كنانة، المرات، قدوم الجبل، جبل مويلح، التمدة، القرضة، الهجا، القطينة، طابت، تبسة، كمصورو، قر، الحفير الحلة، ام بيض ردود، عبد السلام، بيدة، ام دسينة، اوضة، ام جداد، ترة تك، مشطنات، الحفير، بلولة، عرديبة، وغيرها من مئات القرى في مناطق الجبال الشرقية التي ظلت لا تجد غير الاهمال الشنيع من الحكومات سواء على المستوى الاتحادي او الولائي.. ورغم ما خلفه التهميش من حالات غبن اجتماعي، الا ان مواطني تلك المناطق من الوطن ظلوا يتحرقون شوقاً انتظارا لاية بوادر تنموية حتى يخرصوا لسان من يمشي بينهم بالفتنة، فكانت شبكات الطرق الدائرية التي بدأت بولاية شمال كردفان بطول «2300» كيلو في تصنيف يصعد بالولاية للمرتبة الاولى من ناحية شبكات الطرق على المستوى القومي. «الصحافة» انتقلت عبر الطريق الدائري ام روابة العباسية الرشاد ابو جبيهة الي مواطني القرى والفرقان الواقعة على جانبي الطريق، في سعي لمعرفة دلالات تشييد الطريق عند عامة الناس، وقبل ذلك لا بد من الاشارة الى ان وزارة الطرق والجسور قد عمدت الى تقسيم الطريق الى عدد من القطاعات بغية التعجيل بإنهاء تشييد الطريق. «الصحافة» توقفت بمدينة العباسية تقلي واستمعت الى عدد من مواطني القرى والبلدات، الذين تحدثوا عن التحول المرتقب، فيما طالب بعض الاهالي بعمل ردميات وطرق فرعية لربط القرى بالطريق لضمان التواصل خاصة في فصل الخريف، يقول يحيى عمر اسماعيل صاحب ورشة بمدينة العباسية، إن المنطقة كانت تعيش في حالة انفصال تام عن العالم بدءاً من مايو وحتى نوفمبر من كل عام، بسبب اغلاق الطرق بواسطة الخيران العميقة، خاصة ان تربة المنطقة من نوع الطينية المتشققة. واضاف يحيى أن المنطقة تبعد عن مدينة ام روابة مسافة «85» كيلومترا الا ان الاهالي مضطرون الى قطع هذه المسافة في مدة تصل الى «8» ايام كاملة في بعض الاحيان بسبب الخريف. ومن جانبه ذهب صالح ابراهيم سليمان الى ان بعض التجار يستغلون حالة العزلة التي تصير اليها المنطقة، فيقومون بمضاعفة اسعار عدد من السلع الحيوية مثل السكر والزيوت، وذلك لتحقيق مكاسب مادية، كما ان السماسرة يعمدون الى خفض اسعار المحاصيل التي بطرف المزارعين والمنتجين، وبالتالي فهم يكسبون من ناحيتين، فهم يرفعون اسعار السلع التي بمحلاتهم ويخفضون اسعار الحبوب والحيوانات، غير أنه وبمجرد افتتاح الطريق الجزئي فإن النتيجة جاءت في مصلحة العامة وبصورة مذهلة، كما ان الردميات التي اكتمل تشييدها في كل القطاعات ازالت اسباب العزلة بصورة كاملة. خديجة حماد تحدثت مشيرة الى ان المرأة هي اكثر الشرائح الاجتماعية سعادة بتشييد الطرق الدائرية بجنوب كردفان، لان المرأة كانت من ابرز الضحايا لغياب الطريق. وكشفت خديجة عن وفاة المئات من النساء بسبب الولادة المتعسرة في كل عام، لعدم توفر الاسعاف، اما الآن فقد اسهمت شبكة الردميات التي انتشرت في انقاذ ارواح المئات، مما يعني ان اكتمال شبكات الطرق سيحدث نهضة اجتماعية كبيرة بالمنطقة، كما ان هنالك ضحايا الافاعي والحوادث الذين توفوا بسبب عدم توفر اسباب الاسعاف. خديجة التي كانت تقف بجانب نسوة اخريات وراء كوم من جوالات الطلح والصباغ، اشارت الى ان الطريق قد زاد دخولهن من خلال بيع المنتجات المحلية من طلح وصباغ وفحم، مشيرة الى ارتفاع عدد الزبائن الذين يأتون بالعربات الفارهة من اهل البنادر. مالك الحاج من بلدة التومات تحدث ل «الصحافة» قائلا إن الطريق قد أسهم في التواصل الاجتماعي، كما يضاعف من عائدات الثروة الحيوانية والمنتجات الزراعية، خاصة أن سماسرة المحاصيل كانوا في السابق يستغلون انفرادهم بالمنتجين، اما الآن فإن المدة الزمنية التي تستغرق في الوصول الى ام روابة لا تتجاوز الاربعين دقيقة. واشار مالك الى ان شبكات الطرق تساهم في تحسين البيئة السكنية، مستدلا بمدينة العباسية التي باتت تنتشر بها المساكن الفخمة بعد أن بدأت بيوت القطاعي تتوارى خجلا أمام المنازل الجديدة. وطالب مالك وزارة الطرق والجسور بالالتفات للقرى والبلدات البعيدة عن الطريق، من خلال عمل ردميات تمكن اهالي تلك القرى من التواصل مع العالم. وخلص مالك الى جدوى مشروعات الطرق بالمنطقة، قائلا: «كان معظم الناس بهذه الانحاء يتفاعلون مع شعارات الحركة الشعبية التي تطالب بالثورة وإزالة التهميش، غير أن الصورة تغيرت الآن ولم تعد أعلام الحركة مرفوعة فوق المنازل.. لقد انتهت شعبية الحركة مع الطريق». ويمضي مالك الحاج الى ان شبكة الطرق التي تشهدها الجبال الشرقية وعموم جنوب كردفان، اسهمت بقوة في صحوة الانتماء للوطن، وذلك ما لمسناه بين أهلنا في المنطقة، وعليه لا بد من عمل المزيد من شبكات الكهرباء والمياه». موسى هارون محمد قال ل «الصحافة»: «الطريق الدائري يعني إحداث انقلاب في حياة الناس.. وهو انقلاب نحو الأفضل .. صحيح أن الشوط مازال بعيدا ولكن العزاء هذه الجديَّة التي نلمسها من الشركات والزيارات الميدانية.. انها سابقة في تاريخ المنطقة ان تلتقي في الخلاء مع وزراء وولاة وهم في زيارات لتتبع سير العمل، مما يعني أن هذه المشاريع الطموحة سترى النور قريبا جدا ووفق ما خطط لها». وطالب موسى هارون بضرورة عمل جسور في بعض المناطق والقرى حتى لا يعود الناس للانغلاق مرة اخرى. وأشار موسى إلى أن المنطقة كانت تعاني شحا في موارد المياه، غير ان عددا من الآبار والحفائر التي شيدتها الشركات لزوم أعمال الطريق قد أسهمت بقوة في حل مشكلة مياه الشرب في عدد من القرى، بالرغم من أن الأمر يتطلب نقل المياه بواسطة الدواب إلى القرى والفرقان.