وأخيراً يعقد مجلس تشريعي ولاية الخرطوم ورشة لحل قضايا التعليم المتعلقة بالإجلاس والكتاب والزي المدرسي بالولاية! فمن هُمْ يا ترى أعضاء تلك الورشة التعليمية العظيمة؟ إنهم ليسوا معلمي الولاية ولا خبراء التربية بالبلاد، ولا حتى أولياء أمور الطلاب، وحتى لا نشطح بخيالنا بعيداً فإن جُلّ أعضاء تلك الورشة كانوا من اتحاد الغرف الصناعية! فما الذي يمكن أن يناقشه اتحاد الغرف الصناعية لحل مشاكل التعليم؟ « لقد اتهم المتحدثون الدولة بوأد صناعة النسيج، وطالبوا بصناعة الزي المدرسي محلياً، وحذروا من أن الملابس المستوردة تؤدي إلى زيادة الأمراض الجلدية» الانتباهة 1/6/2011م. وكنا نتمنى أن يُسهب أولئك المتحدثون في تحديد طبيعة تلك الأمراض الجلدية التي تسببها الملابس المستوردة، هل هي كاروشة أم حنكلو أم سرطانات؟ فالخطر لا يحدق بأبنائنا فحسب؛ فجميعنا يلبس الملابس المستوردة، وأظن أن أعراض تلك الأمراض الجلدية قد أصابتني منذ أن قرأت ذلك الخبر المرعب! ثم من أين جاءت الورشة بتلك المعلومة الخطيرة؟ فحسب علمنا أن الورشة لم تكن تحتوي على اختصاصيين للأمراض الجلدية، أو خبراء في مجال الملابس المستوردة! ونحن لا نلوم اتحاد الغرف الصناعية على تلك الاجتهادات المقدرة التي أراد أن يساهم بها في حل قضايا التعليم، ولكننا نلوم مجلس تشريعي ولاية الخرطوم على خلطه للأوراق الذي انتج لنا مثل هذا العبث المرير! فلو كانت مشكلة التعليم في الزي المستورد كما زعم المتحدثون، فلماذ يتدهور مستوى تلاميذنا بالمدارس الحكومية الذين يرتدون الأزياء العسكرية المحلية؟ وما الذي يجعل تلاميذ المدارس الخاصة يتفوقون أكاديمياً بالرغم من أنهم يرتدون الملابس المستوردة؟ وكان ينبغي أن يقضوا الحصة في حكحكة جلودهم الموبوءة بالأمراض! أما ردّنا على دعوة رئيس غرفة النسيج بتوحيد الزي المدرسي، فإننا نقول له: لو كانت هنالك ملابس تسبب أمراضاً جلدية كما تزعمون، فإنها تلك الملابس الحكومية المخيفة التي فُرضَتْ على أبنائنا فرضاً من أجل تحقيق مصالح الذين يستثمرون في صناعتها وبيعها! نأمل أن يعقد مجلس تشريعي ولاية الخرطوم ورشة أخرى لمناقشة قضايا النسيج، ونتمنى أن يُدْعى لها المعلمون وخبراء التربية واختصاصيو الأمراض الجلدية والتناسلية ليقوموا بتحديد مواصفات الزي المدرسي الذي يريدونه لأبنائهم، ويضعوا خطة علمية لتطوير صناعة النسيج بالبلاد لتواكب مواصفات العصر، ووقتها سنكون حللنا مشكلة الملابس المستوردة، وبعدها سنتفرغ لمشاكل التعليم!