كم مضي من الزمن على الكلمات التي اطلقها السيد رئيس الجمهورية بخصوص تكوين مفوضية لمحاربة ومكافحة الفساد ؟ من او ما الذي يقف في وجه قيام هذه المفوضية المطلوبة ؟ ان حكومة الانقاذ وهي تتجه للاحتفال بآخر اعيادها اواخر الشهر القادم عليها ان تتذكر كافة الوعود التي قطعتها علي نفسها ومنت بها الشعب السوداني ثم لم تلحق اقوالها بافعال ، نعم عليها ان تتذكر الشعارات الكثيرة التي سقطت بمرور الايام والشهور والسنوات.. شعارات كان لها بريق مثل نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع والله يا الامريكان ليكم تسلحنا وغيرها من الاقوال التي لم تتحول قط الى افعال بيد ان الحديث عن تكوين مفوضية لمحاربة الفساد ثم النكوص عنه يمثل علامة فارقة في طريق الثورة ورجالها الذين يبدو انهم تطاول عليهم الامد . ان التفسير الطبيعي لعدم بروز فعل باتجاه تكوين مفوضية الفساد يشير الى وجود ممانعة قوية للفكرة والسبب برأي وهو ما كتبت عنه قبل فترة يعود الى وجود مراكز قوى داخل السلطة ترى في المفوضية المعلن عنها تهديداً لمصالحها وبالتالي من الواضح انها عمدت الى (فرملة) المسألة الى حين تسوية الملفات التي يمكن ان تسئ الى الحزب وإلى حكومته وهو السبب الذي يجعل من الصعوبة بمكان الفصل بين فساد الحزب وفساد الحكومة ولكن ومع ذلك يتوجب على رئاسة الجمهورية التحلي ولو بجزء يسير من إتباع القول بالعمل فالاعمال الكبيرة عادة ما تحتاج الى شجاعة بحجمها وربما يتغير الرأي العام المحلي حول تورط كافة مؤسسات السلطة في الفساد المستشري وتتجه اصابع الاتهام الى نفر قليل من جملة الحاكمين واتباعهم وتبقى فقط عملية فرز الكيمان لتسهيل عمليات المحاكمات بعد الادانات. ان ما يجري اليوم في الجارة مصر من محاكمات للكبار بخصوص المال والفساد واستخدام السلطة هو عينه ما سيحدث في السودان اذا ما قدر للبلاد ان تسير باتجاه التغيير القسري وقبل ان يقال الجميع متورطون في الفساد على الشرفاء داخل السلطة ان يقوموا بالعمل الصائب ويسارعوا بتكوين مفوضية محاربة الفساد ويسموا لنا احد الشرفاء من ابناء الشعب السوداني ليقوم بمهمة تفعيل عمل المفوضية ثم يجعلها نبراساً تهتدي به الاجيال القادمة مع تعاقب الحكومات واصناف الحاكمين، نعم جربوا ان تقوموا بالقسط والعدل ولو على انفسكم فتقدموا سارقي المال العام وناهبي ثروات الشعب للمحاكمات العلنية ليحفظ لكم التاريخ هذا العمل قبل ان يحاكمكم ببقية اعمالكم ، ان المستفيد الاكبر من قيام المفوضية هم الاجيال القادمة وفيها بالطبع ابناؤكم فلماذا التأخير هداكم الله ؟. قد تابعنا من قبل تكوين الحكومة للمفوضيات المختلفة ولم نشهد تأخيراً في تكوينها وتسهيل اجراءاتها مثلما هو عليه الحال حين الحديث عن تكوين مفوضية لمكافحة الفساد وحتى اذا قلنا ان المسألة تخضع لعملية فك ارتباط حتى لا تتأثر مصالح الحزب الحاكم فإن عملية فك الارتباط طالت بالقدر الذي يجعلنا نتساءل هل العملية صعبة لهذه الدرجة بحيث تستنفذ كل هذا الوقت وكم هو حجم الفساد المرتبط بالسلطة؟