القوة المشتركة تكشف عن مشاركة مرتزقة من عدة دول في هجوم الفاشر    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. حسناء أثيوبية تشعل حفل غنائي بأحد النوادي الليلية بفواصل من الرقص و"الزغاريد" السودانية    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    اللجنة العليا لطوارئ الخريف بكسلا تؤكد أهمية الاستعداد لمواجهة الطوارئ    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهمة جديدة للمكتب الرئاسي (أبوقناية) يقود حرب الفساد


(أبوقناية) يقود حرب الفساد
تقرير: ابوالقاسم ابراهيم*
عندما سئل الرئيس عن الفساد فى السودان وعن أن الإنقاذ لها أكثر من عشرين عاماً بالسلطة.. ولا يمكن أن يكون كل قياداتها أطهار لدرجة ألا يحاكم أحد من قادتها طوال هذه الفترة الطويلة، رد ساخراً:" طيب إذا ما في مفسدين كبار نحن نخلقهم؟!!"، وأضاف البشير فى سياق حديث سابق ل(السوداني) أننا درجنا دائماً على اختيار خيار القيادات لذا فمصطلح مفسدين كبار ما بتلقاه، فالإنقاذ مبنية على قواعد وأخلاق الحركة الإسلامية ولها عدد كبير من الكوادر، ففي الموقع الواحد يكون مرشح قرابة ستين قيادي، فمن قبل ثبت أن أحد المحافظين أفسد، في نفس اليوم سحبت منه الحصانة وقدم للمحاكمة ومن ثم سجن فلا كبير على المحاكمة.
لم يمض سوى شهرين على التكهنات التى راجت فى نهاية سبتمبر عن اتجاه لتكوين آلية برئاسة الجمهورية لمحاربة الفساد يتولى قياداتها، وكيل المالية الآسبق د.الطيب أبو قناية، حتى أصدرت رئاسة الجمهورية قرارا يقضي بإنشاء آلية لمكافحة الفساد في أجهزة الدولة مع متابعة كل ما ينشر ويبث عنه في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة. وأقر القرار التنسيق بين رئاسة الجمهورية والجهات المختصة في وزارة العدل والمجلس الوطني في استكمال المعلومات والتقارير بشأنها، فيما تم تعيين د.الطيب أبو قنايه مسئولا عن مهام الآلية بقرار جمهوري آخر أصدره رئيس الجمهورية المشير عمر البشير.
قرارات البشير
"يجب ألا نتستر على الفساد، فهو مرض لو تفشى ستكون النهاية، ولكن فى ذات الوقت يجب ألا نأخذ الناس بالشبهات وعلى كل من يدعي بوجود فساد أن يقدم بيناته على ذلك"، هكذا كان رئيس الجمهورية عمر البشير يتحدث مساء السادس عشر من فبراير الماضي فى لقاء بقطاع طلاب الحزب الحاكم بقاعة الشهيد الزبير، قبل أن يعلن عن إنشاء مفوضية قومية لمكافحة للفساد، معتبرا أن واحدة من المشكلات التى تعتري عمل الجهاز الإداري ما يتعلق بتجاوز اللوائح المحاسبية، ليشدد البشير حينها على ضرورة الالتزام بالإجراءات المتبعة في تسيير أموال الدولة، ومضى أيضا الى ضرورة المراجعة الداخلية داخل الوحدات الإدارية حتى يتم تقليل التجاوزات، لافتا فى ذات الوقت الى أن حوارا واسعا سيجري حول تشكيلها، مؤكدا على أن عضويتها ستكون قومية.
وفى ذات السياق قال البشير: "القوانين الموجودة كافية للحفاظ على حقوق الدولة والمواطنين"، وأضاف البشير فى حوار سابق ل(السوداني) أن هناك حاجة لآليات لإعطاء نوع من الطمأنينة للمواطن، وقال البشير:"إن الإنقاذ هي الحكومة الوحيدة في تاريخ السودان التي منحت المراجع العام وضعية لم يأخذها من قبل، وشدد على أنه راض تماما عن أداء الدولة في مكافحة الفساد ولكن إنشاء الآلية يأتي ل"طمأنة المواطن، فالآلية الهدف منها متابعة ما يأتي في الصحف لأن في بعض المرات الصحف بتجيب كلام مرات – تقرب تنقط الحروف - فمثل هذه القضايا المفوضية تتابعها" – على حد تعبيره-
وقد وجد حديث البشير احتفاء كبيرا من قبل الصحافة وهى ترى أن المؤتمر الوطني يدشن الجمهورية الثانية عبر آليات قوية لمكافحة الفساد، لتجد تلك المفوضية احتفاء غير مسبوق، بل ذهب البعض أبعد من ذلك وهو يتطوع بتقديم مقترحات بأسماء يظن فيها الكفاءة اللازمة لتولي أمر المفوضية.
ولكن فى ذات السياق تردد على نحو واسع أن إعفاء د. الطيب أبوقناية من منصبه كوكيل لوزارة المالية والاقتصاد الوطني، مثل خطوة تمهيدية لانتقاله للمكتب الرئاسي بالقصر الجمهوري للعب دور حيوي فى تلك المهمة ليتولى أمر مفوضية مكافحة الفساد، مستندين فى ذلك على ما يتمتع به أبوقناية من ثقة الرئيس به بحكم عمله السابق بالقصر، بجانب خبرته فى مجال التدقيق والمراجعة الداخلية.
جدل قاتل
ليدور جدل واسع بعدها فى المشهد حول جدوى إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد فى ظل وجود آليات أخرى لمكافحة الفساد، لينزوي الحديث عنها قليلا قبل أن يعود للواجهة فى اليومين الماضيين بحديث البشير عن صرفهم النظر عن إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد،) إن إنشاء مفوضية الفساد بهكذا شكل يجعلها جسما حكوميا، وأضاف البشير فى تصريحات صحفية نهاية سبتمبر الماضي: " كان من المفترض وجود جسم غير حكومي يقوم على الشفافية لمكافحة الفساد، وكحكومة، فإن وزير العدل قدم رؤيته وطرحه حول هذا الأمر، ونعتقد الآن أن هناك الكثير من الآليات الحكومية الكافية لمكافحة الفساد تتمثل في قانون الثراء الحرام، وهو قانون متقدم بتفعيله يمكنه تغطية ومعالجة جزء كبير من الفساد. أما الجسم الثاني فهو ما يسمى بنيابة المال العام، وأعتقد أن هذين الجهازين كافيان جدا لتغطية الجهد الحكومي لمكافحة الفساد، والمتبقي هو الجانب الشعبي الذي يتمثل في المفوضية".
حركة وسكون
ويبدو أن حديث البشير الآخر كشف بوضوح وجلاء عن انتصار التيار الرافض لإنشاء المفوضية لاعتبارات تتعلق بأن وجودها يعطي الفساد بعدا أكبر، وهو ما لا يتناسب مع حقيقة حجمه على أرض الواقع.
فى المقابل فإن التيار الذى كان يرى ضرورة إنشاء المفوضية يرى أن ذلك يمثل مظهرا إيجابيا ويؤكد أن الحكومة على درجة عالية من الالتزام فى مكافحة الفساد، مشددا على أن الدولة تحتاجه وبشدة لأنه يعمل على تحجيم الفساد واحتوائه وتقليله بقدر الإمكان في المستقبل وأن الاعتماد على الأجسام الديوانية الموجودة لا يجدي، ولكن هذا التيار انزوى مؤخرا فى انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع.
وفى ذات السياق تأسف البشير لأمرين يتعلقان بمكافحة الفساد أولهما يتعلق بغياب البعد الشعبي، أما ثانيهما فيتعلق بدور الصحافة تجاه هذا الملف، وقال: "الصحافة بدلا من أن تشكل الرأي العام أصبحت تتأثر بالكلام الذي يدور في المجالس دون أدلة دامغة" غير أن البشير استدرك وكشف عن أنهم لم يصرفوا النظر تماماً عن المفوضية ولكنهم لجأوا لآليات أخرى لتعزيز مكافحة الفساد وقال: "بدلا من أن ننشئ مفوضية لمكافحة الفساد، هناك اتجاه لعمل آلية داخل مكتبنا لمتابعة ما يكتب في الصحف عن الفساد والتحري عنه".
جهود موفورة
ترى بعض قيادات المؤتمر الوطني أن الحكومة فى أعلى مستوياتها لا تدخر جهدا لمكافحة الفساد، وأن الحديث عن الفساد لا يخرج فى كثير من الأحيان من باب الدعاية السياسية وتصفية الحسابات الشخصية.
ويقول المقرر السابق لدائرة حقوق الإنسان والحكم الراشد بالمؤتمر الوطني هيثم حسن إن من أهم برامج الجمهورية الثانية مكافحة الفساد في البلاد نافيا أن يكون هنالك فساد مؤسسي مطالبا من لديه بينة أن يقدمها للرأي العام, وأشار الى أن وجود مفوضية خاصة بالفساد أمر غير مبرر في ظل قيام المراجع العام بدوره في التقصي عن الفساد ويحيل القضايا لوزارة العدل.
واعتبر حسن في حديثه ل(السوداني) أن الغرض كان من المفوضية زيادة حساسية الدولة تجاه ما يثار عن الفساد، منوها الى أن كثيراً من الأحاديث المرتبطة بالفساد مسيسة. ويمضي حسن في حديثه ويقول إن القيادة السياسية والتنفيذية بالدولة تصنف قضايا الفساد لثلاثة أنواع، النوع الأول هو الاختلاس بواسطة موظف عام، وهذه جريمة يعاقب عليها القانون، النوع الثاني هو فساد للقيادات التي توقع العقودات الكبيرة التي يأخذون فيها عمولات، وكما قال الرئيس البشير نحن نتحدى أن يكون هناك فساد في أي من مشروعاتنا الضخمة التي نفذناها في البترول واستخراجه ونقله وتصديره وتمريره، أو في مجال البنيات الأساسية من طرق وجسور وسد مروي وتعلية خزان الرصيرص، نتحدى أن يكون هناك موظف عام حصل على عمولة في هذه المشروعات.
الفساد الأخطر
أما الفساد الأخطر والحديث ما زال لهيثم فهو فساد المؤسسات الأمنية والعدلية، وهذا هو الفساد المؤسس الذي يكون محمياً بالأجهزة الأمنية والعدلية ومن يحاول محاربته يواجه بهذه الأجهزة، وهذا فساد يشكل خطراً على الدولة، ولفت فى ذات الوقت الى أن الأجهزة السياسية والتنفيذية والتشريعية وضعت حزمة من الإجراءات والضوابط لتقلل من هذه المظاهر فعلى سبيل المثال تم تمكين ديوان المراجعة من أداء عمله، وهو جهاز مستقل تماماً عن الجهاز التنفيذي ويعمل بحرية كاملة ويقدم تقريره للمجلس الوطني، وبعد أن يناقشه المجلس الوطني ويضع توصياته حوله يأتي المراجع العام ليسلم تقريره ومعه توصيات المجلس الوطني فيتم تحويله للجنة برئاسة وزير العدل لتنظر في المخالفات التي يظهرها تقرير المراجع العام.
ليتم بعدها تصنيف هذه الحالات بواسطة اللجنة، بعضها تكون أخطاء إدارية وعدم التزام باللوائح المالية والمحاسبية، بعضها قد يكون تجاوزات وهذه تحول للمحاكم، ليسترد المال المنهوب، فهناك قضايا إدارية تكون عقوبتها إدارية، وهناك قضايا فساد واختلاس فهذه تمضي للقضاء.
قوانين غير مفعلة
فى الاتجاه الآخر ثمة من يرى أن الخطوة تعكس اهتمام رئيس الجمهورية من زوايتين أولهما اهتمامه بمحاربة الفساد المسنود بالأدلة، الأمر الثاني هو عمله عبر هذه الآلية لوضع حد لما يثار دون بينة حول هذه الملفات والتي يمكن أن يتم إدارجه فى سياق المكايدات السياسية.
غير أن بعض المراقبين يرون أنه لا بديل للمفوضية سوى المفوضية، حيث أن العديد من القوانين التي من المفترض أن تساهم في محاربة الفساد غير مفعلة كقانون الثراء الحرام فهنالك جزء كبير منه غير مفعل كإقرارات الذمة وأن هذا الأمر يعتبر " مفسدة كبيرة" بجانب وجود العديد من الثغرات مثل التحلل الذي يعني إذا أعاد الشخص المخطىء المال ينبغي إعفاؤه من المساءلة الجنائية والمساءلة المدنية وهذا يعتبر خطأ كبيرا. ويشيرون الى أن القانون أعطى بعض العمومية. ويضيفون أن ذات القانون مفعل فقط في قضايا شيكات الربا والشيكات الآجلة على حسب القانون الجنائي معتبرا أن من ضمن مهام المفوضية أن تقوم بحملات توعوية وتثقيفية توضح فيها مخاطر الفساد على الاقتصاد والبلاد وأن تتركز الأنشطة التعبوية على الجانب الفقهي توضح رأي الدين في الفساد والمفسدين.
اشتراطات محددة
ويرى مراقبون أن تكوين مفوضية تكمن أهميته لأن بعض المؤسسات والوزارات ترفض أن تخضع للمراجع العام ومبدأ المراجعة والمحاسبة مما يثير الشبهات. من المفترض في المفوضية أن يكون لها وضعية أعلى من الوزارات والأجهزة الأخرى، فالسودان كما أن القوانين العادية قد تعجز عن التعامل مع بعض القضايا المطروحة وبالتالي لابد من توفر شروط معينة في إنشاء المفوضية لسد الثغرات الموجودة مع إيجاد محاكم ذات اختصاص إداري تواكب تطور القانون.
وفى ذات الوقت هناك من يرى أن إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد يجب أن يتم باشتراطات محددة، فمن المفترض أن تقوم المفوضية بدور المحتسب الذي يرد المظالم ويمنع الفساد مع العلم أنها لا تتدخل في الأجهزة القائمة أصلاً بل هى آلية رقابية لها أحوال محددة مسؤولة عنها، وتكون لها سلطاتها المباشرة ومن كل ذلك لابد من وضع معايير عالية لاختيار أفضل الكفاءات.
ويقول رئيس مركز تنمية المجتمع بكلية شرق النيل د.عبد المتعال قريشاب إن إقامة مفوضية قومية لمكافحة الفساد كان بمثابة خطوة إيجابية وجدت الترحيب من قطاعات واسعة، وأضاف قريشاب ل(السوداني) أن تلك الآلية يجب أن تؤسس ولكن بشروط محددة أبرزها أن تكون آلية مستقلة بعيدة عن تأثير الهيئات التنفيذية حتى تقوم بمهامها على أكمل وجه وتتكون من أعضاء ذوي حياد وغير حزبيين، كما يجب ألا تصبح كتقارير المراجع العام.
شروط مساعدة
ويزيد قريشاب أن مثل هذه الآلية فى حال تأسيسها بهذا الشكل لا يمكن لها النجاح دون توفر حرية التعبير والنشر كشرط أساسي لإنجاح عملية الرقابة، بجانب احترام القضاء. ويقول أيضا هناك في عدد من دول العالم منظمات لمحاربة الفساد، ولكن منظمات المجتمع المدني هنا تعمل في هامش ضيق جدا.
غير أن الناشط فى مجال مكافحة الفساد فتحي حسن عثمان يؤكد أن الفساد لا يكافح إلا بتوفر الإرادة السياسية على أعلى مستوى بالدولة، ويضيف في حديثه ل(السوداني) أنه لمحاربة الفساد بفعالية فلابد من توفر بيئة ديمقراطية كاملة ليتم كبح الفساد، ويمضي فتحي فى حديثه ويقول: إذا لم يتوفر ذلك فإنه لا يمكن مكافحة الفساد حتى لو تم إنشاء مفوضية مهما كان شكلها ولن يعدو الأمر مجرد حرث فى الحرب.
ويلفت فتحي الى أن مكافحة الفساد يتم عبر حزمة من الإجراءات تبدأ بالعمل المجتمعي للتوعية بمخاطر الفساد، هذا فضلا عن إصلاح قانوني ومؤسسي يعزز قيم الشفافية عبر تعزيز دور الصحافة، وتفعيل القوانين القادرة على حماية المال العام.
فى ذات الوقت يقول وزير العدل مولانا محمد بشارة دوسة فى حوار سابق له مع (السوداني) موجها حديثه لأهل الصحافة بأن حديثكم يبين وكأنكم تفرحون بوجود مفسدين وتفرحون باكتشافهم. وبدلا عن ذلك دعونا نفرح بعدم وجود مفسدين في بلادنا، وهذا هو الأصل، الأصل في الأشياء الإباحة والأصل في الأشياء هو سلامة ذمم الناس. ويضيف بصيغة مؤكدة حتى هذه اللحظة لم يتبين لي أن هناك ذمة فاسدة أو مشتبه فيها، وإن تم فسوف نحقق في ذلك وسوف نملك الإجراءات القانونية والمعلومات للناس إذا تأكد فساد شخص.
رأس الآلية
وبالتدقيق فى مسيرة رئيس الآلية نجد أن مدير إدارة التنمية السابق بوزارة المالية ووزير المالية المكلف بولاية النيل الأبيض حافظ عطا المنان يصف د.الطيب أبوقناية بأنه محلل كبير وله قدرة عالية على تتبع القضايا الى جانب خبراته الواسعة في المراجعة والعمل المحاسبي ويتسم بالتدقيق والعزيمة على تحقيق الأهداف مشيراً الى أن عمله بوازرة المالية مديراً للمراجعة استطاع أن يضع بصمات واضحة وكبيرة لا تخطئها العين.
وأكد حافظ على الإضافة الكبيرة التي يمكن أن يحققها بعد انتشار الفساد وأردف: "إذا اطلقت يده يستطيع أن يؤدي عمله بكفاءة عالية جداً" وأضاف: "صحيح البحث عن الحق قد يخلق (حزازات) مع بعض الأشخاص".
وقال حافظ: "أنا شخصياً اختلفت معه داخل وزارة المالية ولكن لم يؤثر ذلك الخلاف على بعضنا لأنه كان في صميم العمل فهو رجل لا يحول خلافات العمل الى خلافات شخصية"، وتحدث حافظ عن النجاحات التي حققها أبوقناية في المراجعة بأنه نجح في وضعها في الإطار السليم من خلال القانون الذي بذل جهودا كبيرة في إخراجه ومنح المراجعة وزنها وقيمتها وأدخل العمل المحاسبي.
وأوضح خبير اقتصادي قريب من الدوائر التي عمل بها أبوقناية طلب عدم ذكر اسمه أن أبوقناية لم ينجح كوكيل لوزارة المالية لصعوبة تعامله مما جعله غير محبوب بعد أن تسلم مهام وكيل للمالية وقال إن الطريقة التي يتعامل بها أبو قناية مع الآخرين تجعله في خلافات وصدامات دائمة مع الأطراف التي تتعامل معه ولكن المصدر قال ربما الكارزما التي يتمتع بها أبوقناية وصعوبته في التعامل وخلفيته كمدير للمراجعة يحقق نجاحا في وظيفته الجديدة، وأردف: "لكن طريقة تعامله قد تجعله يصطدم بالكثيرين".
من جهة أخرى قال الخبير الاقتصادي د.محمد الناير إن وظيفة مدير مكتب مكافحة الفساد لا تتطلب الحديث عن الشخصية، وأضاف: "مقومات النجاح لا تتوقف على الشخص نفسه بقدر ما تتوقف على الكوادر والإمكانيات من وسائل وغيرها حتى يستطيع أن يغطي الوحدات والمؤسسات الحكومية على الأقل على مستوى المركز"، وتابع: "حتى ينجح أبوقناية في مهمته الجديدة هناك مقومات لابد أن تتوفر منها إعطاء المكتب القوى اللازمة حتى تجعل من يعتدون على المال العام يهابون منه مهما كانت شخصية المعتدي الى جانب العدالة أي أن تطبق المساءلة في القضاء على الفساد بالعدالة والتساوي. أن لا يحاسب شخص ويترك آخر. تحتاج الى التجرد وعدم الخضوع للضغوط وتحتاج الى السند القوي من رئيس الجمهورية ويحتاج الى بعض الجوانب التنسيقية مع بعض المؤسسات منها ديوان المراجع القومي وتنسيق مع نيابة المال العام في متابعة وحسم ملفات الذين تعدوا على المال العام، كما يحتاج الى وجود معايير للفساد غير المالي والمتعلق بتجاوز الإجراءات وعدم الالتزام بالقوانين وعدم الحفاظ على أصول الدولة وعدم حرص المؤسسات على تأمين أموال وأصول الدولة. كلها مجتمعة يمكن أن تساعد على تحقيق النجاح وإذا كان مجرد تعيين ولم تتوفر المعينات السابقة يصبح عبئاً إضافياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.