قد لا يصدق احد عند سماعه ارقام ومعدلات الطلاق التى تصدرها المحاكم الشرعية بجنوب دارفور .. انها ارقام تتصاعد يوما بعد آخر بصورة تفوق معدلات الزواج الامر الذى جعل الكثيرين يقفون عند الظاهرة ويطالبون بضرورة بحث الاسباب بترو بهدف حماية المجتمع من مآلات الامر. لقد بات تردد اعداد كبيرة من النساء للمحاكم يوميا امراً ملفتا للنظر وتأتي القضايا بدعاوى (الطلاق للغيبة ، النفقة ، الضرر، ) واحيانا (الطلاق للعنة) والظاهرة ليست باستثناء جنوب دارفور وحدها ، اذ سجلت اعلانات الطلاق بولايات دارفور معدلات كبيرة بصحف الخرطوم وبات الامر ملفتا لنظر القراء ، مما يدفع البعض للتساؤل عن الظاهرة اسبابها وسبل تداركها . وقد عزا الكثيرون الامر للحالة الاستثنائية التي تمر بها الولايات الثلاث فى ظل الظروف التى تعيشها دارفور من حروبات ونزوح وتشريد ، فيما اعاد آخرون الامر الى دواع اقتصادية يمر بها انسان المنطقة طالت النظام الاسري وانعكست آثارها على المرأة التي غدت اكثر الشرائح تضررا في وقت وصف فيه البعض الظاهرة بانها عنف يمارس ضد المرأة من قبل البعض . حدثنى احد كاتب العرائض (عرضحالات) من الذين جلسوا امام المحاكم اسمه صديق آدم ان عدد النسوة اللائي يلجأن اليه لكتابة شكاويهن في تزايد لافت يتراوح عددهن بين (10-15) امراة يبدين رغبتهن في الطلاق او رفع دعوى قضائية ضد ازواجهن. ويقول صديق ان اغلب القضايا تتعلق بالطلاق للغيبة والعسر والفشل في توفير مقومات المعيشة وكسوة الاطفال وكشف صديق ان اغلب النساء اللائي يضطررن للمحاكم يعشن ظروفا انسانية قاسية جدا وبالغة التعقيد وقال صديق ان غالبية النساء لا يفضلن البوح باسباب معاناتهن امام الاخريات حتى لا يقفن على مشاكلهن فتصبح الواحدة منهن عرضة للقيل والقال لذلك تفضل الواحدة منهن المجئ للمحكمة في سرية تامة ونوه صديق الى ان قضايا الانفاق على الزوجة وبنيها و طلاق الغيبة يتصدران جدول اعمالهم اليومى حكايات النسوة اللائي يضطررن للمحاكم تثير الشفقة فالبعض تركهن الازواج لعشرات السنين ولم يعد يعرف له مكان وبينهن من تعرضن للضرب من قبل ازواجهن بسبب الطلبات اليومية من اكل وشرب وكسوة . وقال ان ظاهرة الطلاق لعدم الانفاق واحدة من اكبر مهددات المجتمع ويرى حقوقيون بالولاية ان سبب ارتفاع معدلات الطلاق يعود لعدم الانفاق في شئون ( الاطعام ، الكسوة ، المصروفات المدرسية ، السكن ، المرض ) بسبب زيادة عدد الزيجات للرجل الواحد في بعض الحالات اضافة الى الغلاء الطاحن والتدهور الاقتصادى بولايات دارفور ما ادى لفقدان البعض لاعمالهم ومصادر دخلهم وهذا الامر منتشرر بصورة واسعة وسط النازحين بالمعسكرات. ويذهب بعض الباحثين في الحراك الاجتماعي الى الظروف التى مرت بها دارفور كان لها الاثر الاكبر فى تدهور العلاقات الزوجية وتفكك الاسر واضمحلالها . ويرى خبراء الاجتماع بان تعدد الزيجات كان له الاثر الاكبر فى تدهور العلاقات الزوجية ، في وقت تنتشر فيه ظاهرة التعدد وسط اهل دارفور اذ ينظر الى الرجل صاحب الزوج الواحدة ينظر له با عتباره لم يكمل رجولته (وانه لا يحق له الونسة مع الرجال اذا تحدثوا اوارادوا ان يبدوا وجهات نظرهم فى اى قضية جمعتهم ) وهذا مما يدفع الآخرين للانخراط فى ان التعدد فى الزوجات دون النظر لاستصحاب الظروف الاقتصادية للزوج يشكل جزء من الازمة اذ تنشب الخلافات بين الزوجين فتفشل جميع المساعى لحل الاشكالات وديا فتضطر المرأة للذهاب للمحكمة للفصل فى قضيتها ومن اسباب الازمة قصر نظر الزوجة في بعض الحالات اذ يقمن بادخار كل مايأتيهن من مصاريف يومية بخصوص الاكل ورعاية اطفالها فى صناديق التكافل الاجتماعى والذى يعرف (بالعلبة) ما يثير حنق الزوج فيتوقف عن الصرف وربما غادر عش الزوجية محتجا فتضطر النسوة الى القضاء.