رغم أن الزمن مازال طويلا على انقضاء دورة الرئاسة الحالية والتي فاز بها مرشح المؤتمر الوطني المشير عمر البشير، كما هو معروف وأصبح بذلك هو رئيس البلاد بنتيجة تلك الانتخابات التي ثار حولها الجدل واللغط بين الجد و»الخج»، إلا أن موضوع الدورة الرئاسية القادمة أصبح هاجساً يؤرق مضاجع قيادات الحزب فلم تكف عن الادلاء بتصريحات متقاطعة بين الحين والآخر حول مرشح الحزب للرئاسة في الانتخابات القادمة بعد أربع سنوات من الآن، البعض يجزم بعدم ترشيحه من قبل الحزب، والبعض ينقل بالإنابة عنه عدم رغبته بل وزهده في الترشح، وفئة ثالثة تتخذ موقعاً وسطاً بين هؤلاء وأولئك وتمسك العصا من منتصفها وتقول ان أمر ترشيح البشير من عدمه لدورة رئاسية أخرى حديث سابق لأوانه وعندما يأزف ذلك الأوان فان مؤسسات الحزب وحدها هي التي تقرر مرشحها، وتؤكد هذه الفئة أن القرار للحزب وليس لأي شخص حتى لو كان عدم الترشح هو رغبة الرئيس الشخصية، واللافت والمربك وما يثير الريبة في هذا الجدل المتقاطع والذي لم ينقطع بين قيادات الحزب وفئاته وشرائحه هو أنه يثور ويتفاعل ويخرج للعلن في وقتٍ باكر جداً والدورة الرئاسية الحالية الممتدة لخمس سنوات ماتزال في بدايتها بل في عامها الأول وهو أمر غير مألوف لا تفسير له سوى أن هناك «شيئاً» ما يدور داخل «دهاليز» هذا الحزب الذي يبدو واضحاً أنه منقسم على نفسه منذ هذا الوقت المبكر حول مرشحه القادم لرئاسة الجمهورية.. الآن وعبر صحيفة الشرق القطرية أعلن رئيس المؤتمر الوطني المشير البشير بنفسه عدم ترشحه للدورة الرئاسية القادمة، ليس ذلك فحسب بل أعلن دعمه لترشيح أحد الشباب لأعلى منصب في الدولة، ولا نعلم مدى نهائية قرار الرئيس بعدم الترشح مجدداً وما اذا كان يملك زمام نفسه في هذا الامر وليس الحزب أو بالأحرى «الحركة الاسلامية» هي من يتحكم في مصير منسوبيها، فكلما ارتفع قدر عضو فيها بالترقي إلى أعلى أو نزل مقامه درجة في سلم وظائف الميري أو حتى لو خُسف به بعيدا وخرج من مولد الوظائف العليا بلا حمص، إلا وقال وما أنا إلا ابن لهذه الحركة، ربّتني ورعتني وكفلتني وكبّرتني، فأنا نتاجها ولولاها ما كنت شيئاً، فلتفعل بي ما تريد وأين أرادتني ستجدني خادماً مطيعاً وابناً باراً لا يعصى لها أمر، ولكي لا ننجر وراء جدال المؤتمر ونغرق في لجة أمر يخصه حول مرشحه القادم للرئاسة وما إذا كان عدم ترشيح البشير هو أمر جدي أم محض تكتيك، سننصرف عن الخوض في تفاصيل الجدال ونختم بلفت نظر الحزب إلى «بيضة أم كتيتي» ذات الخيارين، التي تعترض طريقه، أن لا يرشح البشير فقط وانما يجلب له الفوز بأي ثمن، أو أن لا يرشحه برغبته او بدونها، وهذا وضع يضع الحزب تماماً امام خيارات من يقع نظره على بيضة أم كتيتي «كدا ووب وكدا ووب» «لو شلتها كتلت أمك وأكان خليتها كتلت أبوك»، وهذه بالضبط هي خيارات الحزب في الانتخابات القادمة، فمن جهة يحتاج لمواصلة تحديه للجنائية وتأمين شخص الرئيس عبر الموقع الرئاسي، ومن جهة أخرى قد يجد نفسه في موقف حرج ومحرج إن لم يجارِ مد التغيير الذي انتظم العالم العربي وقبل ذلك حاجة البلاد الحثيثة له...