شهدت قاعة منتدى دال الثقافي أمسية ثقافية في اطار نشاط المنتدى الشهري عن المسادير، تحدث خلالها الاستاذ محمد الفاتح ابو عاقلة.. وقدم الامسية الشاعر محمد طه القدال الذي قدم بعض الاضاءات حول موضوع الأمسية، قائلاً: فن المسدار ينبني على شعر الدوبيت، له أربعة مقاطع مثل قول عبد الله حمد ود شوراني في مشهور قوله: غاب نجم النطح والحر علينا اشتد ضيقنا وقصر ليله نهارو امتد نظرة المنو للقانون بقيت اتحدىّ فتحت عندي منطقة الغنا الانسد وتبدأ الرحلة بمكان وتنتهي بآخر، وبين المكانين يندلق الزمن وسيل من الشوق والحنين لمحبوب بعيد تشرئب الروح للقياه.. ويشاطر الجمل صاحبه توقا وشوقا، وتنداح أمواج من المعارف تبدأ بالجمل نفسه هيئته وقوته وسرعته وامه وابوه وجده وحبوبته، ولا تنتهي بطبغرافيا الارض.. فالمسدار دائرة معارف متكاملة ينكب عليها شاعرها، يتحلق حول شاعرها او راويها اهل الحي جميعهم. والأعجب أن غالب المسرحيات الشعرية السودانية جاءت بالدوبيت، فلم يجد الشاعر الفذ ابراهيم العبادي ورئيس شعراء جيله ما يكتب به «طه ود دكين» الا الدوبيت، وكذلك الاستاذ المسرحي الشاعر خالد ابو الروس في ملحمته «خراب سوبا». وكتب شعر الدوبيت الشعراء الفطاحلة محمد ود الرضي وصالح عبد السيد وعتيق وعبيد وخليل فرح وسيد عبد العزيز، قبل أن يكتبوا عذب الغناء في فترة الحقيبة. وتخللت الامسية قراءات وانشاد لشعر الدوبيت من الشعراء احمد الامين القدال والشاعر النمير مضوي دفع الله. وبدأ الاستاذ محمد الفاتح ابو عاقلة حديثه قائلاً: مسادير البطانة في تراثنا الشعبي دالة الاسم مقلوب سرد، بمعنى حكى وربما هي من سدر أي انطلق لا يلوي على شئ واصطلاحاً هي غناء ذو نفس طويل يصف رحلة الشاعر على ظهر دابته وتحركه من مكان إلى آخر، وتعني مرعى السعية ويقصد بها أيضاً القصائد المادحة الطويلة التي تصف الرحلة إلى الحجاز للحج، وتعنى مكان سرحة البهائم والسعية على حد قول العاقب ود موسى ما دام أم قجة صادرة وسادرة في المسدار شن جابر على الحش والملود الحار والمسادير انواع كثيرة نذكر منها مسادير المنازل والعين، وهي رحلة وسفر عبر فصول السنة ومنازلها، ورصد للاحوال التي تعتري الشاعر في كل منزل من تلك المنازل شعراً، كمسدار العين لعبد الله حمد ود شوراني، كذلك مسادير السفر والشيوم، وهي رحلة شعرية وتنقل من مكان لآخر، وفيها يخاطب الشاعر بعيره ورفاقه كمسدار عبد الله الدكيم عبد الله الدكيم زمنك كلو تاكل ساي مسدار الناقة «جقلة» وهو مسدار الأبل لعبد الله أحمد علي ادريس، ومنها مسدار جقلة لنمير مضوي دفع الله الهليف، كذلك تحدث ابو عاقلة عن وسائل المسادير، الابل رقاعة الدية قافاها البليب طرباء وفي القطارات يقول منافع ود مكي: سفرا أصلو بالمخصوص خطر مو لايق وفي العربات مسدار البص النيسان والطائرة كما عند البرعي. ومن وظائف المسدار واهميتها ذكر ابو عاقلة انه خزانة للقيم والمفاهيم، وتسلية للمسافر، ووصف جغرافي وتاريخي للقيم، ومصدر خصب للغة العامية ذات الارتكاز الفصيح، وهو كذلك مصدر وثائقي مهم، وجنس من الأجناس الفولكلورية الشفهية التي تميز الثقافة الشعبية السودانية، وأفق ثقافي ومعرفي وتربوي، وعن البناء العضوي للمسدار تحدث عن ٭ التعميم والنية: قلبت شديد وفوق ضهرو المنسل حدو ما غبت سيرو لا من سرجو حادث قدو بارك منتظر تعب السفر ما بهدو قصدوا يواغل الفي عصر وكايد ندو ٭ الانطلاق كما في مسدار الشرّاد لود شوراني: قام من ميركو الشراد يخب متزايد عارف سيدو مصحبلو السهر مو رايد ٭ تفاصيل المسار والصدف: وذلك في قول أحمد عوض الكريم أبو سن: غشيت عد الصياغ نشحتو فيه نشاح ختر واتوجه الغافي المسيلو وشاح ٭ الفرح بقرب الوصول: في قول ابو سن ديك شاقة هيافة وداك سليما السدر سروبه الديم بدا لك يا الجرايدك قدر ٭ إناخة البعير وراحة الزاملة: كما في قول الصادق في مسدار قوز رجب: هجرتو حناسة حليت القشاط من دايرو سلام يا قصيبة النيل الغراقي جزايرو ٭ مشاعر الشاعر عند الوصول: يقول العاقب ود موسى دخلت البيت لقيت ستو المتمم ذوكه شفت المرتبة الحادق مكوع فوكه ٭ موسيقى المسادير كما جاء بالورقة بين بحور الهزج والرجز والخبب. كما قدمت الورقة شرحا للفرق ما بين المسادير والدوبيت، فالمسدار يتكون من مجموعة من مربعات الدوبيت، وكثيراً ما ينشد العتيبيون المسادير بكاملها كما في أداء صديق عباس والصديق رانفي ومحمد أحمد ود بلة. وما بين المسادير والأدب العربي القديم «الشعر الجاهلي» خاصة في الاعتماد على الرواية والانشاد في كل، ويأتي دور الرواة في نقل ونشر الشعر. يقول المثقب العبدي: إذا ما قمت أرجلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين ويقول امرؤ القيس: درير كخذروف الوليد أمره .. تتابع كفيه بخيط موصل ويقول لبيد: مضى وقدمها وكانت عادة ٭ منه اذا هي عردت أقلاها وعند الحاردلو خلاهن رتوع في بغيل وخرجة نال لا من دور الوادي السرى سيال وختم ابو عاقلة بلغة المسادير وصوره فقال: لغة المسادير هي العامية السودانية بخصائصها المعلومة التي تتمثل في ابدال الحروف، الزيادة، النحت، استعمال ال بمعنى الذي، ادخال الياء على المضارع للدلالة على الحال والاستقبال، الترخيم، تشديد الحرف الأخير، الامالة بالياء، وقد تختلط ببعض اللغات السودانية القديمة، وقد تتضمن بعض الألفاظ الانجليزية وغيرها. حرة متوصلة وجمعت خصايل الريد يمين مجنونة لا بمسكو الحبل لا القيد نضمك كلو أقين قايل مع الترديد ومسدار الصيد أشار إليه الاديب الموسوعى عباس محمود العقاد، وقال عنه إنه غير مسبوق في الأدب العربي: الشم خوخت بردن ليالي الحرة والبراق برق من منا جاب القرة شوف عيني الصقير بي جناحو كفت الفرة وشملت الورقة أسماء بعض مشاهير شعراء المسادير عبد الله أبو سن، ابراهيم ود الفراش، ود السميري الفادني، شوراني، الشريقاوي، الحاردلو، ود الشلهمة، ود كروم وغيرهم.