭ نُحال إلى الصالح العام؛ نعم.. ٭ يُعاث في أموالنا فسادٌ (إلى حين)؛ (نعمين).. ٭ ولكن أن نُذَّل أو نُهان؛ فلا وألف لا.. ٭ فإن حدث هذا فليُطلَق نحونا أصحابُ (أحزمة شد العنق).. ٭ ثم يُصاح فيهم: (شدُّوا الجرذان).