مستشفى مدنى الشهير بمستشفى اللواء 20 تم انشاؤه فى ثمانينات القرن الماضى بدعم اتحادى للمساهمة فى علاج الأطفال وتوفير العناية والرعاية الكاملتين ، ومن مهام المستشفى محاصرة الأمراض المعدية كالنزلات المعوية وأمراض الجهاز التنفسى والهضمى والاهتمام بالأطفال حديثى الولادة عبر الاشراف المباشر والعناية المركزة الى جانب استقبال الحالات المرضية المستعصية بهدف العلاج والاستشفاء . وقد اراد القائمون علي امر المستشفى أن يخدم أكبر شريحة من الأطفال لولايات الجوار « الجزيرة ، سنار ،النيل الابيض وولاية القضارف » وولايات أخرى فتم تأسيسه بصورة علمية ووفق نظام مدروس بدءاً بالهيكل الادارى وتوزيع القوى العاملة من اختصاصيين وأطباء عموميين وكوادر تمريض وصيادله وعمال ونظام ،وقسم خاص بادارة التغذية ولكن اخيرا بدأ المستشفى يتراجع نحو الوراء من خلال تدنى مستوي الخدمة وتدهور خدماته الى ابعد الحدود وضعف الاهتمام بالأطفال المرضى ،فاصبح البعض بتخوف من دخوله حرصاً على سلامة ابنه من خطر انتقال العدوى،وذلك لان المستشفى يفتقر للحجر الصحى لبعض الحالات ، فالطفل الذى لا يعانى من الالتهابات يمكنه ان يلتقطها من داخل العنبر فيزداد مرضاً على مرض . البعض من الاباء يرى أن أطفالهم دخلوا المستشفى بسبب التهابات بسيطة فتدهورت حالتهم الصحية أكثر ، ويشير بعض مرافقي الاطفال المرضي الي ان من ابرز اسباب التردى عدم التزام الاختصاصيين بجدول وردياتهم اليومية وتجاهل متابعة المرضى والانشغال بعياداتهم الخاصة ،ويشير الاباء الي ان الاختصاصى عند الذهاب اليه فى عيادته يتعامل بتحضر و«بال طويل» ويتابع حالة الطفل جيداً ويدقق فى فحصه وعندما تتم مقابلته فى المستشفى يتحول لانسان أخر في تعامله . هذا ما لمسته وأنا أتابع حالة أبنى «محمود» حيث مكثنا بالمستشفى «5» ايام ، كل يوم يمر كأنه عام مثقل بالالام والأوجاع ، فبين متابعة المريض ورحلة البحث عن الدواء فى صيدليات التأمين الصحى وملاحقة الطبيب وتغيير الدواء بين الفينة والأخرى وتكاليف الأكل والشرب والتى تكلفك عشرات الجنيهات فى اليوم تتضح المعاناة ، وما يثير الدهشة لا يوجد مبرد واحد داخل المستشفى يروى ظمأناً ما يجعل المرء يلهث وراء العلاج فيضطر مرغماً لشراء أكثر من «10» قارورات من ماء الصحة سعر القارورة «1» جنيه في اليوم الواحد ، همست فى سرى وأنا أحاول أن اطرد عن نفسى وسواس الشيطان الخناس وحديث النفس ترى كم الأموال التى يجنيها صاحب هذا المتجر الصغير بالمستشفى والذى يبيع لرواد المستشفى عفواً اقصد مرافقى المرضى. اللافت للنظر ارتفاع قيمة تذكرة الدخول التي تبلغ جنيهين ، احتج البعض على السعر ولكن لم يجدوا اذناً صاغية من البواب وحراس المستشفى ، هممت بأن أدخل يدى فى جيبى لأخرج بطاقتى الصحفية والاعلامية والتى كتب علي احد وجهيها يسمح له بدخول كل المرافق الحكومية ، فعدلت عن رأيي صوناً لكرامتى حتي لا تهان هويتى فى مثل هذه المواقف. وتساءلت عن النظافة المثالية ولماذا هذه المغالاة فى سعر التذكرة والتضييق على الناس الذين يتكبدون المشاق ويأتون من فجاج الأرض احياء لسنة عيادة المريض والتفريج عن المهموم والمكروب ، وأين هذه النظافة المثالية المعلنة ؟ فرغم وجود عمالة أجنبية تعنى بأمر النظافة ، لكن مستوى النظافة غير جيد فروائح الصرف الصحى تزكم الأنوف وكل شئ داخل المستشفى من قاذورات يوحى بالقرف ، فلا توجد دورات مياه داخل المستشفى خاصة بالرجال فالبعض يقضى حاجته فى العراء دون حجاب والمكان الوحيد الذى يمكن ان تستريح فيه هو المصلى وهو عبارة عن مسجد صغير به عدد من المراوح لا تعمل بسبب أعطال بسيطة لم تمتد اليها يد الاصلاح .